الكل يذكر كيف عمل المقرّبون من رئيس الحكومة سعد الحريري على إفهام وزير العدل السابق اللواء اشرف ريفي، عندما حاول التغريد خارج سرب «المستقبل» أن الامر لزعيم التيار وحده فقط، تحت شعار الأمر لي»، وأن موقعه داخل التيار الازرق لم يعد مهماً، بل لا يتعدى الحليف القابل التحوّل الى الخصم بسرعة فائقة، فكيف بحليف غير منتسب الى «المستقبل»؟. فكان التخلّي عن وزيره المدّلل سابقاً والتابع لفئة الصقور، لكن وبعد كل مدة الفراق هذه جهدت المحاولات والوساطات لإجراء مصالحة بين الطرفين، من دون ان تصل الى مبتغاها لان الخلاف عميق كما تصفه مصادر تيار «المستقبل»، بحيث تشير الى ان ريفي انقلب على الحريري من خلال الانتخابات البلدية في طرابلس، في حين ان الاخير قدّم له الكثير ومنها السعي لتولي وزارة الداخلية وبعد تسوية نال حقيبة العدل. وتعتبر أن الحريري هو الزعيم السنيّ وسيبقى ولن يأخذ احد منه هذه الزعامة، حتى ولو خفّ وهجها في عاصمة الشمال خلال الانتخابات البلدية الاخيرة، إلا ان اليوم عاد تيار «المستقبل» الى نصابه في طرابلس وهو يحضّر لمعركة نيابية على أرضية قوية.
الى ذلك تشير المعلومات الواردة من عاصمة الشمال الى ان الخلاف بات كبيراً اليوم ويصعب حلّه، لان نسبة مؤيدي ريفي ارتفعت على حساب الحريري، بحيث بات زعيماً للسّنة خصوصاً في طرابلس ورقماً صعباً في المعادلة النيابية، فهو تحمّل أخطاء المقرّبين قبل الخصوم ، ولم يعد قادراً على تحمّل المزيد لانه بدا شاهد زور كما قال بعد استقالته من الحكومة السلامية، وبالتالي لم تعد ردات الحلفاء مقبولة، بدءاً من امين عام تيار «المستقبل» احمد الحريري الذي يقسو على المقربين قبل المبعدين، ثم لاحقاً الحريري الذي اراد تحجيم ريفي لانه كبُر اكثر منه، خصوصاً في عاصمة الشمال التي تبدو اليوم باردة تجاهه، لانها أعطت زعامتها لابن منطقتها اولاً الذي لم يتركها في اصعب المراحل كما يقول اكثرية الطرابلسييّن.
وتعتبر مصادر شمالية أن ما يحدث على الساحة السنّية لم يعد مقبولاً، لان الانقسامات استهدفت البيت الداخلي بشكل غير كبير، فلا أحد يفهم على الاخر، وهنالك مجموعات منها حمائم ومنها صقور، وريفي احد اركـان الاخيرة، لذا لم يعد قادراً على إكمال مسيرة التزيّف، فشجّع جمهور السّنة على الانتفاضة في وجه السياسة الخاطئة التي اوصلتهم الى ما هم فيه اليوم.
وتكشف هذه المصادر وجود اتجاه للتحالف بين اللواء ريفي والرئيس نجيب ميقاتي في الانتخابات النيابية المرتقبة، بعد لقاء جرى قبل اسبوعين بين الرجلين خلال الاحتفال بالعيد الوطني ال 56 لدولة الكويت، ثم تبعه لقاء آخر خلال تقديم واجب عزاء، بحيث جرت ضمن اللقاءين احاديث مطوّلة، مشيرة الى ان إمكانية التحالف كبيرة لان ريفي ينظر باطمئنان لمن لم يغيّر في خطابه السياسي او في تموضعه، وهذه ميزة لدى ميقاتي لانه لم يبدّل في مواقفه السياسية قط، الامر الذي يتمسّك به ريفي خصوصاً من ناحية الثوابت والمبادئ، وهو يتحضّر اليوم لخوض معركة صعبة وشرسة في مواجهة تحالف يملك السلطة والنفوذ، على غرار المعركة البلدية التي خرج منها ريفي منتصراً على الثلاثي الحريري - ميقاتي - كرامي في طرابلس. لكن اليوم خرج ميقاتي من ذلك التحالف وإن لم تنتشر القصة بعد، لكن انفتاحه على ريفي بات قريباً لانه سيكون ضمن جهة اخرى سيشارك فيها ايضاً المجتمع المدني الذي يحظى بإعجاب من ريفي، الذي يتفاءل خيراً بهدفهم الى التغيير الذي يطمح له الاخير منذ سنوات.
صونيا رزق - "الديار" - 3 آذار 2017
إرسال تعليق