الحرب الاستباقية التي تشنها الاجهزة الامنية ضد الارهاب التكفيري وان نجحت في تقليم مخالب تنظيمي «داعش» و«النصرة» وانقاذ البلد من اكثر من مجزرة، فإن الارهابي عمر العاصي لن يكون اخر الذئاب المنفردة لا سيما وان البؤر الحاضنة للتكفير تتوزع على الرقعة المحلية من ادناها الى اقصاها ولا يختلف اثنان على ان المخيمات الفلسطينية ومخيمات النزوح السوري تشكل قنابل موقوتة تجعل البلد كيانا وكينونة في دائرة الخطر المستدام في مرحلة تشكل فيها العالم والمنطقة في آن، لا سيما وان وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى البيت الابيض يعتبر من علامات الازمنة التي تسبق يوم القيامة وفق الاوساط المواكبة للايقاع السياسي.
وتضيف الاوساط انه بالاضافة الى الخطر التكفيري الذي لا يزال تحت السيطرة بفعل العين الامنية الساهرة، فان هناك خطراً اخر يوازيه ويتمثل بعمليات الخطف في البقاع لارغام اصحابها على دفع فدية مالية، فعملية خطف سعد ريشا كادت تشعل فتنة داخلية على الرغم من انها ليست الاولى ولن تكون الاخـيرة، الا ان الاخطر من ذلك ان عصابات الخطف التي تستثمر في عالم الارتزاق معروفة لدى القاصي والداني، ولكن الاغرب من ذلك، انها تحظى بغض طرف من قبل بعض السياسيين، وما تخشاه الاوساط اندلاع فتنة طائفية اذا لم تسارع السلطات المعنية الى وضع حد لهذا التفلت كون معظم الذين تعرضوا للخطف والسلب والقتل هم من المسيحيين انطلاقاً من جريمة بتدعي مروراً بسلب رجال دين على طريق دير الاحمر وصولا الى خطف ريشا ومجيد الهاشم وسلب سيارتين في وادي عودين خراج بلدة عندقت، اضافة الى محاولة اعتداء على المواطن غازي.أ على طريق بلدة القطلبة في القبيات الاسبوع الفائت التي باءت بالفشل كونه سارع في الاتصال بالاجهزة الامنية التي طاردت المشبوهين، الذين تبين لاحقاً انهم خليط من لبنانيين وسوريين نجحت الاجهزة الامنية في توقيف بعضهم.
وتشير الاوساط انه بموازاة التفلت الامني الذي لم تعرفه الساحة المحلية حتى في عزّ حروبها الاهلية، فان التفلت السياسي بلغ حداً يعيد الى الاذهان الاجواء التي سبقت فتنة 1958 وبداية حروب العبث الاهلية في العام 1975 من القرن الماضي، في ظل التناحر حول القانون الانتخابي المرتقب والخلاف حول جنس ملائكته وسط انقسام حاد بين الاقطاب من المطالبين بالنسبية والرافضين لها الذين يصّرون على اعتماد قانون الستين وفي طليعتهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي يتوجس من عملية لالغائه فهو لا ينسى عهد الرئيس كميل شمعون وسقوط والده الراحل كمال جنبلاط والرئيس صائب سلام في الانتخابات النيابية عام 1975 وكانت مقدمة تمهيدية لانطلاقة فتنة 1958 على خلفية الصراع بين الناصرية وحلف بغداد لا سيما وان الزعيم الدرزي يمهّد لمسيرة نجله تيمور على طريق الزعامة الجنبلاطية وهو يدرك انه يورثه ما لم يرثه من والده ايام «الحركة الوطنية التي قادها الى حين اغتياله على يد نظام الوصاية السورية وفق اتهاماته لدمشق، وربما اكثر ما يقلق جنبلاط ليس التحالف العوني - القواتي الذي جاء ثمرة لورقة «اعلان النوايا» التي انتجتها جهود النائب ابراهيم كنعان ووزير الاعلام ملحم رياشي بل موقف التحالف المذكور باعلانه الحرب على الاقطاع السياسي واولى جولاتها في الانتخابات البلدية وادت الى افلات الكثير من البلديا من قبضته، فكيف ستكون الحال في الانتخابات النيابية المقبلة حيث سيكون للمسيحيين الكلمة الفصل فيها في الشوف وعاليه وللتيار الازرق في اقليم الخروب، فهل يصبر النور القانون الانتخابي العتيد ام سيكون الصاعق الذي يفجّر الاوضاع ليترافق مع بقية الاخطار المحدقة بالبلد؟
اسكندر شاهين - "الديار" - 25 كانون الثاني 2017
إرسال تعليق