في حمأة السجال السياسي الدائر حول قانون الانتخابات النيابية، وبينما الأنظار تتجه الى جولة الرئيس ميشال عون الخليجية والى انطلاقة الحكومة وقراراتها، حدث اجتماع في مقر وزارة الخارجية جمع الوزير جبران باسيل والوزير علي حسن خليل برعاية وحضور اللواء عباس ابراهيم.
هذا اللقاء الاستثنائي الذي يقول عنه الرئيس نبيه بري إنه تناول مسائل وملفات متعددة ولم يقتصر البحث فيه على قانون الانتخابات، لم يتنبه له البعض ولم يعره كثيرون أهمية تذكر.
ولكن المطلعين على أجوائه والتحضيرات التي سبقته ينظرون إليه بعين الأهمية ويعتبرونه مؤشرا الى مرحلة جديدة في العلاقة بين الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر من جهة، والرئيس نبيه بري وحركة «أمل» من جهة ثانية... هذه العلاقة التي شهدت طيلة السنوات الماضية تقلبات حادة كان الهبوط فيها أكثر من الصعود، ستبنى على الواقع الجديد الذي نشأ مع وصول عون الى بعبدا، وقد أصبحت مفتوحة على آفاق واحتمالات التقدم والتطور بعدما تحررت من أعباء وخلافات الماضي.
وها هو الرئيس نبيه بري يعلن أن العلاقة بينه وبين الرئيس عون جيدة وأن كل ما سبق انتخابات الرئاسة قد انتهى، وهناك صفحة جديدة بيننا... وأنا من جهتي ومنذ اللحظة الأولى لإجراء الانتخابات الرئاسية اعتبرت أن هناك صفحة وقد طويتها وبدأت صفحة جديدة، وتفاهمت مع «فخامة الرئيس»، وهذه رغبتي بالفعل وأكدت له استعدادي لكل تعاون وقلت له وما زلت عند قولي: «بقدر ما أنك يا فخامة الرئيس مستعد للتعاون، فأنا من جهتي على أتم استعداد للتعاون وأكثر».
مجرد اللقاء بين باسيل وخليل قدم إشارة جدية على حرص الطرفين على ترميم العلاقة ومد الجسور. في هذا اللقاء تم التداول في قانون الانتخابات، ولكن العلاقات الثنائية بين «أمل» و«التيار» كانت البند الرئيسي والمحوري، وفي ظل قناعة لدى الطرفين بأن الباب مفتوح لمزيد من تطوير العلاقة، وأن ما يجمع أكثر مما يفرق، خصوصا التوافق الحاصل حول قانون الانتخاب وملف النفط، وقد حان الأوان لنقل هذه العلاقة من مرحلة الخصومة الى مرحلة التعاون، ومن مرحلة تنظيم الخلافات الى مرحلة إبرام تفاهمات واتفاقات.
حكي كثيرا عن غياب «الكيمياء الشخصية» بين عون وبري، وأن هذا كان سببا أساسيا لحال النفور والتباعد بينهما... ولكن هذا تلطيف أو تسخيف للخلاف السياسي الذي استشرى وامتد من جزين والنفط الى شرعية مجلس النواب وانتخابات رئاسة الجمهورية، حيث جاهر بري بمعارضته الصريحة لانتخاب عون وقاد معركة إيصال فرنجية... المسألة ليست مسألة كيمياء شخصية، وينقل عن الرئيس عون في هذا المجال قوله: «ليس هناك من اثنين بين الساسة اللبنانيين منسجمين بالشخصي عندما يلتقيان مثله ومثل بري»، وإنه عندما يجلس معه «يسود الغزل والترنيم والاحترام الذي يعاملني به أكثر من كل السياسيين سواء في جلسات الحوار أو عندما نلتقي سويا لوحدنا.
حتى باطمئنانه علي وبطريقة تكريمه لي وبالأحاديث الشخصية هناك انسجام الى الآخر بيننا لكن هناك شيئا آخر مقابل ذلك وهو أننا لا ننسجم مع بعضنا بالشغل».
ويتضح من كلام عون أو المنسوب إليه أن عدم الانسجام مع بري هو في «الشغل»، وهو ما يدل بوضوح على عمق المشكلة بينهما خاصة في ظل الانتقادات الشديدة للجنرال قبل رئاسته لأداء الوزير علي حسن خليل، وكذلك الانتقادات الشديدة من قبل الرئيس بري للوزير جبران باسيل المتهم بأنه الأكثر تأثيرا بعون، سواء كان فعل التأثير الذي يمارسه عليه في مصلحة الزعامة العونية أو غير مصلحتها.
ويبدو أن الرئيس بري الذي تعاطى مع المرحلة السابقة بنفس استيعابي يتعاطى مع الأمور بكلياتها ولا يغرق بجزئياتها.
يستخدم اليوم تكتيكات جديدة الغاية منها ليس كسر إرادة العهد الجديد واندفاعته كما يروج خصومه وخصوم عون، بل العمل يدا بيد من أجل تحقيق ما هو مشترك بينهما وعدم السقوط في سجالات ومعارك وانقسامات حول ما هو مختلف عليه.
ومن المؤكد ان الأمور إذا سارت في منحى إيجابي كما هو مؤمل لدى الأصدقاء المشتركين للرئيسين، فإن جهودا كبيرة لابد أن تبذل من أجل معالجة الخلافات المترسبة والمتراكمة على أكثر من صعيد وفي أكثر من مجال، لا سيما بالنسبة لملفات حيوية مثل النفط والإدارة وغيرهما كثير، هذا فضلا عما يمكن أن تشهده ساحات التواجد المشترك في الانتخابات النيابية المقبلة.
خلاصة القول إن العلاقة بين عون وبري ستبقى واحدة من ألغاز المرحلة الجديدة الى أن تنكشف طلاسمها مع تتالي الخطوات والمواقف. فهل تتطور العلاقة بينهما الى علاقة تعاون إيجابي منتج ومثمر على المستوى الوطني العام؟ أم تكون بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت ما لم يحصل هذا التعاون وينزع صاعق تفجيرها؟ وهل على ضوء نتائج الانتخابات النيابية سيتحدد شكل العلاقة مستقبلا بين الطرفين باتجاه استمرار التعاون أو باتجاه التصعيد؟
هذا اللقاء الاستثنائي الذي يقول عنه الرئيس نبيه بري إنه تناول مسائل وملفات متعددة ولم يقتصر البحث فيه على قانون الانتخابات، لم يتنبه له البعض ولم يعره كثيرون أهمية تذكر.
ولكن المطلعين على أجوائه والتحضيرات التي سبقته ينظرون إليه بعين الأهمية ويعتبرونه مؤشرا الى مرحلة جديدة في العلاقة بين الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر من جهة، والرئيس نبيه بري وحركة «أمل» من جهة ثانية... هذه العلاقة التي شهدت طيلة السنوات الماضية تقلبات حادة كان الهبوط فيها أكثر من الصعود، ستبنى على الواقع الجديد الذي نشأ مع وصول عون الى بعبدا، وقد أصبحت مفتوحة على آفاق واحتمالات التقدم والتطور بعدما تحررت من أعباء وخلافات الماضي.
وها هو الرئيس نبيه بري يعلن أن العلاقة بينه وبين الرئيس عون جيدة وأن كل ما سبق انتخابات الرئاسة قد انتهى، وهناك صفحة جديدة بيننا... وأنا من جهتي ومنذ اللحظة الأولى لإجراء الانتخابات الرئاسية اعتبرت أن هناك صفحة وقد طويتها وبدأت صفحة جديدة، وتفاهمت مع «فخامة الرئيس»، وهذه رغبتي بالفعل وأكدت له استعدادي لكل تعاون وقلت له وما زلت عند قولي: «بقدر ما أنك يا فخامة الرئيس مستعد للتعاون، فأنا من جهتي على أتم استعداد للتعاون وأكثر».
مجرد اللقاء بين باسيل وخليل قدم إشارة جدية على حرص الطرفين على ترميم العلاقة ومد الجسور. في هذا اللقاء تم التداول في قانون الانتخابات، ولكن العلاقات الثنائية بين «أمل» و«التيار» كانت البند الرئيسي والمحوري، وفي ظل قناعة لدى الطرفين بأن الباب مفتوح لمزيد من تطوير العلاقة، وأن ما يجمع أكثر مما يفرق، خصوصا التوافق الحاصل حول قانون الانتخاب وملف النفط، وقد حان الأوان لنقل هذه العلاقة من مرحلة الخصومة الى مرحلة التعاون، ومن مرحلة تنظيم الخلافات الى مرحلة إبرام تفاهمات واتفاقات.
حكي كثيرا عن غياب «الكيمياء الشخصية» بين عون وبري، وأن هذا كان سببا أساسيا لحال النفور والتباعد بينهما... ولكن هذا تلطيف أو تسخيف للخلاف السياسي الذي استشرى وامتد من جزين والنفط الى شرعية مجلس النواب وانتخابات رئاسة الجمهورية، حيث جاهر بري بمعارضته الصريحة لانتخاب عون وقاد معركة إيصال فرنجية... المسألة ليست مسألة كيمياء شخصية، وينقل عن الرئيس عون في هذا المجال قوله: «ليس هناك من اثنين بين الساسة اللبنانيين منسجمين بالشخصي عندما يلتقيان مثله ومثل بري»، وإنه عندما يجلس معه «يسود الغزل والترنيم والاحترام الذي يعاملني به أكثر من كل السياسيين سواء في جلسات الحوار أو عندما نلتقي سويا لوحدنا.
حتى باطمئنانه علي وبطريقة تكريمه لي وبالأحاديث الشخصية هناك انسجام الى الآخر بيننا لكن هناك شيئا آخر مقابل ذلك وهو أننا لا ننسجم مع بعضنا بالشغل».
ويتضح من كلام عون أو المنسوب إليه أن عدم الانسجام مع بري هو في «الشغل»، وهو ما يدل بوضوح على عمق المشكلة بينهما خاصة في ظل الانتقادات الشديدة للجنرال قبل رئاسته لأداء الوزير علي حسن خليل، وكذلك الانتقادات الشديدة من قبل الرئيس بري للوزير جبران باسيل المتهم بأنه الأكثر تأثيرا بعون، سواء كان فعل التأثير الذي يمارسه عليه في مصلحة الزعامة العونية أو غير مصلحتها.
ويبدو أن الرئيس بري الذي تعاطى مع المرحلة السابقة بنفس استيعابي يتعاطى مع الأمور بكلياتها ولا يغرق بجزئياتها.
يستخدم اليوم تكتيكات جديدة الغاية منها ليس كسر إرادة العهد الجديد واندفاعته كما يروج خصومه وخصوم عون، بل العمل يدا بيد من أجل تحقيق ما هو مشترك بينهما وعدم السقوط في سجالات ومعارك وانقسامات حول ما هو مختلف عليه.
ومن المؤكد ان الأمور إذا سارت في منحى إيجابي كما هو مؤمل لدى الأصدقاء المشتركين للرئيسين، فإن جهودا كبيرة لابد أن تبذل من أجل معالجة الخلافات المترسبة والمتراكمة على أكثر من صعيد وفي أكثر من مجال، لا سيما بالنسبة لملفات حيوية مثل النفط والإدارة وغيرهما كثير، هذا فضلا عما يمكن أن تشهده ساحات التواجد المشترك في الانتخابات النيابية المقبلة.
خلاصة القول إن العلاقة بين عون وبري ستبقى واحدة من ألغاز المرحلة الجديدة الى أن تنكشف طلاسمها مع تتالي الخطوات والمواقف. فهل تتطور العلاقة بينهما الى علاقة تعاون إيجابي منتج ومثمر على المستوى الوطني العام؟ أم تكون بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت ما لم يحصل هذا التعاون وينزع صاعق تفجيرها؟ وهل على ضوء نتائج الانتخابات النيابية سيتحدد شكل العلاقة مستقبلا بين الطرفين باتجاه استمرار التعاون أو باتجاه التصعيد؟
"الأنباء الكويتية" - 11 كانون الثاني 2017
إرسال تعليق