افتتحت القوات اللبنانية معركتها النيابية من البترون، عبر إعلان اسم خلف النائب أنطوان زهرا. الأخير غاب عن اللقاء ومناصروه انتقدوا ترشيح فادي سعد. وعدا عن «الخلافات القواتية الداخلية»، تبدو خطوة معراب موجّهة إلى «الحليف» جبران باسيل
غاب أول من أمس النائب أنطوان زهرا عن لقاء «تسلّم وتسليم» مقعده النيابي في منطقة البترون إلى الأمين العام السابق للقوات اللبنانية فادي سعد. المقعد الفارغ في الصفّ الأول داخل القاعة التي عقد فيها رئيس الحزب سمير جعجع مؤتمره الصحافي لإعلان اسم مرشحه، لم يكن مُخصّصاً لزهرا. كان هذا كرسي جعجع الذي «شغر» بعد انتقاله إلى المنصة لإلقاء كلمته.
ليس أمراً عابراً أن يغيب زهرا عن حدث كهذا. وليست مقنعة إجابة زهرا (على سؤال «الأخبار») بأنه كان مشاركاً في جلسة اللجان النيابية لمناقشة سلسلة الرتب والرواتب، والتي تزامنت مع المؤتمر الصحافي في معراب. ألم يكن باستطاعة قيادة القوات تعديل توقيت اعلان اسم مرشح إلى انتخابات نيابية أصبحت بحُكم المؤجلة؟ ولماذا لم يتغيّب زهرا عن «اللجان» في «حَشْرة» كهذه؟ مقاطعة الأخير احتفال معراب فتحت الباب أمام سجالٍ وأحاديث، استعادت زمن الخلافات بينه وبين سعد يوم كان الأخير مسؤولاً عن منطقة البترون متَّهَماً بنقل الأخبار السيئة عن زهرا إلى جعجع. القلوب المليانة بينهما بانت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حين انتقد أعضاء في فريق عمل زهرا وآخرون مؤيدون له وصْفَ سعد لنائبهم بأنه «ظاهرة إعلامية».
«لا نعرف صراحة سبب مقاطعة زهرا للمؤتمر»، تقول مصادر معراب الرسمية التي يهمها أن تؤكد نقطتين؛ أولاً، «لا علاقة لخطوته بكل ما يُشاع عن موقف زهرا من التحالف مع التيار الوطني الحر». أما النقطة الثانية، فتتعلّق بالتباينات في منطقة البترون «والتي تقف عند هذه الحدود. طوني سيكون في مقدمة الناس الذين يقاتلون من أجل القوات». إذاً، تُقرّ مصادر معراب بوجود خلافٍ داخلي، ولكن يحلو لها أن تُطلق عليه تسمية «تباينات حزبية» وتصفها بـ»الطبيعية».
ليس غياب زهرا الأمر الوحيد الذي أثار الاهتمام، بل أن تكون «البترون البداية»، عوض أن تلجأ القوات إلى استنهاض القواعد في أقضية أخرى معركتها فيها أصعب مما هي عليه في «بوابة الشمال». هل السبب أنّ البترون هو القضاء الذي يُمنّي رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل نفسه بأن يتحالف فيه مع القوات حتّى يضمن فوزه بالمقعد النيابي، وكان يرغب في أن تضم اللائحة مرشحاً قواتياً من آل حرب من الجرد؟ فسعد ليس من الجرد حيث الثقل العددي للناخبين، وحيث زعامة بطرس حرب. وبعدم ترشيح جرديّ، تكون القوات كمن يقاسم العونيين صحنهم الانتخابي في الساحل والوسط. تبدو خطوة جعجع الاستباقية موجّهة ضد جبران باسيل أكثر من أي شخص آخر.
تردّ مصادر معراب بأنّ إعلان المرشح «هو للقول إنّنا حسمنا القرار. النقاش الحزبي الذي كان مسموحاً بعد إعلان زهرا عزوفه عن الترشح، انتهى». وتؤكد أنّ حشد الأصوات لن يتأثر باسم المرشح. «صحيح أنّ زهرا شكّل حالة ورمزية ونجح في ذلك، ولكن قبل الـ2005 لم يكن معروفاً. ثمة عصب قواتي، والناس تنتخب من أجل سمير جعجع والقوات. نعمل من أجل تثبيت هوية البترون القواتية». تبدو المصادر معتدّة بنفسها وهي تقول، «إذا تحالفنا مع التيار الوطني الحر، حرب لن يرى النيابة. وإذا تحالفنا مع حرب يبقى الوضع الحالي قائماً».
وإعلان بدء عمل الماكينات الانتخابية من البترون أتى بعد أن «خلق قرار زهرا داخل المنطقة ردّ فعل وبلبلة. أما في المناطق الأخرى، إما أنّ النيابة محسومة أو أن المرشحين معروفون». وبرأي المصادر، فإنّ أي تأخير في إعلان اسم المرشح في البترون سيؤدي إلى «خلق تيارات رديفة داخل الحزب».
بعد انتهاء المؤتمر الصحافي، طلب جعجع من الاعلام مغادرة القاعة. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإنّه ردّ على باسيل الذي كان يتمنى التحالف مع شخصية من جرد البترون، بالقول «نحن قوات ولا أحد يفرض علينا وجهة نظرنا وتركيبة اللائحة. استعدوا لكل شيء». تستهزئ مصادر معراب بهذه المعلومة، «جبران بدو يقرّر؟ شو هالمزحة!». طلب جعجع من مناصريه، بحسب المصادر نفسها، أن «لا أسمع بخلافات بعد اليوم. المزح ممنوع». أما التحالفات، «فعنوانها الأساسي التفاهم مع التيار. ولكن ممكن أن لا نتفق في تشكيل اللوائح، عندها تكون كلّ الاحتمالات مفتوحة».
ليا القزي - "الأخبار" - 11 آذار 2017
إرسال تعليق