0
وزير الخارجية المميز الصديق المرحوم فؤاد بطرس، كان يتهم حتى من اصدقائه والمقربين منه، بنظرته المتشائمة، في معظم الاحيان، الى مستقبل لبنان، وقد سألته مرة عن اسباب هذا التشاؤم عند تحليله للوضع اللبناني العام، فاجاب بصراحته المعهودة: «اذا كنت انت من هؤلاء الناس، فانت ايضاً لست قارئاً جيداً. للوضع اللبناني».

اللبنانيون الذين شهدوا بداية الحرب في لبنان، عام 1969، اعتبرت اكثريتهم ان الاشتباك بين متظاهرين فلسطينيين وحلفاء لبنانيين، قرب مدرسة المقاصد عام 1969 مع قوى الامن وسقط بنتيجته عدد كبير من القتلى والجرحى، ليس سوى حادث عابر يمكن تطويقه، لكن الحرب اللبنانية انطلقت منذ ذلك اليوم، وما زالت مستمرة الى يومنا هذا ولو في اشكال مختلفة، ما يؤكد صوابية تشاؤم بطرس بالنسبة الى الوضع اللبناني، الذي مرّ بفترات هدوء مصطنع، لكن جمر الاتّقاد في اي لحظة، ما زال تحت رماد المعالجات الموضعية، وما يشهده لبنان منذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الاميركية، من قلق وترقب، نتيجة موقفه من ايران، وردة الفعل الايرانية، وحليفها حزب الله، اعادا لبنان سريعاً الى عين العاصفة، خصوصاً بعد المواجهة الكلامية الحامية بين حزب الله والمسؤولين الاسرائيليين، والتهديد المتبادل بالدمار والتدمير.

ايران بدأت اليوم مناورات برية واسعة النطاق، اطلقت عليها نعت انها لمواجهة التهديدات والعقوبات الاميركية المهينة، ومايك نيس نائب الرئيس ترامب حذر ايران من اختبار عزم بلاده ورئيسه، فرد عليه قائد القوة البرية للحرس الثوري الايراني العميد محمد باكبور ان بلاده مستمرة في ارسال قوات برية الى دول سوريا والعراق ولبنان واليمن، تحت مسمى «مستشارين» وفي معلومات لصحيفة الحياة، ان جهة عربية نقلت معلومات دولية الى حزب الله، بأن اسرائيل ستقوم بعمل عسكري كبير ضد حزب الله ولبنان، رداً على اي عمل عسكري ضدها، من لبنان وسوريا، فهل بعد هذه الصورة السوداء للوضع... بقي هناك مجال للشعور بالتفاؤل لدى اللبنانيين، او شعور بأن الايام المقبلة ستحمل الى لبنان السياح العرب والمغتربين اللبنانيين، ومعهم الاستثمارات المرجوة؟

حتى الان لم يصدر عن الحكومة اللبنانية، ولا عن قصر الرئاسة في بعبدا، الموقف المفترض به ان يطمئن اللبنانيين، الى الوضع الاقليمي المستجد، والى الوضع الذي يمكن ان يتفجر على الحدود اللبنانية الجنوبية، الا اذا كان التشاؤم «البطرسي» هو سيد الموقف في الدوائر الرسمية المنشغلة بقانون الانتخابات والموازنة وتفسير الطائف والصلاحيات.
في وسط هذه الاجواء الملبدة التي لا تبشر بالخير، اكد وزير السياحة اواديس غيدانيان ان موسم الاصطياف هذه السنة سيكون موسماً واعداً، ولم يعرف اذا كان تأكيده هذا، قبل التصريحات والتهديدات المتبادلة بين حزب الله واسرائيل، او بعدها، ولا يعرف اذا كان «قارئاً جيداً للوضع اللبناني» او لا، ولكن على اي حال يبقى تأكيده ضوءاً خافتاً في عتمة تشاؤم غالب.

فؤاد أبو زيد - "الديار" - 20 شباط 2017

إرسال تعليق

 
Top