يخوض رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل معركة مزدوجة الاهداف، اولهما تصحيح التمثيل النيابي المسيحي من خلال قانون جديد يحرر ممثلي المسيحيين في الندوة من تأثير القوى السياسية والمذهبية الاخرى، وثانيهما يتمثل في تأهيل ذاته لخلافة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوماً، إنطلاقاً من كونه المرشح القوي بعد أن شكّل إنتخاب عون ارساءً لهذا الوضع في منطق باسيل، وإن كان وزير الداخلية نهاد المشنوق رفع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الى كل من رئيسي الجمهورية والحكومة لتوقيعه عملاً بما يفرضه عليه الدستور واستناداً الى مقولة «الّهم إني بلغت»، استدراكاً لاتهامه بالتواطؤ مع ما رافق هذه الدعوة من خرق لتفاهمه مع عون بعد توافقه معه لإرجاء رفع المرسوم حتى 18 اذار لإعطاء فرصة لإنتاج قانون جديد لئلا يرفض عون توقيعه ويفتح الامر سجالا دستوريا حول صلاحيات الرئيس في هذا الوقت.
وفي ظل معطيات واضحة لدى رئيس الجمهورية بأنّ هذا الاستحقاق لن يجري في موعده وسيرجأ الى وقت لاحق لإعداد قانون جديد، ينشط باسيل منذ اليوم في اتجاهين:
الاول، وهو في وجه القوى السياسية التي يتهمها بعرقلة انتاج قانون جديد لاستحصالها على نواب مسيحيين في كتلها النيابية موجها السهام بنوع خاص نحو النائب وليد جنبلاط الذي بات يردّد في مجالسه بأنّ استمرار باسيل على هذه الوتيرة في مواقفه سيوصل البلاد الى فتنة مذهبية. لان مواقفه جد حادة وتتجاوز الخطاب السياسي الى حد التحدي المذهبي.
لكنّ رئيس التيار الوطني الحر يُجيب بأنّ على عاتقه كرئيس أكبر حزب مسيحي تأمين قانون جديد يحفظ حقوق المسيحيين بالتمثيل النيابي الصافي بحده الأقصى ، لكونه من موقعه وصلته بعون يشكل رأس حربة للعهد الحالي الذي أخذ على عاتقه تصحيح هذا الخلل، ولذلك لم يعد بإمكانه التراجع في مواقفه والتساهل في هذا الملف منعاً لاتهامه بالفشل او التنازل.
وفيما خصّ الهدف الثاني المرتبط بحسابات باسيل الرئاسية انطلاقاً من تعزيز موقعه وكتلته النيابية بما يتطلب ايضاً فوزه بالإنتخابات النيابية في دائرة البترون بهدف اكتساب صفة الرئيس القوي هو أمر يدخله في تجاذب مع الدكتور سمير جعجع الذي يربط في قرارة ذاته اندفاعه القوي لإنجاح باسيل بمدى حيازة القوات على مرشحين الى جانب التيار اذا ما كان القانون يفرض ذلك، ليخرج من هذا الإستحقاق كمرشح رئاسي بكتلة أكبر ممّا هي عليه اليوم.
وفي هذا الاطار يندرج العشاء الذي أحياه التيار الوطني الحر في قضاء زغرتا التي يستعد باسيل وجعجع لاقتحامها بمرشحين بهدف اسقاط النائب سليمان فرنجية اذا أمكن، أو ضربه سياسياً في حال فوز مرشحيهما بما يبعده عن الحلبة الرئاسية كمرشح مرتقب يحظى بدعم من حزب الله وحركة أمل التي لم تؤيد عون ولن تؤيد باسيل وكذلك سيكون مدعوماً من جانب الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط.
وجاء كلام الوزير بيار رفول ابان العشاء بأنّ تحالف التيار والقوات ورئيس حركة الاستقلال ميشال معوض بخوض الانتخابات معاً بمثابة بدء المعركة الهادفة لابعاد فرنجية عن الحلبة لصالح باسيل الذي يتحضر لخلافة عون في بعبدا.
الا ان العشاء بما حمل من مواقف شكل مفاجأة للواقع سياسي في قضاء زغرتا، كون المعطى الذي كان يخيّم على هذا القضاء هو أنّ حزب الله يرفض انكسار حليفه فرنجية على يد تحالف جعجع ـ باسيل.
وقد أتى الكلام الإنتخابي لكل من باسيل ورفول كتحد مباشر لفرنجية على ما رأت اوساط زغرتاوية مؤيدة للمردة داعية الى عدم التقليل من قدرات تيار المردة الذي سيكون له مرشحون في الاقضية المجاورة، كما سيكون له ايضاً مرشحون وحضور انتخابي فاعل في عدة مناطق واقضية مجاورة ومن بينها البترون.
واشارت الاوساط الى ان تحالف التيار والقوات «ناويين» على معركة ضد المردة بهدف إلغاء كل المعارضين لهما مجددين بذلك الكلام بأنهما ليسا قوى إلغائية، وان هذه الخطوة قد تناسب معوض لان ابناء المنطقة لا يقبلون بضرب مستقبل فرنجية الرئاسي لصالح باسيل وجعجع عدا ان الانتخابات لن تكون بهذه السهولة.
إلا أن إدراج معوض منذ اليوم في خانة الإصطفاف حمل تساؤلات حول موقفه، لاسيما انه مؤيد للتحالف المسيحي الثنائي، والطرف الثاني للإئتلاف البلدي الزغرتاوي، لذلك تقول أوساط مطلعة بأن رئيس حركة الإستقلال حريص على تعزيز مناخ الهدوء في زغرتا كما يشدد على قضية موقعه السياسي الوطني إن كان من باب تمسكه بخياراته السيادية ورفضه للفساد لكن على أساس الحفاظ على خياره السياسي، لكونه يمثل بيضة القبان في هذه المواجهة بين الثنائي المسيحي وبين فرنجية. إذ ان التحييد حاليا بأبعاده المختلفة تتابع الاوساط في منطق معوض الذي يترقب القانون الانتخابي، لا يأتي مقابل إلغائه ولا إلتحاقه بأي محور قبل استيفائه دراسة قراره بكل جوانبه.
لكن قبل الوصول الى هذه الحسابات يستعد عون لرفض التوقيع على مرسوم دعوة الناخبين اذا ما رفعه اليه رئيس الحكومة، وهو يعرب عن استعداده لتحمل تداعيات هذه الخطوة ولو وصل الامر الى الفراغ النيابي ،لكونه يعي بان القوى المتمسكون بالقانون الحالي يراهنون على تدخل دولي يفرض على الدولة اللبنانية عدم ارجاء الانتخابات النيابية بعد انتخاب رئيس جديد للبلا، على قاعدة «الانتخابات الان» واحترام الاستحقاقات الدستورية في بداية العهد، وعندها يكون عون انكسر وخسر المعركة منذ بداية عهده، في حين يقود مواجهة على اكثر من صعيد حسب اوساط عليمة بموقفه تهدف لكسر كل القوى السياسية منذ انطلاقة عهده على ما اراد في الحكومة من اجل انطلاقته متقدما عليهم.
وتتابع الاوساط بان تيار المستقبل لا يقبل بكتلة نيابية اقل من 30 نائبا بما يعني ان هذا العدد مفترض ان يستكمل بنواب مسيحيين لكون شخصيات سياسية سنية لن تكون مؤيدة للمستقبل ستفوز بعدة مقاعد بما يدفع التيار الأزرق لتعزيز واقعه بنواب مسيحيين مفترض ان يكون من حصة التيار الوطني الحر اذا ما فاز خيار عون بقانون جديد غير الحالي.
سيمون أبو فاضل - "الديار" - 21 شباط 2017
إرسال تعليق