يخوض التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية معركة للحصول على قانون انتخابي جديد. لكن قبل القانون، هناك أيضاً معركة تقاسم الحصص بينهما في عهد يعدّه الأول عهده، ويرى الثاني أنه شريك فيه
رغم أن النقاشات والاجتماعات المكثّفة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر تركّز على مناقشة قانون الانتخاب، إلا أن الطرفين لم يتفقا، حتى الآن، إلا على رفض ما لا يريدانه، وليس على ما يريدان، ورغم أن ما يرفضانه سوياً يثير التباسات وسط وجهات نظر متناقضة حول قانون الدوحة والتمديد للمجلس النيابي. غير أن ما هو معلن، أنهما يرفضان هذا القانون، ولو أن أوساطاً في كليهما لا تزال تجزم بحصول الانتخابات على أساس «الستين». ومع رفضهما المشترك، لا يزال الطرفان عالقين عند القانون الذي لم يتفقا عليه بعد.
لكن سواء أجرت الانتخابات على أساس هذا القانون، أم اتفقا على تغييره، فإن أمامهما استحقاقاً أساسياً يبدو أنهما يتريثان في مواجهته، ويتفاديان مقاربته صراحة، هو شكل التحالف الانتخابي بينهما، وعلى أي قاعدة سيخوضان الانتخابات وكيف سيتقاسمان الحصص. وهذا هو لبّ المعضلة، لأن الشيطان يكمن في التفاصيل. وتفاصيل الانتخابات، لمن يعرف تشريحها جيداً، متشعبة وكثيرة، ويمكنها أن تبني تحالفات أو تهدم أخرى. وإذا كان بيت القصيد رفض قانون الدوحة، والاتفاق على قانون جديد لم تظهر معالمه بعد، فإن القوات والتيار سيجدان نفسيهما أمام تحدٍّ كبير على مستويين:
الأول، هو تحالفات كل منهما: التيار مع حزب الله، والقوات مع المستقبل. كيف يمكن أن تنظر هذه القوى إلى الشهية المفتوحة لدى الثنائية المسيحية، بوجهها الجديد، في استعادة المقاعد المسيحية وإحكام سيطرتها عليها.
فالثنائية الشيعية وتيار المستقبل أمام حالة مسيحية جديدة بعد الاستفاقة الرئاسية والحكومية التي شهد فيها الطرفان، السنّي والشيعي، رغبة التيار والقوات في اعتماد آلية سياسية في المفاوضات للوصول إلى بعبدا وإعادة توزيع الحصص الحكومية وفق قواعد جديدة فرضها التفاهم بينهما. هل «مسموح» للطرفين المسيحيين إلى هذا الحدّ أن يكتسحا المقاعد المسيحية من دون الأخذ في الاعتبار القوى السياسية الأخرى؟ فالتعامل مع المستقبل والثنائية الشيعية (وتحديداً الرئيس نبيه بري)، لن يكون أمراً يسيراً، خصوصاً في مناطق حساسة، وحيث يملك كل منهما تأثيراً في القرار الشعبي وفي العلاقات مع أطراف سياسيين وقوى محلية. مثلاً، هل تضمن القوات والتيار ألّا تكون لدى الرئيس سعد الحريري رغبة في مسايرة المردة في زغرتا وقضائها وفي الكورة؟ وهل يمكن الحريري أن يقف على حياد «مسيحي» في عكار حيث للمستقبل جذور مزمنة؟ وهل يتخلى الحريري وبري في زحلة عن الكتلة الشعبية والسيدة ميريام سكاف التي تقف في وجه القوات إذا تحالف التيار والقوات ضدها؟ وهل يقف بري متفرجاً في جزين وبعبدا؟ (هنا يبدو النائب وليد جنبلاط الأكثر سهولة في التعاطي مع الحصص المسيحية في جبل لبنان).
المستوى الثاني داخلي يتعلق بتقاسم الحصص بين التيار والقوات.
أثناء تأليف الحكومة والمناقشات بين معراب والرابية، سادت أجواء وقيل كلام كثير عن أن القوات تنفخ في حجمها، وأنها استبقت تأثيرها في الشارع المسيحي بعد التفاهم مع التيار، وأنه لا يحق لها، نسبة إلى عدد نوابها، أن تأخذ حصة حكومية مماثلة لحصة التيار. والقوات لا تزال عاتبة على أن حصتها نقصت وزيراً في الحكومة الثلاثينية.
رغم أن النقاشات والاجتماعات المكثّفة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر تركّز على مناقشة قانون الانتخاب، إلا أن الطرفين لم يتفقا، حتى الآن، إلا على رفض ما لا يريدانه، وليس على ما يريدان، ورغم أن ما يرفضانه سوياً يثير التباسات وسط وجهات نظر متناقضة حول قانون الدوحة والتمديد للمجلس النيابي. غير أن ما هو معلن، أنهما يرفضان هذا القانون، ولو أن أوساطاً في كليهما لا تزال تجزم بحصول الانتخابات على أساس «الستين». ومع رفضهما المشترك، لا يزال الطرفان عالقين عند القانون الذي لم يتفقا عليه بعد.
لكن سواء أجرت الانتخابات على أساس هذا القانون، أم اتفقا على تغييره، فإن أمامهما استحقاقاً أساسياً يبدو أنهما يتريثان في مواجهته، ويتفاديان مقاربته صراحة، هو شكل التحالف الانتخابي بينهما، وعلى أي قاعدة سيخوضان الانتخابات وكيف سيتقاسمان الحصص. وهذا هو لبّ المعضلة، لأن الشيطان يكمن في التفاصيل. وتفاصيل الانتخابات، لمن يعرف تشريحها جيداً، متشعبة وكثيرة، ويمكنها أن تبني تحالفات أو تهدم أخرى. وإذا كان بيت القصيد رفض قانون الدوحة، والاتفاق على قانون جديد لم تظهر معالمه بعد، فإن القوات والتيار سيجدان نفسيهما أمام تحدٍّ كبير على مستويين:
الأول، هو تحالفات كل منهما: التيار مع حزب الله، والقوات مع المستقبل. كيف يمكن أن تنظر هذه القوى إلى الشهية المفتوحة لدى الثنائية المسيحية، بوجهها الجديد، في استعادة المقاعد المسيحية وإحكام سيطرتها عليها.
فالثنائية الشيعية وتيار المستقبل أمام حالة مسيحية جديدة بعد الاستفاقة الرئاسية والحكومية التي شهد فيها الطرفان، السنّي والشيعي، رغبة التيار والقوات في اعتماد آلية سياسية في المفاوضات للوصول إلى بعبدا وإعادة توزيع الحصص الحكومية وفق قواعد جديدة فرضها التفاهم بينهما. هل «مسموح» للطرفين المسيحيين إلى هذا الحدّ أن يكتسحا المقاعد المسيحية من دون الأخذ في الاعتبار القوى السياسية الأخرى؟ فالتعامل مع المستقبل والثنائية الشيعية (وتحديداً الرئيس نبيه بري)، لن يكون أمراً يسيراً، خصوصاً في مناطق حساسة، وحيث يملك كل منهما تأثيراً في القرار الشعبي وفي العلاقات مع أطراف سياسيين وقوى محلية. مثلاً، هل تضمن القوات والتيار ألّا تكون لدى الرئيس سعد الحريري رغبة في مسايرة المردة في زغرتا وقضائها وفي الكورة؟ وهل يمكن الحريري أن يقف على حياد «مسيحي» في عكار حيث للمستقبل جذور مزمنة؟ وهل يتخلى الحريري وبري في زحلة عن الكتلة الشعبية والسيدة ميريام سكاف التي تقف في وجه القوات إذا تحالف التيار والقوات ضدها؟ وهل يقف بري متفرجاً في جزين وبعبدا؟ (هنا يبدو النائب وليد جنبلاط الأكثر سهولة في التعاطي مع الحصص المسيحية في جبل لبنان).
المستوى الثاني داخلي يتعلق بتقاسم الحصص بين التيار والقوات.
أثناء تأليف الحكومة والمناقشات بين معراب والرابية، سادت أجواء وقيل كلام كثير عن أن القوات تنفخ في حجمها، وأنها استبقت تأثيرها في الشارع المسيحي بعد التفاهم مع التيار، وأنه لا يحق لها، نسبة إلى عدد نوابها، أن تأخذ حصة حكومية مماثلة لحصة التيار. والقوات لا تزال عاتبة على أن حصتها نقصت وزيراً في الحكومة الثلاثينية.
وحين رسا التفاهم القواتي ــــ العوني على سحب كل فتائل الخلاف الداخلي المسيحي، وأراح الجو الشعبي، لم يستطع الطرفان ترجمة ذلك في الانتخابات البلدية بنحو حاسم. قيل آنذاك إن ضيق الوقت والعوامل العائلية هي التي غلبت، وإن الطرفين سيعوّضان في الانتخابات النيابية التي يستعدان لها وفق حسابات انتخابية لاستعادة قوة التمثيل المسيحي. لكن «تقريش» التفاهم حصصاً ليس بالأمر السهل، وكلا الطرفين يتطلعان إلى مجلس 2017 بعين جديدة، وإلى الحكومة التي تنبثق من الانتخابات المقبلة برغبة تمثيل أكبر.
هل يمكن أن يتفاهم القوات والتيار على تقاسم الحصص عملانياً؟ أي هل يقبل التيار أن يتنازل عن مقاعد نيابية وتنخفض تالياً كتلته النيابية الحالية التي كانت مصدر قوة له في التمسك بحق التمثيل الرئاسي والوزاري، لكونها الأكثر تمثيلاً؟ أم أن المقصود هو أن تأخذ القوات من حصص حلفائها لا من حصص التيار؟
حين تصل المفاوضات إلى الأسماء وإلى المقاعد في صورة جدية، في كسروان وجبيل وبعبدا وبيروت وزحلة وغيرها، ستكون المفاوضات أصعب وأشق، حتى داخل صفوفهما الداخلية، وبدأنا نشهد في التيار بورصة اسماء تعلو وتهبط بعيداً عن الآليات الرسمية المتبعة.
وهل يقبل التيار دخول القوات إلى جزين؟ وهل يستسهل الطرفان معركة البترون التي انسحب منها النائب أنطوان زهرا إذا تحالفت الكتائب والنائب بطرس حرب؟ وهل معركة جبيل محسومة للتيار والقوات بالسهولة التي يتحدث عنها الطرفان، غير آخذين في الاعتبار أي ترشيحات أخرى جُرداً وساحلاً لا تسهّل عليهما المعركة. علماً أن الطرفين يتعاملان مع الانتخابات على أنهما فريق واحد في مواجهة كل القوى المسيحية الأخرى. لكن على الورق، هل يمكن هذا التحالف أن يُترجم حقاً بخوض الانتخابات بأسماء وحصص متفق عليها لنيل أكبر حصة مسيحية، وهل يستعيضان عن القانون بالتحالفات أم العكس؟ لأن المعركة الحقيقية هي معركة الإمساك بالورقة المسيحية نيابياً وحكومياً في عهد يراه التيار عهده، وترى القوات أنها المساهم الأول في إيصاله.
هيام القصيفي - "الأخبار" - 25 كانون الثاني 2017
إرسال تعليق