لم تكن يوماً مسألة اعلان النوايا بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية مساراً نحو اندماج كامل متكامل يشبه العقد الغير قابل للعزل بل منذ نعومة اظافر النوايا كانت زواياه تغطي الكثير من القضايا الخلافية التي تمت معالجة مستقبلها بالكثير من اوهام تلك المقولة الشهيرة المتعلقة بالاتفاق حول التكتيك والخلاف في الاستراتيجيا ليضاف اليها نغمة الاختلاف حق تحت راية التنوع. كل هذا كان في وادٍ والمراهنون على ديمومة حسن النوايا في وادٍ آخر، وتقول مصادر في التيار الوطني الحر، ان كل ما يساق من خلافات مع القوات اللبنانية هي مجرد امنيات لدى البعض المتضرر من جمع القوى المسيحية وتضيف: ليس من ادنى شك اننا عندما وقعنا النوايا كانت لدى الطرفان خشية من صيادي الطرائد الدسمة بيد ان النوايا في الماضي والحاضر تحلق عالياً ولن تستطيع الايدي ان تطاله بالرغم من التصويب الدائم عليها بفعل نجاحها على المستوى العام في فتح صفحة جديدة داخل المجتمع المسيحي تكللت بانتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية.
وترد هذه المصادر على ما يحصل حالياً من تباينات بانها طبيعية ونحن لسنا حزبين مقفلين بل منذ البدء كانت عناوين النوايا تحمل المبادئ المتفق عليها بين الطرفين.
اما مصادر القوات اللبنانية فتتحكم بها الحيرة والاستهزاء من امكانية حصول ضرر في النوايا بين الحزبين ذلك ان البناء تم على ارض صلبة لا تهتز حتى ولو كانت هناك اختلافات في وجهات النظر داخل الحكومة ولاحقاً في الانتخابات البلدية، ونحن من الاساس لم نتقاسم في وثيقة النوايا المقاعد النيابية، بل اعتمدنا على اسس من التفاهم من فوق فيما القضايا الجانبية يجري التعاون ايضاً لضمها الى المسار العام للنوايا، وحتى التعيينات الامنية التي جرت حتى ولو كانت بعيدة عن مرمى النظر القواتي، الا انها ممتازة ولا غبار عليها.
مجمل ما اثير حالياً من تباعد بين التيار والقوات مصدره منطقة البترون حسب بعض الوقائع التي ترويها مصادر نيابية من داخل المنطقة وفق التالي:
- اولاً: في الشكل تبقى عملية تنحي النائب انطوان زهرا عن الترشح في البترون مسألة خاضعة للتصويب عليها ما دام جسم زهرا بالذات قابلاً لاي لباس، فهو في مطلق الاحوال لم يصارح قواعدة الشعبية بالاسباب الحقيقية لعدم نزوله الى الساحة النيابية مع ان النجاح شبه مضمون، من هنا تقول هذه المصادر ان زهرا لديه كنز من الاسرار فيما يتعلق بكافة القضايا المشتركة بين القوات والتيار ابتداء من اعلان النوايا وصولا الى ترشيح الدكتور سمير جعجع العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية ومروراً بقانون الانتخاب، وبالتالي فان تنحي زهرا جانباً أمر يمكن ان يبلعه البعض ولو على مضض في غياب اي توضيح، اما ان يعمل زهرا بالذات من اجل مجيء وفوز الوزير جبران باسيل بالنيابة، أمر فيه الكثيرمن الغموض يضاف الى غموض ابتعاده عن النيابة، ولم يصارح زهرا أحد لا من القوات أو التيار عن كيفية دعم باسيل في معركته المقبلة او عن مدى التزام انصاره بالتصويت للأخير، وهذا يعني ان ثمة غموضاً في الواقع الانتخابي البتروني.
- ثانياً: لم يمر اعلان الدكتور جعجع بترشيح الدكتور فادي سعد في البترون وهو من وسط البترون وترك قوة النائب بطرس حرب حرة في الخزان الرئيسي للاصوات المتمثل في بلدة تنورين معقل حرب بالذات، وتشير هذه المصادر ان حسن النوايا وقوة التحالف مع التيار في الانتخابات في البترون كانا يفترضان ترشيح الدكتور وليد حرب ابن تنورين، ولكن اعتماد شبه وسط البترون لانتقاء سعد طرح اكثر من علامة استفهام جدية في كيفية التعامل بين القوات والتيار وربما ذهب العونيون الى اعتبارها رسالة واضحة لباسيل او تعليمة محددة للتعاون في بقية الدوائر المسيحية وللافساح في المجال امام دخول قواتيين الى المتن وبعبدا وربما أبعد من ذلك.
وتلفت هذه المصادر الى ان بعض الخبثاء وضعوا ترشيح سعد كرسالة مزدوجة من القوات الى باسيل والنائب حرب على حد سواء، الى الاول على خلفية دفعه الى التعاون اكثر في المعركة المقبلة في معظم الدوائر والى الثاني بأن القوات لم «تدق» في عرين الشيخ بطرس مما يفسح المجال امام الاخير كي يكون مرتاحا في معركته المقبلة.
- ثالثاً: ان رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل قرأ جيداً الرسالة ورد عليها بالتالي: «لا يوجد قانون انتخابات لمصلحة رئيس التيار ولا أحد يبتزنا ومن يخيّط بهذه المسلة فليجرب غيرها»، وفي هذا الرد تقرأ هذه المصادر ان باسيل لم يكن مهادناً أبداً بل رد الصاع صاعين معتبراً الانتخابات النيابية لا تخصه وحده اطلاقاً.
واكدت المصادر النيابية ان ورقة النيات ثاتبة، لكن واقع الحال ينبئ ان هناك خلافات في الانتخابات والتعيينات الادارية المقبلة وان مبدأ قبول العماد جوزف عون قائداً للجيش من قبل القوات حصلت قبل تعيينه جملة من المشاورات لم تفضِ الى نتيجة وكان الرد بترشيح سعد في البترون ما دام التنسيق يتم مع جبران باسيل بالذات في مجمل القضايا.
عيسى بو عيسى - "الديار" - 14 آذار 2017
إرسال تعليق