لا يستطيع لبنان أن يكون مركزاً إعلاميّاً عسكريّاً استراتيجيّاً لدولة أجنبيَّة هي على خصام مع دول شقيقة، وخصوصاً إذا كانت اللائحة تضمُّ المملكة العربيّة السعوديّة ودول الخليج حيث يعيش ما يقارب النصف مليون لبناني أو أكثر. منذ حروب الآخرين وقبلها وبعدها.
كان لبنان ولا يزال يستند اقتصاديّاً وسياسيّاً وانتاجيّاً إلى السعوديّة والكويت والامارات، حيث كان الكثيرون من أهل هذه البلدان يعتبرون لبنان بلدهم الثاني.
كان لبنان ولا يزال يستند اقتصاديّاً وسياسيّاً وانتاجيّاً إلى السعوديّة والكويت والامارات، حيث كان الكثيرون من أهل هذه البلدان يعتبرون لبنان بلدهم الثاني.
فجأة تخرَّبت العلاقات، ودخلت على الخط دولة إقليميَّة ذات أطماع، وطموحات، وبرامج، ضجَّت منها وبها الدول الكبرى واتخذت الأمم المتحدة قرارات في هذا الصدد. وإذا لم نسمِّ إيران، فهل يخفى القمر؟
لا ذنب للبنان واللبنانيّين في كل ما حصل. لقد كانت الفوضى تعمُّ البلد في ظل الوصاية السوريَّة. وكانت الدولة هي الزوج المخدوع هذه المرّة، أو الزوج القاصر عن اتخاذ أي قرار يحمي المصلحة الوطنيَّة، ومصالح لبنانيّي الداخل كما اللبنانيّين العاملين منذ عقود في هذه الدول الشقيقة.
وإذا كانت ذاكرة بعض الذين يهاجمون دول الخليج، وتحديداً السعوديَّة التي لها الكثير الكثير على لبنان وشعوبه، فليس من الضروري أن ينسى رئيس الدولة انه كان بالأمس القريب في زيارة المملكة، ثم في بعض الدول الخليجيَّة بلوغاً لمصر.
ولا يجوز أن ينسى كبار المسؤولين، وكبار القادة والمرجعيَّات، أن لبنان الذي اكتسحه شلل الفراغ والتعطيل، بدأ يَعِدُ نفسه بعودة دورة الحياة الى اقتصاده وأعماله وأسواقه ومصانعه، اعتماداً على الوعد أو الإنوعاد بعودة السعوديِّين والخليجيّين إلى أفيائه وربوعه.
وهو اليوم في وضع لا يُحسد عليه، بعدما تردَّد أن الملك سلمان بن عبد العزيز قد ألغى زيارته لبيروت التي لها عنده منزلة خاصة، وأنا أعلم علم اليقين كم لهذه البيروت وهذا اللبنان وهؤلاء اللبنانيّين من مكانة ومعزَّة وغيرة لديه.
وقد قيل بصراحة، وبلسان مسؤولين، إن زيارة خادم الحرمين كان من المفترض أن تعود على لبنان بالدعم الاقتصادي والمعنوي، والذي يسري مفعوله على دول الخليج أيضاً.
إلّا أن ما صَدَر عن الرئيس ميشال عون من تصريحات فاجأت أهل الداخل قبل الخارج، وتفاعلت بسرعة، وبقوّة لدى كبار المسؤولين في السعوديّة ودول الخليج.
لقد تعكّرت العلاقة التي كان اللبنانيّون يبنون على صفائها آمالاً جديدة، وتعاوناً جديداً في مختلف الحقول. وعوض أن ينتظر اللبنانيّون مسؤوليهم، فهم يتطلَّعون إلى الملك سلمان متمنّين أن يتجاوز هذا الخطأ، ولا يتخلّى عن لبنان.
الياس الديري - "النهار" - 7 آذار 2017
إرسال تعليق