التساؤل المشروع: أي انعكاسات على لبنان إذا ما ظهر تباين بين عون والحريري حول «مسألة ما»؟ تتجه الأنظار إلى القمة العربية المقبلة التي تنعقد في الأردن الأسبوع المقبل، انطلاقاً من الاقتناع السائد بأنها سترسم الاتجاهات التي ستطبع المرحلة المقبلة حيال الملفات الساخنة في المنطقة، ما يُكسبها أهمية خاصة مقارنة بسابقاتها من القمم. فهي تأتي، أولاً، على وقع تحوّل مفصلي يتمثل بوصول إدارة أميركية جديدة إلى البيت الأبيض ذات توجهات مختلفة عن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما الذي انتهج سياسة حيال الشرق الأوسط تركت نتائجها السلبية على الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، بدءاً من تبني مشروع الإسلام السياسي المتمثل بالإخوان المسلمين، والذي جرى إسقاطه في مصر، قبل أن تصل تداعياته إلى الخليج العربي، وصولاً إلى الانفتاح على إيران من بوابة الاتفاق على الملف النووي الإيراني، والذي آل إلى إراحتها برفع العقوبات عنها وإلى غض الطرف عن مشروعها التوسعي في المنطقة من خلال إطلاق يد أذرعها العسكرية والاستخباراتية في غير دولة عربية.
فالتحوّل الأميركي مع إدارة دونالد ترامب سيكون عنصراً مهماً ومؤثراً في ماهية القرارات التي ستخرج عن القمة، لا سيما وأن الخطوط العريضة للسياسة الخارجية تجاه إيران والمنطقة باتت واضحة. وقد سبق انعقاد القمة لقاءات للرئيس الأميركي مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، ومع ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، ومع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وهي لقاءات لا تندرج في إطار اللقاءات البروتوكولية، على الإطلاق، بل في إطار بلورة معالم السياسة الأميركية تجاه قضايا المنطقة وأزماتها المشتعلة، التي سيتم وضع الخطط التفصيلية لها في الأشهر المقبلة، بعدما تكون الإدارة قد أنجزت بعضاً من الملفات الداخلية التي وعد بها ترامب ناخبيه، وأقله السياسة الصحية البديلة لقانون «أوباما كير» وتخفيض الضرائب الهادف لإعادة جذب الشركات الأميركية الكبرى للاستثمار في الداخل الأميركي، وفق ما يقوله عارفون في واشنطن يتوقعون انشغال الإدارة حتى أوائل آب بالوضع الاقتصادي الداخلي قبل أن ينطلق ترامب بقوة في اتجاه الانخراط الفعلي والعملي في الملفات الخارجية محصناً بدعم شعبي لخطواته الداخلية. لكن هذا لا يعني تعليقاً لتلك الملفات، بل التحضير الهادئ المرفق بالرسائل السياسية والعسكرية حيث يجب، على غرار التدخل الأميركي الأخير في الرقة الذي أرسل إشارة قوية عن وجود اللاعب الأميركي.
وتأتي القمة العربية، ثانياً، على وقع توتر عربي – إيراني وصل إلى ذروته، ويترجم مواجهات مستعرة سواء في اليمن أو سوريا وحتى العراق، وفي ظل توتر إيراني – إسرائيلي، آخذ في التصاعد، والذي يترجم في جزء منه على الساحة السورية عبر الغارات الجوية التي تستهدف شحنات الأسلحة الإيرانية لـ«حزب الله». كما تأتي في ظل حد مقبول من عودة الحرارة إلى العلاقات السعودية – المصرية، وفي ظل عودة بعض من الحيوية إلى المعارضة السورية من خلال عملياتها الأخيرة التي استهدفت قلب دمشق التي كانت، منذ اندلاع الثورة السورية، محيّدة عن الصراع بقرار لم تكن واشنطن بعيدة عنه.
هذه الوقائع ستكون حاضرة في القمة التي ستبحث في حال الأمة والأزمات المستفحلة في اليمن والعراق وسوريا وليبيا، وخطر الارهاب المتمثل بـ«داعش» والتنظيمات المتطرّفة، لكن العنوان الذي سيخيّم على أجواء القمة ويشكل هاجساً حقيقياً يتمثل بإيران وتدخلاتها في المنطقة. ومن هنا يرى المراقبون أن البيان الختامي لا بد من أن يحمل في طيّاته، على أقله، رسالتين باتجاهين:
الرسالة الأولى هي رسالة متشددة تجاه إيران التي عليها أن تغيّر سلوكها حيال جيرانها والتخلي عن طموحاتها التوسعية إذا كانت تريد فعلاً علاقات حسن جوار. فعنوان لجم إيران أضحى أولوية عربية، ولا سيما خليجية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، التي تقود التحالف العربي لحفظ أمنها القومي وأمن دول الخليج والمنطقة في مواجهة إيران وتدخلاتها بوصفها تشكل الأخطر الأكبر، وهي تالياً لن تألو جهداً في حشد كل إمكاناتها من أجل توسيع مروحة صداقاتها وتحالفاتها لتحقيق تلك الغاية.
أما الرسالة الثانية، فإنها رسالة تطمينية تجاه الولايات المتحدة، التي سيندرج في إطارها عنوان النزاع العربي – الإسرائيلي الذي لا بد من حله، وسبق أن أقرّت قمة بيروت في آذار عام 2002 مبادرة السلام العربية مع إسرائيل بغية حل القضية الفلسطينية التي تبقى القضية العربية الأولى، وهي مبادرة لا تزال قائمة يتطلب إحياؤها ليس فقط وجود رغبة حقيقية بالسلام، بل أيضاً انخراطاً جدّياً من قبل كل الأطراف والرعاة الإقليميين والدوليين، ولا سيما الولايات المتحدة.
على أن الاتجاهات التي سترسمها قرارات القمة ومضامين الرسائل ومتطلباتها سيكون لها انعكاساتها وصداها الإيجابي كما السلبي، وهذا ما يدفع بعض المتابعين في لبنان لإبداء الكثير من الحذر، إذ يتخوفون من أن تكون الساحة اللبنانية هي مركز الاستقبال للرسائل والرد عليها، ذلك أن الساحات الأخرى المفتوحة قد تصبح مقيّدة بشكل أو بآخر نظراً إلى قدرة التأثير الأكبر للقوى الإقليمية والدولية فيها، وهو ليس حال الساحة اللبنانية التي أضحت تحت وطأة التأثير الإيراني ونفوذ «حزب الله»، الذراع العسكرية الأبرز لإيران، والذي بات يتحكم بالقرار اللبناني، بحيث أن أحداً في لبنان لا يشك بأن الكلمة الفصل في كل استحقاق لبناني هي للحزب، وآخرها قانون الانتخابات النيابية الذي يريده الحزب أن يكون قانوناً على أساس النسبية الكاملة، وهو ما سيكون عليه، إنما جل تنازلاته ستكون أنه ليس على أساس دائرة انتخابية واحدة بل على أساس دوائر عدة تصل إلى 15 دائرة على الأرجح.
ويتساءل هؤلاء المتابعون عمّا سيكون عليه حال لبنان في القمة إذا طرحت «مسألة ما»، وكان موقف كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، اللذين يتوجهان معاً إلى «البحر الميت»، مختلفاً عن الآخر؟ هل سيسير رئيس الحكومة بقرار رئيس الجمهورية؟ وأي انعكاسات ستكون عندها على لبنان؟
ورغم تأكيد أوساط سياسية أن خطاب الرئيس ميشال عون سيكون خطاباً كلاسيكياً يقارب الثوابت في البيان الوزاري، فإنها ترى أن التساؤل مشروع كما المخاوف من تداعيات أي تباين على لبنان، ولا سيما أن تطبيع العلاقات الخليجية – اللبنانية التي تأزمت مجدداً بعد موقف عون من سلاح «حزب الله» لم يحصل، وثمة قلق من أن يترجم الجو المأزوم من لبنان في كواليس القمة، وإن كانت المعطيات المتوافرة من أكثر من جهة تشير إلى حركة مساع مصرية – أردنية قوية من أجل تهدئة الأمور.
فالتحوّل الأميركي مع إدارة دونالد ترامب سيكون عنصراً مهماً ومؤثراً في ماهية القرارات التي ستخرج عن القمة، لا سيما وأن الخطوط العريضة للسياسة الخارجية تجاه إيران والمنطقة باتت واضحة. وقد سبق انعقاد القمة لقاءات للرئيس الأميركي مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، ومع ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، ومع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وهي لقاءات لا تندرج في إطار اللقاءات البروتوكولية، على الإطلاق، بل في إطار بلورة معالم السياسة الأميركية تجاه قضايا المنطقة وأزماتها المشتعلة، التي سيتم وضع الخطط التفصيلية لها في الأشهر المقبلة، بعدما تكون الإدارة قد أنجزت بعضاً من الملفات الداخلية التي وعد بها ترامب ناخبيه، وأقله السياسة الصحية البديلة لقانون «أوباما كير» وتخفيض الضرائب الهادف لإعادة جذب الشركات الأميركية الكبرى للاستثمار في الداخل الأميركي، وفق ما يقوله عارفون في واشنطن يتوقعون انشغال الإدارة حتى أوائل آب بالوضع الاقتصادي الداخلي قبل أن ينطلق ترامب بقوة في اتجاه الانخراط الفعلي والعملي في الملفات الخارجية محصناً بدعم شعبي لخطواته الداخلية. لكن هذا لا يعني تعليقاً لتلك الملفات، بل التحضير الهادئ المرفق بالرسائل السياسية والعسكرية حيث يجب، على غرار التدخل الأميركي الأخير في الرقة الذي أرسل إشارة قوية عن وجود اللاعب الأميركي.
وتأتي القمة العربية، ثانياً، على وقع توتر عربي – إيراني وصل إلى ذروته، ويترجم مواجهات مستعرة سواء في اليمن أو سوريا وحتى العراق، وفي ظل توتر إيراني – إسرائيلي، آخذ في التصاعد، والذي يترجم في جزء منه على الساحة السورية عبر الغارات الجوية التي تستهدف شحنات الأسلحة الإيرانية لـ«حزب الله». كما تأتي في ظل حد مقبول من عودة الحرارة إلى العلاقات السعودية – المصرية، وفي ظل عودة بعض من الحيوية إلى المعارضة السورية من خلال عملياتها الأخيرة التي استهدفت قلب دمشق التي كانت، منذ اندلاع الثورة السورية، محيّدة عن الصراع بقرار لم تكن واشنطن بعيدة عنه.
هذه الوقائع ستكون حاضرة في القمة التي ستبحث في حال الأمة والأزمات المستفحلة في اليمن والعراق وسوريا وليبيا، وخطر الارهاب المتمثل بـ«داعش» والتنظيمات المتطرّفة، لكن العنوان الذي سيخيّم على أجواء القمة ويشكل هاجساً حقيقياً يتمثل بإيران وتدخلاتها في المنطقة. ومن هنا يرى المراقبون أن البيان الختامي لا بد من أن يحمل في طيّاته، على أقله، رسالتين باتجاهين:
الرسالة الأولى هي رسالة متشددة تجاه إيران التي عليها أن تغيّر سلوكها حيال جيرانها والتخلي عن طموحاتها التوسعية إذا كانت تريد فعلاً علاقات حسن جوار. فعنوان لجم إيران أضحى أولوية عربية، ولا سيما خليجية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، التي تقود التحالف العربي لحفظ أمنها القومي وأمن دول الخليج والمنطقة في مواجهة إيران وتدخلاتها بوصفها تشكل الأخطر الأكبر، وهي تالياً لن تألو جهداً في حشد كل إمكاناتها من أجل توسيع مروحة صداقاتها وتحالفاتها لتحقيق تلك الغاية.
أما الرسالة الثانية، فإنها رسالة تطمينية تجاه الولايات المتحدة، التي سيندرج في إطارها عنوان النزاع العربي – الإسرائيلي الذي لا بد من حله، وسبق أن أقرّت قمة بيروت في آذار عام 2002 مبادرة السلام العربية مع إسرائيل بغية حل القضية الفلسطينية التي تبقى القضية العربية الأولى، وهي مبادرة لا تزال قائمة يتطلب إحياؤها ليس فقط وجود رغبة حقيقية بالسلام، بل أيضاً انخراطاً جدّياً من قبل كل الأطراف والرعاة الإقليميين والدوليين، ولا سيما الولايات المتحدة.
على أن الاتجاهات التي سترسمها قرارات القمة ومضامين الرسائل ومتطلباتها سيكون لها انعكاساتها وصداها الإيجابي كما السلبي، وهذا ما يدفع بعض المتابعين في لبنان لإبداء الكثير من الحذر، إذ يتخوفون من أن تكون الساحة اللبنانية هي مركز الاستقبال للرسائل والرد عليها، ذلك أن الساحات الأخرى المفتوحة قد تصبح مقيّدة بشكل أو بآخر نظراً إلى قدرة التأثير الأكبر للقوى الإقليمية والدولية فيها، وهو ليس حال الساحة اللبنانية التي أضحت تحت وطأة التأثير الإيراني ونفوذ «حزب الله»، الذراع العسكرية الأبرز لإيران، والذي بات يتحكم بالقرار اللبناني، بحيث أن أحداً في لبنان لا يشك بأن الكلمة الفصل في كل استحقاق لبناني هي للحزب، وآخرها قانون الانتخابات النيابية الذي يريده الحزب أن يكون قانوناً على أساس النسبية الكاملة، وهو ما سيكون عليه، إنما جل تنازلاته ستكون أنه ليس على أساس دائرة انتخابية واحدة بل على أساس دوائر عدة تصل إلى 15 دائرة على الأرجح.
ويتساءل هؤلاء المتابعون عمّا سيكون عليه حال لبنان في القمة إذا طرحت «مسألة ما»، وكان موقف كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، اللذين يتوجهان معاً إلى «البحر الميت»، مختلفاً عن الآخر؟ هل سيسير رئيس الحكومة بقرار رئيس الجمهورية؟ وأي انعكاسات ستكون عندها على لبنان؟
ورغم تأكيد أوساط سياسية أن خطاب الرئيس ميشال عون سيكون خطاباً كلاسيكياً يقارب الثوابت في البيان الوزاري، فإنها ترى أن التساؤل مشروع كما المخاوف من تداعيات أي تباين على لبنان، ولا سيما أن تطبيع العلاقات الخليجية – اللبنانية التي تأزمت مجدداً بعد موقف عون من سلاح «حزب الله» لم يحصل، وثمة قلق من أن يترجم الجو المأزوم من لبنان في كواليس القمة، وإن كانت المعطيات المتوافرة من أكثر من جهة تشير إلى حركة مساع مصرية – أردنية قوية من أجل تهدئة الأمور.
رلى موفق - اللواء 24 آذار 2017
إرسال تعليق