استقبل البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، قبل ظهر اليوم، في الصرح البطريركي في بكركي وفد كهنة أبرشية ميلانو المؤلف من 126 كاهنا نالوا السيامة الاسقفية منذ 10 سنوات وما دون، يرافقهم النائب العام المطران ماريو دلبيني، النائب الاسقفي المطران فرانكو انييزي، عدد من النواب الاسقفيين وكاهن الرعية المارونية الخوري اسعد سعد، وذلك في اطار زيارة الحج التي يقوم بها الوفد الى لبنان بهدف "التعرف على الكنيسة المارونية والنموذج اللبناني في اعتماد الحوار وتطبيق صيغة العيش الواحد بين مختلف الاديان والطوائف، الامر الذي يجعل من لبنان وطنا للرسالة ونموذجا مميزا في تعايش الحضارات والثقافات".
وعبر رئيس الوفد المطران دلبيني عن "سعادة الاباء بلقاء البطريرك الراعي،" ناقلا "محبة وتحيات رئيس اساقفة ميلانو الكاردينال انجيلو سكولا"، الذي تعذر عليه مرافقة الوفد الى لبنان، لإهتمامه بتنظيم زيارة قداسة البابا فرنسيس لميلانو في عيد البشارة السبت المقبل.
ولفت دلبيني إلى أن "هناك وحدة وتضامن وشراكة بين أبرشية ميلانو والكنيسة المارونية التي اصبح لها رعية في الأبرشية".
وحضر اللقاء في مسرح الصرح البطريركي، السفير البابوي المطران غابرييلي كاتشا، راعي أبرشية البترون المطران منير خير الله، المعاون البطريركي المطران جوزيف نفاع، وأساتذة من جامعة الروح القدس - الكسليك.
الراعي
والقى الراعي كلمة تمحورت حول "دور الكنيسة المارونية في الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية في لبنان"، مشيرا الى "محيط لبنان الجغرافي من خلال خريطة كبيرة تظهر لبنان كبلد متنوع للأديان والحضارات وسط عالم واسع من الدول الإسلامية التي تعتمد انظمتها السياسية والتشريعية على الدين الاسلامي".
وقال الراعي: "إن لبنان في موقعه الجغرافي على البحر الأبيض المتوسط يعتبر بوابة الشرق الى العالم الغربي، وهو الممر الطبيعي والإلزامي لتبادل الحضارات بين الشرق والغرب إن من خلال موقعه او من خلال تركيبته المتميزة. كما انه بلد ديمقراطي تعهد ابناءه منذ اتفاق 1943 على العيش المشترك والإحترام المتبادل في ما بينهم، وهكذا فصل السياسة عن الدين ونص نظامه العام وتشريعه على احترام نظام وتشريع كل طائفة فكان نظام الاحوال الشخصية".
وشدد على "أهمية هذا النظام المتوازن بين أنظمة الدول التوتاليتارية والنظام الغربي الحالي المتفلت"، مشيرا مستعينا بخريطة لبنان إلى "قرى وبلدات انتشار المسيحيين في لبنان وتوزيع الأبرشيات المارونية على كامل مساحة الوطن"، موضحا "عملية انتشار المدارس والجامعات منذ القرن الخامس عشر مع الإرساليات الأجنبية كمنطلق لهم الى العالم العربي الإسلامي".
ولفت إلى "الطموح اللبناني ونجاحات اللبنانيين في كل دول العالم"، وقال: "هذه النجاحات مستمدة من طبيعة لبنان، فالبحر الممتد أمامهم دفعهم إلى الإنفتاح على العالم، والساحل الضيق مع الصعود المتنامي للجبال كان له الدور في تطلعهم دائما نحو العلى، مزودين بالطموح المتنامي".
وحذر من "خطر اضمحلال دور لبنان، هذا البلد الصغير بمساحته والغني بأبنائه لسببين: اولا، الحرب السورية والكم الكبير من النازحين السوريين الذين اتوا الى لبنان وباتوا يشكلون مع اللاجئين الفلسطينيين نصف عدد سكانه، وهم بالتالي يزاحمون اللبنانيين على لقمة العيش، ويشكلون عبئا على الإقتصاد اللبناني، الأمر الذي يدفع بالكثير من اللبنانيين، لا سيما المسيحيين الى الهجرة"، وقال: "أما السبب الثاني فهو الخلل الديموغرافي الناتج من عدم توازن العدد بين المسلمين والمسيحيين".
ودعا الراعي المجتمع الغربي إلى "لعب دوره في دعم لبنان لكي يبقى خميرة وحاجة للغرب والشرق".
مكرزل
من جهته، تحدث الراهب اللبناني الأب شربل مكرزل عن "دور الكنيسة المارونية في نشر وتطوير اللغة العربية"، عارضل "للدور الذي لعبته الكنيسة بعد الفتح الإسلامي، إن لناحية الترجمة أو الشعر أو النثر أو تأليف الكتب وترجمة الكتاب المقدس والكتب الطقسية والمخطوطات وغيرها من مؤلفات لآباء الكنيسة، ودورها في تأسيس المدارس والجامعات مما ساهم في نشر هذه الثقافة حول العالم".
خير الله
أما خير الله فتحدث عن "تاريخ الكنيسة ونشأتها"، عارضا ل"المراحل التي مرت بها الكنيسة المارونية من مار مارون ورهبانه، مرورا بالبطريرك يوحنا مارون والكنيسة البطريركية كمؤسسة، وصولا الى الكنيسة المارونية الحديثة".
وأشار إلى "اختبار الكنيسة المحلية مع محيطها الإسلامي في المحبة والانفتاح والتسامح الذين يشكلون روح الكنيسة،" مستندا في عرضه الى شهادات حية.
سكولا
بعدها، تم عرض كلمة مصورة وجهها الكردينال انجيلو سكولا للمشاركين على شاشة عملاقة، جاء فيها: "لقد نشأت فكرة تنظيم هذا الحج بعد الدعوة التي وجهها الي كل من البطريركين الراعي ولويس ساكو لزيارة لبنان والعراق، إضافة الى رغبتي في مشاركتكم هذا الإختبار المميز، اختبار كنائس الشرق في تنوعها وملاقاتها في محيطها كأقليات والتحديات التي تواجهها".
أضاف: "وجدت أن هناك ثلاثة خطوط عريضة يطرحها هذا الإختبار:
1- عيش الإنتماء المسيحي في محيط مختلف عنه.
2-الوعي لخير التقاليد واهميتها من دون التقوقع على غرار الغرب الذي يرى في التقوقع والإنغلاق وسيلة للمحافظة على التقاليد، وانما بالحوار مع مختلف الطوائف المسيحية والإسلامية. كثيرة هي الوجوه المسيحية من قديسين ورهبان وكهنة ومطارنة وبطاركة تميزت بالحوار والإنفتاح من دون فقدان الهوية والتقاليد، واشتراكهم بالإيمان بالله الواحد، وهذا ما تميز به رجالات الكنيسة المارونية وبطاركتها، واخص بالذكر القديس شربل، الذي انا من المتعبدين له، وأسألكم الصلاة لي عند زيارة ضريحه.
3- ميزة الخروج من النرجسية والانفتاح على الآخر ومفاجأته: المسيحيون الشرقيون يعيشون في محيط جيوسياسي معقد، وللوهلة الاولى غير محتمل، إن كان من خلال اضطهاد الأقليات أو النزاعات العسكرية المسلحة، مما خلق موجات هائلة من النزوح باتجاه اوروبا التي تتميز بنرجسية مطلقة دانها قداسة البابا، في حين أن المسيحيين الشرقيين كانوا السباقين في احتضانهم".
وتابع: "إن الكنائس الشرقية التي نزورها هي مثال لنا على مثال كنيسة الرسل في الإنفتاح على الآخر، الذي نتشارك معه المصير نفسه. شهادة الدم لإخوتنا المسيحيين في الشرق، التي هي شراكة لسر فداء المسيح على الصليب وطريق للقيامة، ومن خلال شهادتهم نحصل على تأكيد صحة وانتصار ايماننا المسيحي وانتصار الصليب والقيامة".
وأردف: "أتمنى أن يكون حجكم إلى لبنان غذاء لرسالتكم الكهنوتية، وتجديدا لمسيرتكم في رعاياكم، مسيرة حب وانفتاح على الآخر بتغذية من روحانية الكنيسة الشرقية".
زيارة الحبيس
وزار الراعي، بعد ظهر اليوم، يرافقه النائب البطريركي العام المطران حنا علوان، الحبيس المطران شربل مرعي في محبسة دير طاميش، حيث كان في استقباله، الى جانب المطران مرعي رئيس الدير الاب مارون عوده ولفيف من الرهبان.
وعبر رئيس الوفد المطران دلبيني عن "سعادة الاباء بلقاء البطريرك الراعي،" ناقلا "محبة وتحيات رئيس اساقفة ميلانو الكاردينال انجيلو سكولا"، الذي تعذر عليه مرافقة الوفد الى لبنان، لإهتمامه بتنظيم زيارة قداسة البابا فرنسيس لميلانو في عيد البشارة السبت المقبل.
ولفت دلبيني إلى أن "هناك وحدة وتضامن وشراكة بين أبرشية ميلانو والكنيسة المارونية التي اصبح لها رعية في الأبرشية".
وحضر اللقاء في مسرح الصرح البطريركي، السفير البابوي المطران غابرييلي كاتشا، راعي أبرشية البترون المطران منير خير الله، المعاون البطريركي المطران جوزيف نفاع، وأساتذة من جامعة الروح القدس - الكسليك.
الراعي
والقى الراعي كلمة تمحورت حول "دور الكنيسة المارونية في الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية في لبنان"، مشيرا الى "محيط لبنان الجغرافي من خلال خريطة كبيرة تظهر لبنان كبلد متنوع للأديان والحضارات وسط عالم واسع من الدول الإسلامية التي تعتمد انظمتها السياسية والتشريعية على الدين الاسلامي".
وقال الراعي: "إن لبنان في موقعه الجغرافي على البحر الأبيض المتوسط يعتبر بوابة الشرق الى العالم الغربي، وهو الممر الطبيعي والإلزامي لتبادل الحضارات بين الشرق والغرب إن من خلال موقعه او من خلال تركيبته المتميزة. كما انه بلد ديمقراطي تعهد ابناءه منذ اتفاق 1943 على العيش المشترك والإحترام المتبادل في ما بينهم، وهكذا فصل السياسة عن الدين ونص نظامه العام وتشريعه على احترام نظام وتشريع كل طائفة فكان نظام الاحوال الشخصية".
وشدد على "أهمية هذا النظام المتوازن بين أنظمة الدول التوتاليتارية والنظام الغربي الحالي المتفلت"، مشيرا مستعينا بخريطة لبنان إلى "قرى وبلدات انتشار المسيحيين في لبنان وتوزيع الأبرشيات المارونية على كامل مساحة الوطن"، موضحا "عملية انتشار المدارس والجامعات منذ القرن الخامس عشر مع الإرساليات الأجنبية كمنطلق لهم الى العالم العربي الإسلامي".
ولفت إلى "الطموح اللبناني ونجاحات اللبنانيين في كل دول العالم"، وقال: "هذه النجاحات مستمدة من طبيعة لبنان، فالبحر الممتد أمامهم دفعهم إلى الإنفتاح على العالم، والساحل الضيق مع الصعود المتنامي للجبال كان له الدور في تطلعهم دائما نحو العلى، مزودين بالطموح المتنامي".
وحذر من "خطر اضمحلال دور لبنان، هذا البلد الصغير بمساحته والغني بأبنائه لسببين: اولا، الحرب السورية والكم الكبير من النازحين السوريين الذين اتوا الى لبنان وباتوا يشكلون مع اللاجئين الفلسطينيين نصف عدد سكانه، وهم بالتالي يزاحمون اللبنانيين على لقمة العيش، ويشكلون عبئا على الإقتصاد اللبناني، الأمر الذي يدفع بالكثير من اللبنانيين، لا سيما المسيحيين الى الهجرة"، وقال: "أما السبب الثاني فهو الخلل الديموغرافي الناتج من عدم توازن العدد بين المسلمين والمسيحيين".
ودعا الراعي المجتمع الغربي إلى "لعب دوره في دعم لبنان لكي يبقى خميرة وحاجة للغرب والشرق".
مكرزل
من جهته، تحدث الراهب اللبناني الأب شربل مكرزل عن "دور الكنيسة المارونية في نشر وتطوير اللغة العربية"، عارضل "للدور الذي لعبته الكنيسة بعد الفتح الإسلامي، إن لناحية الترجمة أو الشعر أو النثر أو تأليف الكتب وترجمة الكتاب المقدس والكتب الطقسية والمخطوطات وغيرها من مؤلفات لآباء الكنيسة، ودورها في تأسيس المدارس والجامعات مما ساهم في نشر هذه الثقافة حول العالم".
خير الله
أما خير الله فتحدث عن "تاريخ الكنيسة ونشأتها"، عارضا ل"المراحل التي مرت بها الكنيسة المارونية من مار مارون ورهبانه، مرورا بالبطريرك يوحنا مارون والكنيسة البطريركية كمؤسسة، وصولا الى الكنيسة المارونية الحديثة".
وأشار إلى "اختبار الكنيسة المحلية مع محيطها الإسلامي في المحبة والانفتاح والتسامح الذين يشكلون روح الكنيسة،" مستندا في عرضه الى شهادات حية.
سكولا
بعدها، تم عرض كلمة مصورة وجهها الكردينال انجيلو سكولا للمشاركين على شاشة عملاقة، جاء فيها: "لقد نشأت فكرة تنظيم هذا الحج بعد الدعوة التي وجهها الي كل من البطريركين الراعي ولويس ساكو لزيارة لبنان والعراق، إضافة الى رغبتي في مشاركتكم هذا الإختبار المميز، اختبار كنائس الشرق في تنوعها وملاقاتها في محيطها كأقليات والتحديات التي تواجهها".
أضاف: "وجدت أن هناك ثلاثة خطوط عريضة يطرحها هذا الإختبار:
1- عيش الإنتماء المسيحي في محيط مختلف عنه.
2-الوعي لخير التقاليد واهميتها من دون التقوقع على غرار الغرب الذي يرى في التقوقع والإنغلاق وسيلة للمحافظة على التقاليد، وانما بالحوار مع مختلف الطوائف المسيحية والإسلامية. كثيرة هي الوجوه المسيحية من قديسين ورهبان وكهنة ومطارنة وبطاركة تميزت بالحوار والإنفتاح من دون فقدان الهوية والتقاليد، واشتراكهم بالإيمان بالله الواحد، وهذا ما تميز به رجالات الكنيسة المارونية وبطاركتها، واخص بالذكر القديس شربل، الذي انا من المتعبدين له، وأسألكم الصلاة لي عند زيارة ضريحه.
3- ميزة الخروج من النرجسية والانفتاح على الآخر ومفاجأته: المسيحيون الشرقيون يعيشون في محيط جيوسياسي معقد، وللوهلة الاولى غير محتمل، إن كان من خلال اضطهاد الأقليات أو النزاعات العسكرية المسلحة، مما خلق موجات هائلة من النزوح باتجاه اوروبا التي تتميز بنرجسية مطلقة دانها قداسة البابا، في حين أن المسيحيين الشرقيين كانوا السباقين في احتضانهم".
وتابع: "إن الكنائس الشرقية التي نزورها هي مثال لنا على مثال كنيسة الرسل في الإنفتاح على الآخر، الذي نتشارك معه المصير نفسه. شهادة الدم لإخوتنا المسيحيين في الشرق، التي هي شراكة لسر فداء المسيح على الصليب وطريق للقيامة، ومن خلال شهادتهم نحصل على تأكيد صحة وانتصار ايماننا المسيحي وانتصار الصليب والقيامة".
وأردف: "أتمنى أن يكون حجكم إلى لبنان غذاء لرسالتكم الكهنوتية، وتجديدا لمسيرتكم في رعاياكم، مسيرة حب وانفتاح على الآخر بتغذية من روحانية الكنيسة الشرقية".
زيارة الحبيس
وزار الراعي، بعد ظهر اليوم، يرافقه النائب البطريركي العام المطران حنا علوان، الحبيس المطران شربل مرعي في محبسة دير طاميش، حيث كان في استقباله، الى جانب المطران مرعي رئيس الدير الاب مارون عوده ولفيف من الرهبان.
22 آذار 2017
إرسال تعليق