يتساءل محبّو العهد، والآخرون أيضاً، عن الأسباب والعوائق التي تكبِّل حركة العهد العوني وطموحاته المشهودة، وعن أسرار تمنّعه عن إظهار رغبته العملية في إنجاز ما كان يعد بتحقيقه يوم كانت الرئاسة مقيمة في سجن الفراغ؟
أين الجنرال ميشال عون ذاك، الذي كان الشرر يتطاير من كلماته، وصوته، ووجهه، ويديه الإثنتين بأصابعهما العشر؟
الناس موعودون، أو هم وعدوا أنفسهم، بأن وصول الجنرال الى قصر بعبدا يعني فوراً وتلقائياً وصول الناس الى حقوقها، ووصول الماء والكهرباء الى كل المناطق والمنازل، أربعاً وعشرين ساعة على أربع وعشرين.
وموعودون كذلك، أو هم وعدوا أنفسهم، بالقضاء على الفساد وأهله وجيوشه فور الإطلالة الأولى للرئيس بعد انتهائه من إداء قسم اليمين الدستوريَّة. مع عودة الدولة والمؤسّسات والقوانين، والاستقامة، والانتظام، والأمان...
ثمة التباس في هذا الصدد. وشبه صدمة، ولا نقول خيبة لأن العهد في بداياته. والأمل لا يزال كبيراً، مع الاعتراف بأن انطلاقة العهود تبدأ عادة في الأيّام والأسابيع الأولى، لا في المراحل الأخيرة.
وانجازات عهد الرئيس الأمير اللواء فؤاد شهاب التي بدأت مسيرتها في الأسبوع الثالث لتوليه الرئاسة، لا تزال تشكِّل شاهداً صادقاً... ولو بواسطة الأطلال المتبقيَّة من جور الحروب والأزمات والإهمال والاستلشاق.
والحقُّ يُقال إن الآمال استيقظت من رقدة العدم، وعادت الابتسامة الى وجوه لا تحصى، وعلى أساس أن الرئيس الذي سيرفع المظالم ويركِّز مكانَ ومكانةَ ميزان العدالة قد وصل موكبه الى قصر بعبدا وسط الزغاريد والهتافات.
حتى الخصوم، وأولئك الذين أظهروا يأساً لا يُردُّ من عودة لبنان الذي كان، صارحوا مَنْ حولهم بأنَّ البلد ذاهب الى مرحلة جديدة، يمكن الركون إليها بعد وصول الرئيس القوي الذي كان كل شيء يفتقده. وكان اللبنانيّون يفتشون عنه بالفتيلة والسراج، وينتظرونه لينتشلهم مع لبنانهم قبل فوات الأوان.
فما الذي حصل، وما الذي تغيَّر أو طرأ، وهل من المبكر طرح هذه الأسئلة على الرئيس القوي، ومنها ما يتصل بقانون الانتخاب، ثم الفساد والنهب والتسيّب، فالتأخير غير المبرر في نفض الدوائر بصورة عامة، وتنظيف المؤسَّسات والادارات، وإعادة الهيبة والوقار والاحترام الى القوانين والأنظمة؟
الهجمة السياحية الخليجيَّة العربيَّة الدوليَّة التي سمع ضجيجها مِن بيروت سكتت فجأة، وبدأت التساؤلات تتحوَّل يأساً وندماً.
فخامة الرئيس، ننتظر وقفة عزّ منك، تعيد الناس خلالها الى تفاؤلهم وترجع الطمأنينة الى نفوسهم.
الياس الديري - "النهار" - 3 آذار 2017
إرسال تعليق