0
في موازاة المسار السياسي للازمة السورية المتنقلة مفاوضاته بين جنيف واستانة، تتجمع في الافق الدولي والاقليمي اكثر من اشارة تتصل بوضع حزب الله ومستقبله العسكري في المنطقة ليس في سوريا فحسب بل في دول الجوار، من العراق الى اليمن وغيرها من البلدان التي ان لم يكن وجوده العسكري فيها مباشرا فإنه غير مباشر، اي عبر اذرعه العسكرية المتمددة كالحشد الشعبي في العراق والحوثيين في اليمن وغيرها.

وتصب هذه المعطيات، كما تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ"المركزية" في خانة وضع حد لدور الحزب اقليميا تمهيدا لانهائه عسكريا وحصره سياسيا في لبنان تماما كسائر القوى الموجودة في السلطة او خارجها. وتنطلق بداية مما نشرت وسائل اعلام روسية في شأن ملفات البحث في آخر جولات مباحثات استانة، اذ اشارت الى ان انسحاب حزب الله من المناطق السورية كان بندا اساسيا في المحادثات وإن مراكز المصالحة الروسية، ستقوم بمراقبة انسحاب التشكيلات الشيعية، التي تحارب إلى جانب الرئيس بشار الأسد، من العديد من المناطق، وقد نوقشت هذه المسألة البالغة الحساسية بنشاط حثيث من قبل الأطراف المشاركة في أستانة الذين تحدثوا "في المقام الأول عن "حزب الله"، الذي شاركت وحداته في اقتحام حلب، وإمكانية تخصيص منطقة محددة لـ "حزب الله" تكون تحت سيطرته في سوريا، ويتبع ذلك انسحاب تدريجي لوحداته من المناطق الأخرى، وقبل كل شيء من شمال البلاد".

اما المعطى الثاني الذي تشير اليه المصادر، فيتصل بالغارات الاسرائيلية التي شنتها طائرات عسكرية على قافلة صواريخ استراتيجية متطورة لحزب الله كانت متجهة من سوريا الى لبنان، فتم تدميرها ما ادى الى سقوط عدد من القتلى والجرحى عُرف من بينهم مسؤول قيادي في الحزب يدعى بديع جميل حميه، ثم اعادت الكرّة فجر اليوم، فنفذت المقاتلات الإسرائيلية "غارة على مواقع تابعة للدفاعات الجوية السورية في جبال القلمون القريبة من الحدود السورية - اللبنانية وكذلك على أهداف تابعة لحزب الله". وتقول المصادر هنا ان تل ابيب التي تنسق في كل شاردة وواردة امنية مع موسكو، وخصوصا في ما يتصل بأمن مناطقها الحدودية بعدما ابلغت اسرائيل روسيا والامم المتحدة وتركيا انها لن تسمح بوجود نفوذ ايراني على حدودها وفي المناطق السورية من الجولان عبر حزب الله، لم تكن لتشن الغارة لو لم تحصل على "قبة باط" روسية، والا فلمَ لم تعترض المضادات الروسية الطائرات الاسرائيلية؟ وتلفت المصادر الى ان ما يعزز هذا الاعتقاد ايضاً يتصل بجملة مواقف محلية ودولية صدرت من اكثر من جهة تزامنا، تتناول حزب الله وسلاحه وصولا الى دعوته لتسليم هذا السلاح للدولة اللبنانية. ففي المحلي، برز موقف متقدم للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اعتبر فيه "ان "حزب الله" أحرج اللبنانيين وقسمهم لدى دخوله سوريا من دون ان يقيم وزناً لرأي الدولة اللبنانية، وان المواطن اللبناني يسأل لماذا شريكي مسلح وانا لا". اما في الدولي فالابرز ما اورده تقرير الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس الاول من نوعه اذ اتّسم بنبرة حازمة، لجهة ثوابت المجتمع الدولي حيال السلاح غير الشرعي، فأكد ان "حيازة حزب الله للأسلحة، أمر يقوّض سلطة الدولة اللبنانية ويتعارض مع القرارين 1559 و1701." وكان سبقه في الموقف بيان الاتحاد الاوروبي الذي دعا "المسؤولين في لبنان، مع انطلاقة العهد الى التمسك بـ"اعلان بعبدا" ووضع استراتيجية دفاعية تعزز حصرية السلاح بيد الشرعية".

والى المعطيات الآنفة الذكر، تضيف المصادر نقلا عن تقارير دبلوماسية ان من غير المنطقي ان يتم الاتفاق على انهاء داعش والمنظمات الارهابية المتطرفة والابقاء على حزب الله الذي تعتبره واشنطن وعدد لا بأس به من دول الغرب والدول العربية منظمة ارهابية. لذلك لا بد في الموازاة من انهاء هذه المنظومة المسلحة من خلال موجة ضغوط خارجية وداخلية لحمله على تبديل خطته ووضع أخرى يتم عبرها تسليم سلاحه الى الدولة.

"المركزية" - 20 آذار 2017

إرسال تعليق

 
Top