رئيس الحكومة سعد الحريري، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، لا يوافقون الرئيس العماد ميشال عون على توصيف سلاح حزب الله بأنه حاجة لبنانية، كما لا يوافقون رئيس حزب التيار الوطني الحر، الوزير جبران باسيل على تأكيده بأن «هناك اجماعاً لبنانياً على دور المقاومة وحزب الله في مقاومة اسرائيل والدفاع عن لبنان» وهم لا يخفون هذا الموقف بل يعلنونه في كل فرصة سانحة، لكنهم في الوقت ذاته، يؤكدون على تعاونهم غير المحدود مع الرئيس عون، وعلى نجاح عهده، بمثل تأكيدهم على ضرورة الحوار مع حزب الله، كمكوّن شعبي لبناني يتشاركون مع جمهوره في العيش الواحد المشترك، ومع وزرائه ونوابه في مجلس النواب وفي الحكومة، ويتحاورون معه من اجل ضمان مصلحة لبنان وأمنه وسلامته، على أمل التوصل يوماً الى استراتيجية عسكرية تؤمّن سيادة الدولة على كامل الارض اللبنانية، من جهة، والافادة من سلاح الحزب في مقاومة الاعتداءات الاسرائيلية، وارهاب التنظيمات التكفيرية ثانيا.
وحتى الوصول الى هذه الحالة المنشودة، ترفض هذه الاحزاب الثلاثة، ذات الثقل الشعبي الكبير، والمنتشر في جميع المناطق اللبنانية مع احزاب وفاعليات اخرى، تتفق مع الاحزاب على هذا الموقف، طرح حزب الله والتيار الوطني الحر، وحركة أمل، النظام النسبي في لبنان، دائرة انتخابة واحدة، او في المحافظات الثماني، بيروت، جبل لبنان، البقاع، بعلبك الهرمل، الشمال، عكار، الجنوب، النبطية، قبل وضع سلاح الحزب بتصرّف الدولة اللبنانية، والواضح ان تعثّر القبول بنظام النسبية الكامـلة، مردّه الى الخـلاف الحادّ حول هذا الامر، والتفتيش اليـوم عن طرح نظام بديل، دون التوصّل الى نتائج ايجابية، هو جزء من هذه الحالة المستعصـية على الحلّ حتى اليوم، على الرغم من الاشارات الايجابية التي يعبّر عنـها نـواب ووزراء وقيـادات احزاب، حتى ان الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري، ابدياً تفاؤلاً حذراً من امكان الوصول الى قانون جديد، قبل ان تدهم لبنان المهل الدستورية ويقع لبنان في المأزق، الذي وصفه برّي «بحالة الانتحار على اعتبار ان عمـلية شدّ حبال قاسية يمكن ان تحصل بين الرئيس عون وبين مجلس النواب، في حال وافق مجلس النواب على قانون لتمديد حياة المجلس الحالي، ورفض عون هذا القانون وردّه، واذا لم يتجاوب المجلس النيابي ويعيد النظر بقانونه الذي يصبح نافذاً في مهلة محددة، سيلجأ عون الى المجلس الدستوري، وهنا تبدأ معاناة لبنان الكبرى.
في هذا الوقت الضائع المخيف، بدأت تدخل على الخط، فئات سياسية واعلامية، محسوبة على تجمّع قوى 8 آذار، تعمل على تحقيق ثلاثة اهداف، مرتبط بعضها ببعض، الاول «خربطة» العلاقة بين الرئيس عون، وبين الحريري وجنبلاط، والثاني، وهو الاهمّ بنظرها، زرع بذور الخلاف بين عون وجعجع، وفك تحالف اكبر حزبين مسيحيين، وذلك بتحريض علني للرئيس عون، على فرض النظام النسبي الكامل بدعم من حزب الله وحركة أمل وتيارالمردة، وهو الهدف الثالث، مع تهديد واضح من قبل هؤلاء، بأن الاحزاب الثلاثة، المستقبل، والقوات، والاشتراكي، لا تملك القدرة على تعطيل النظام النسبي، ولا تجرؤ على القيام بأي ردّة فعل شعبية عليه وهي بهذا المنطق، لا تغامر باسقاط لبنان في فوضى سياسية واقتصادية ومالية فحسب، بل تغامر باشعال حرب لن يسلم منها احد، وجميع الذين تابعوا وشاهدوا احدهم وهو يبشّر ويدعو الرئيس عون الى الوقوع في هذا الفخّ، أيقنوا ان من ينادي بهكذا حلول أو أهداف، لا يعرف مدى قدرة هذه الاحزاب الثلاثة، على التصدّي والمقاومة، وانها ليست لقمة سائغة لاي قوة اخرى... لا شيء في لبنان يفرض بالقوة.
فؤاد أبو زيد - "الديار" - 24 آذار 2017
إرسال تعليق