الشروط التي وضعها رئيس الحكومة النائب سعد الحريري قبل إعلان موافقته على قانون النسبية الكاملة رفضت جميعها من طرف التيار الوطني الحر وحزب الله وحلفائهم، والتي تضمنت تأجيل الإنتخابات النيابية لعام كامل، وتحديد 10 % من مجموع الناخبين اللبنانيين الواردة أسماءهم في لوائح الشطب حد أدنى للفوز، ليتمكن رئيس الحكومة لإقصاء خصومه ومعارضيه في الطائفة السنية.
الشروط المرفوضة أعادت النقاشات بموضوع إنبثاق قانون إنتخابات جديد إلى المربع الأول وأعادت إحياء الحديث عن قانون حكومة الرئيس ميقاتي والقانون الأرثوذكسي ووضعهما في واجهة القوانين التي يجري نقاشها في هذه المرحلة.
وأكدت مصادر مطلعة أن ما روج له بالأمس عن تقدم النقاش حول قانون لم يعرف حتى الآن ما هو، يندرج في سياق الشائعات التي لا تقارب الواقع، لأن بعض القوى السياسية ما زالت متمسكة بالقوانين التي تضمن فوزها دون الأخذ بعين الإعتبار طموحات اللبنانيين وإصرارهم على إعتماد قانون يضمن صحة التمثيل.
وتوقعت هذه المصادر أن النقاشات الجارية لاعتماد قانون إنتخاب جديد ستطول كثيرا وستسطدم بالمهل الدستورية التي شارفت على الانتهاء وهذا يرتب الذهاب إلى الإنتخابات النيابية المقبلة وفق قانون الستين، حيث بدأت بعض الأطراف التي تصر على رفض الستين بصياغة المخارج والمبررات لقبولها الستين مرغمة. أمام هذه التعقيدات التي تواجه إنبثاق قانون إنتخابي جديد، كشفت المصادر المطلعة بقولها «لوتأخرت التسوية في الإنتخابات الرئاسية إلى ما بعد الإنتخابات الأميركية وأيقن العرب بفوز دونالد ترامب الذي هدد خلال حملته الإنتخابية بإلغاء الإتفاق النووي مع إيران واستتبعها بتصريحات ضد الجمهورية الإسلامية لكنا ما زلنا في دائرة الفراغ الرئاسي».
جرعة المعنويات الترمبية لدول الخليج سارعت إلى إرسال موفديها إلى لبنان من أجل تجميع القوى الحليفة لها من جديد وحثها على رفض كل القوانين الإنتخابية المقترحة والإصرار على قانون الستين دون الإعلان عن ذلك. وآخر هذه الزيارات الوزير القطري السابق الذي جاء لتكريس قانون الدوحة واعدا بتقديم مساعدات مالية لهذه القوى الحليفة من أجل خوض الانتخابات النيابية المقبلة، ووضع العلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على حافة السقوط والإنهيار، وأولى إشارات التوتر الذي سيتصاعد بين الثنائي المسيحي ترشيح القوات اللبنانية دون التنسيق والتفاهم مع التيار الوطني الحر الذي أبدى انزعاجا وامتعاضا من خطوة القوات. هذا التوتر مرشح للوصول إلى مدينة زحلة التي بدأت تظهر شيئا فشيئا بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. وهذا سيعيد الإصطفافات السياسية التي كانت موجودة قبل ورقة التفاهم بين القوات والتيار لذلك إستبعدت المصادر السياسية التوافق على لائحة واحدة في مدينة زحلة تجمع كل القوى السياسية مرجحة حصول مواجهة عنيفة بين لائحتين رئيسيتين، ولكن بمزاج مسيحي مختلف عن ما كان عليه في دورة انتخابات 2009. وظهور تصدعات عميقة في البنيان الداخلي لتيار المستقبل والذي لا يرممه إلا الخطاب المذهبي المتطرف واستحضار الشعارات القديمة المدعومة بعامل المال الذي سيكون قويا وخلافا لكل ما يقال عن إستبعاد عامل المال بسبب ندرته لأن الوعود الخارجية قوية جدا.
هذه المواجهة المرتقبة في مدينة زحلة بين لائحتين ستفرض على القوى المتخاصمة دراسة الأسماء المرشحة لخوض المعركة الإنتخابية دراسة معمقة ومتأنية، ويرجح أن تكون من الأسماء الوازنة جدا لتحقيق الفوز.
خالد عرار - "الديار" - 12 آذار 2017
إرسال تعليق