في الوقت الذي «تضطرم فيه نار اللجوء السوري الى لبنان تحت رماد قلق اللبنانيين على امنهم وسلامتهم ولقمة عيشهم، لا يقوم وزير النزوح السوري والحكومة مجتمعة، بأي خطوة عملية لمواجهة هذه الكارثة التي دخلت في سنتها الخامسة، وقد تستمر خمس سنوات اخرى، وربما اكثر، وما يترتب على ذلك من انفاق لاموال المواطنين، ومن استهلاك للبنى التحتية اللبنانية، ومن مزاحمة للبنانيين في اعمالهم ومصالحهم، ومن ولادات جديدة لا تتخذ تدابير صارمة للحد منها، وكل ما يبذل في هذا الشأن هو مطالبة الدول القادرة والمجتمع الدولي بمساعدات لا يلبى منها سوى القليل القليل، اما الكثير الكثير فيذهب الى تركيا والاردن، في حين ان «حصة» لبنان بتحذيره من اي تدابير تهدد سلامة النازحين وعيشهم، اما سلامة اللبنانيين وحياتهم وعيشهم ومستقبلهم، فلا تؤخذ في حساب الدولة اللبنانية، وحساب المجتمع الدولي.
كارثة النزوح السوري، وفي جزء منها النزوح الفلسطيني الذي ضاقت به المخيمات، لا تنعكس في لبنان على طائفة معينة او منطقة معينة، لان جميع المناطق والطوائف، بما فيها الطائفة السنية، تئن تحت وطأة هذا النزوح، وترجم هذا الأنين في مناطق ومناسبات عديدة، بتظاهرات وقطع طرقات ومناشدات ومراجعات، دون ان تلقى جميعها اي اهتمام او اي تدبير سريع، يوقفان التطبيع السوري وغير السوري مع الحياة اليومية للبنانيين بجميع اشكالها الاقتصادية والامنية والاجتماعية والصحية، وآخر صرخة لبنانية موجوعة، ارتفعت امس في بلدة علي النهري البقاعية، حيث اطلقت لاول مرة تحذيرات للسلطات اللبنانية، باللجوء الى التصرف الشخصي واستعمال القوة، لمنع السوريين المنتشرين في كل حي وشارع، من الاستيلاء على اعمالهم ووظائفهم ولقمة عيشهم، والاصوات التي تعالت في علي النهري، يتردد صداها في كل البقاع وكل الشمال والجنوب والجبل والعاصمة بيروت، وقد تستفيق الدولة يوماً من سباتها الطويل على احداث امنية كبيرة، لن يكون بامكان احد السيطرة عليها.
ان الانصراف الى معالجة موضوعي الموازنة العامة وقانون الانتخابات، واعطائهما الاولوية الكاملة، والدخول في حالة من ترف النكايات والتنظير و«علك» الاستحقاقات وتجاوزها، والتعامي عن مشكلة قائمة، تحفر عميقاً في قدرة اللبناني على السكوت والتساهل لا يعطي الحكومة ومجلس النواب والمسؤولين والقيادات السياسية والروحية، الحق في وضع كارثة النزوح المليوني الى لبنان، في دائرة الانتظار، تشبهاً بسيرة موظفي الدولة الذين يعرقلون حاجات الناس طلباً لرشوة هي اشبه بالخوّة...
الضحك على اللبنانيين، بتسمية وزير لمعالجة مشكلة بهذا الحجم، بضاعة فاسدة لا قيمة لها، والاهمال بداية اوصل الى هذه الحالة الكارثية، والتمادي به سيوصل الى ما لا تحمد عقباه.
فؤاد أبو زيد - "الديار" - 6 آذار 2017
إرسال تعليق