0
بدأت الوفود العربية الرسمية تتوافد الى العاصمة الأردنية عمّان التي تستضيف غداً الأربعاء القمّة العربية في دورتها الـ 28 على وقع الأزمات المندلعة في بعض دول المنطقة، والتي باتت الحلول لها محور خلافات بين الدول المنضوية في الجامعة. ولعلّ أبرز هذه الخلافات ما حصل من توتّرات بين لبنان ودول الخليج على خلفية تحفّظ لبنان ليس عن إدانة إيران لتدخّلها في الشؤون الداخلية للمنطقة خصوصاً بعد إعدام السعودية للمعارض الشيعي نمر باقر النمر واحتجاج إيران على ذلك، إنّما عن اعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية، على ما أقرّت الجامعة، كون للبنان خصوصيته، ولأنّ الحزب مشارك في الحكومة والبرلمان، ولا يُمكن للبنان أن يعتبره إرهابياً وإلاّ أصبحت السلطات اللبنانية برمّتها إرهابية.
 
وسوء التفاهم هذا وإعادة العلاقات اللبنانية- الخليجية الى سابق عهدها، على ما أوضحت أوساط ديبلوماسية مواكبة، حاول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حلّها خلال زيارته الأولى الرسمية الى الخارج والتي شملت المملكة العربية السعودية وقطر، وكانت زيارة ناجحة جدّاً بشّرت بالخير وبعودة المياه الى مجاريها بين لبنان والدول الخليجية. 
 
غير أنّ ما كان يُواجه لبنان في الاجتماعات التي سبقت القمّة بالدرجة الأولى ليس توتّر علاقته مجدّداً بالدول العربية، إنّما تأييدها لبند «دعم الجمهورية اللبنانية» في البيان الختامي لها. وبدت الأجواء إيجابية، على ما أشارت الاوساط، من خلال رفع الدول الخليجية تحفّظها عن «بند التضامن مع لبنان» خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عُقد أمس الاثنين قبل انعقاد القمة، وصدر القرار بالموافقة على بند التضامن معه لأول مرّة ومن دون أي تحفّظات. وكشفت بأنّ الإتصالات الأردنية والمصرية أدّت الى رفع هذا التحفّظ الذي كان يخشى لبنان من مواجهته في القمّة.
 
وتتوقّع الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية، أن يُجدّد لبنان إدانته للتدخّل الإيراني في شؤون الدول العربية، على غرار ما فعل في مؤتمرات عربية سابقة، انطلاقاً من التزامه بميثاق جامعة الدول العربية، ولا سيما المادة الثامنة منه التي تنصّ على أن «تحترم كلّ دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي الى تغيير ذلك النظام فيها». ما يعني، بحسب رأي الاوساط، رفض لبنان وإدانته لأي تدخّل خارجي أو أجنبي في شؤون أي دولة عربية منضوية في جامعة الدول العربية.
 
وفيما يتعلّق بإدانة «حزب الله» وتدخّله العسكري في كلّ من سوريا واليمن وسواهما، فإنّ لبنان لن يستطيع مجاراة الدول الخليجية في تأييد هذا البند، بل سيتحفّظ عليه، على ما شدّدت الأوساط نفسها، انطلاقاً من كون الحزب مشارك في الحياة السياسية اللبنانية، وانطلاقاً ممّا نصّ عليه خطاب القسم ومن ثمّ البيان الوزاري للحكومة، وكون الاستراتيجية الدفاعية للبنان لم تُبحث بعد، ستكون موضع الحوار الداخلي في الوقت المناسب. وإذا كان سلاح «حزب الله» يعتبره لبنان مكمّلاً لسلاح الجيش اللبناني في مواجهة الإرهاب من جهة، والتهديدات الإسرائيلية من جهة ثانية، فهو شأن لبناني، على اللبنانيين الاتفاق عليه لاحقاً على طاولة الحوار. 
 
أمّا وجود الرئيس عون في قمّة عمّان، والى جانبه رئيس الحكومة سعد الحريري، فسيكون له طابع إيجابي جدّاً تضيف الاوساط، بالنسبة لإعادة تعزيز العلاقات اللبنانية- العربية لا سيما تلك الخليجية، انطلاقاً من أنّ لبنان وإن حيّد نفسه عن الصراعات العربية، إلاّ أنّه مع أفضل العلاقات مع الدول العربية التي وقفت الى جانبه في محن كثيرة. علماً أنّ وقوف لبنان الى جانب الأردن ومصر والعراق مع الشعب السوري النازح من خلال استضافة أعداد كبيرة منه، سيكون موضع ترحيب ودعم من سائر الدول العربية التي ستعد بتقديم المزيد من المساعدات المالية للبنان لقاء استضافته أكثر من مليون ونصف نازح سوري.
 
وسيكون للبنان موقفه الرسمي في الكلمة التي سيلقيها الرئيس عون والذي سيُشدّد خلالها على حرص بلاده على أفضل العلاقات مع سائر الدول العربية، وعلى دعمه للقضية الفلسطينية وتشديده على حقّ عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم انطلاقاً من حقّ العودة الذي نصّ عليه القرار 194 الصادر عن مجلس الأمن الدولي وتأييده الحلّ السياسي للأزمة في سوريا والمطالبة بالعودة الآمنة للنازحين السوريين الى بلادهم في أسرع وقت ممكن، كما لسائر أزمات الدول الأخرى مثل العراق واليمن.. فضلاً عن التزام لبنان بالقرارات الدولية الصادرة بحقّه فيما يتعلّق بالصراع اللبناني- الإسرائيلي، أو العربي -الإسرائيلي، ولا سيما القرارين 1559 و 1701 الذي يُطالب إسرائيل بالانسحاب من مزارع شبعا المحتلّة ومن تلال كفرشوبا. 
 
وأكّدت الاوساط، بأنّ وجهات النظر بين عون والحريري ستكون متطابقة، ما يجعل لبنان يجمل موقفاً واضحاً وموحّداً الى قمّة عمّان، بخلاف ما يتوقّع البعض، خصوصاً وأنّ العناوين الخلافية بينهما قد تمّ تخطّيها من خلال التسوية التي حصلت أخيراً وأوصلت العماد عون الى قصر بعبدا والحريري الى السراي الحكومي. وبناء على ذلك، فإنّ أي بند أو ملف لن يكون موضع نزاع أو خلاف أو شرخ في القمّة العربية، بل سيتمّ تلافي الوقوع في أي فخّ ليظهر لبنان الذي يريده العهد الجديد أمام سائر الدول العربية.

دوللي بشعلاني - "الديار" - 28 آذار 2017

إرسال تعليق

 
Top