0
المعركة حامية و«الميت» قانون الستين، هذا هو العنوان الذي يشغل البال لدى الطبقة السياسية، فالبعض طالب واراد النسبية، فالنتائج بالنسبة اليه مضمونة ولا يُبالي باي نسبة سوف تؤثر في الاجتياح المستمر للثنائية الشيعية وآخرون يريدون النسبية بنكهة المختلط وهم مطمئنون سلفاً للمفاعيل السحرية لورقة التفاهم، فالتيار الوطني الحر الذي صال وجال وانتصر في القضاء لا بأس ان يعزز فوزه بالتحالف مع القوات اللبنانية ليضيف الى مكاسبه عدداً لا بأس به من المقاعد، خصوصاً ان القوات والتيار يتبادلان منذ تأليف الحكومة المقاعد سواء في الوزارة او في النيابة ويتفاوضان وكأنهما واحد، وهما مرتاحان لأي قانون انتخابات يقر نسبي او مختلط او ابقاء الستين على احواله، فان التسونامي في النتائج سوف يجتاح القوى المسيحية الاخرى ليرميها على ضفاف ساحة النجمة تنتظر المواسم الاخرى علّ الرباط العوني ـ القواتي يفك.

هذا الأمر يسعى الآخرون الى تداركه خصوصاً ان النوايا بالالغاء تدور في رؤوس البعض لدى حلف النوايا، فالمتضررون يسعون ويفتشون عن اي حليف فالمناطق المسيحية ستشهد حرب طاحنة بين حلف «التفاهم» والفريق المتضرر.

وفيما تجتاح حمى الانتخابات المناطق المسيحية فالماكينات الانتخابية تحتار اي نهج تتخذ الستين ام المختلط تقول مصادر متابعة، وفي الاثنين تترقب القوى السياسية والحزبية ما ستفعله الثنائية القواتية والعونية، وهاجسها «المحدلة» المنتظرة للقوات والوطني عليه، ويبدو ان حزب الكتائب الذي أخرج نفسه بنفسه من الحكومة ومن التسوية السياسية التي اتت بميشال عون رئيساً، لم يعد لديه ساحة لتصفية حساباته الا في الانتخابات النيابية لمنازلة خصميه المسيحيين المتحالفين فحزب الكتائب التي «عيّب» رئيسه على القوى السياسية التي رفضت الستين ثم سارت به، فتح دفاتره القديمة، زار بيت الاحرار في السوديكو الذي يفتقر حرارة اللقاءات السياسية وحل الكتائبيون زواراً في مدينة زحلة في دارة السيدة ميريام سكاف متجاهلين او معلقين الاشكال القاتل فصمت النائب ايلي ماروني عن الكلام لأن المصير الانتخابي في خطر والسيدة ميريام وريثة في اسياسة لا علاقة لها بالملف.

واكدت المصادر ان المقاعد الكتائبية في خطر حقيقي ووجودي وترتاب الكتائب من «النوايا» التي تجول في الأروقة السياسية لالغائها، فالقوات لا تزال «عينها» على حزب الله ـ الوطن والعائلة والتيار الوطني الحر لم ينس الاداء الملتبس قبل وبعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وتخشى المصادر ان تخسر القيادة الحالية على ما جناه الرئيس الاسبق امين الجميل من مقاعد نيابية بعدما خسرت قيادة سامي الحقائب الوزارية.

وفي طرابلس تضيف المصادر ان النائب سامر سعاده يحضر حقائبه للانتقال الى مسقط رأسه في قضاء البترون حيث ستدور المعركة الكبرى بين تحالف العونيين والقوات من جهة وبين الكتائب والنائب بطرس من جهة اخرى، والخشية ان يخرج الاخيران من المعركة بخسارة مدوية حيث تشير استطلاعات الرأي والتوقعات الى فرص فوز مرتفعة لانطوان زهرا وجبران باسيل.

فالكتائب تعتبر نفسها في مرمى «نيران» اخصام وحلفاء، وملف النوايا انشىء «لمحاربتنا» فلا احد في اعتقاد الكتائب حاول ان يصالحها او يستقطبها اثناء تأليف الحكومة ولن يحصل ذلك في الانتخابات النيابية ايضاً حيث سيتكرر السيناريو نفسه فتقاسم المقاعد النيابية بين القوات والتيار لن يبقي لها مكاناً.

القوات تتطلع لانتزاع المقعد الماروني في المتن الشمالي فيما يتطلع التيار الوطني الحر الى المقعدين المارونيين في بيروت وزحلة. اما المقعد الارثوذكسي في عاليه، فان القوات ستسعى للحصول عليه في اطار عملية التبادل الانتخابي وضمن معادلة «خود وهات» لكن الكتائب كما يقول كتائبيون ليس وارداً في اوراقها او الاستسلام وهي التي رفضت المشاركة في حكومة بغير مستواها الممثلين بوزير دولة عرض عليها في المفاوضات الحكومية على طريقة «رفع العتب».

وفي اعتقاد الكتائب ثمة اسلحة تحتفظ بها لزمن الانتخابات النيابية، وما جرى في الانتخابات البلدية هو نسخة ونموذج مصغر لما سيحصل. ففي زحلة اثبتت المدينة ان الكتائب رقم صعب وان آل فتوش لن يمانعوا المصالحة التاريخية مع آل سكاف اذا دق الخطر القواتي - القواتي الانتخابي مجدداً ابواب زحلة.

ويطمئن الكتائبيون الى الصوت الشيعي الذي لن ينزل برداً وسلاماً في صناديق الاقتراع لصالح القوات مهما زينت لهم ماكينات التيار الوطني الحر فوائد الاختيار بل ستصب الاصوات في مكان آخر بعيداً عن عقاب صقر المرشح الشيعي في لوائحهم.
وفق حسابات الكتائب فإن لكل قضاء انتخابي خطة تحاكي وضعيته والناخب فيه. المتن الشمالي هو «ملعبنا» يقول كتائبيون رغم هواجس تفاهم معراب، وفي بيروت المقعد التاريخي للمؤسس فلن تقوى عليه محاولات القضم والهيمنة. وفي المقابل يضيف الكتائبيون فإن المعركة سننقلها الى «عقر دارهم» في البترون حيث سنرى بعد الامتحان «من يكرّم» خصوصا ان حلفا يلوح في الافق في مواجهة تحالف القوات- التيار يمتد من تنورين برعاية وحضور ومشاركة تيار المردة.

في الكورة لا احد ينكر ما يشعر به النائب فريد مكاري الذي ضاق ذرعا بحلفائه السابقين، على حدّ قول المصادر، الذين مدوا ايديهم الى «خرج» نائب رئيس المجلس عبر المفاوضة على المقعد الارثوذكسي الثاني، ولا احد يمكنه تجاهل غضب رئيس تيار المردة الذي لا يزال متوثبا من الانتخابات الرئاسية وحيث لم يستطع ان «يهنئ» ولا يزور رئىس الجمهورية وهو الذي لحق ما لحق به من الانتخابات الرئاسية فلم يجد من يسانده ويدعمه في الحكومة الاّ رئيس المجلس النيابي الذي اعطاه حصته في وزارة الاشغال.

وما يزيد من غضب فرنجية برأي المصادر هو في المحاولات الحثيثة لخلق جبهة زغرتاوية في مواجهته حيث يتم التخطيط للاستعانة برجل الجنرال الفكري الوزير بيار رفول كي يضمنوا الاصوات في القرى والبلدان.

خصوصا وان فرنجية حقق انتصارا في الانتخابات البلدية ورئاسة الاتحاد وتبقى الانتخابات النيابية التي تعتبر مفصلية له او معركة «حياة وموت» سياسية ولذلك يعمل فرنجية الى تحصين تفاهمه وحواره مع ميشال معوض وايصاله الى الخواتم السعيدة.

اذا المشهد يشي بأن معركة طاحنة تلوح في الافق وان محاولات الهدنة لن تتوقف بعد سريان الوفاق بين الجميع. مرت التشكيلة رغم تناقضاتها سلاسة فاجأت الجميع، وحاليا يجري العمل على اقرار قانون للانتخابات بتقسيمات لا تغضب اي من المكونات السياسية.

ولا عجب ان تحصل لوائح ائتلافية بين كبار الناخبين والفاعلين في الشأن النيابي. فالوفاق يمكن ان يهبط عليها كما يهبط الطير فجأة من دون مقدمات وحدهم المسيحيون هواة المعارك يمارسون الديموقراطية في مناطقهم حتى ولو كلفتهم المعركة بعضاً من الوجود.

ابتسام شديد - "الديار" - 18 كانون الثاني 2017

إرسال تعليق

 
Top