0
اضافة الى الهموم العديدة التي تعكّر حياة الاغلبية الساحقة من المواطنين، مثل الغلاء، والفساد، والمحسوبيات، والبطالة، ومحدودية الرواتب والأجور، ومعضلة النفايات، وانتزاع الاغراب اللقمة من فم اللبنانيين، والسرقات التي طاولت، حتى الكنائس واماكن العبادة، تصدّرت الاهتمامات والهموم. منذ ما يقارب الشهرين، ثلاثة كوابيس تطبق على صدور المواطنين، وتنغّص عليهم فرحتهم بعودة الحياة الى قصر بعبدا، ومجلس الوزراء، ومجلس النواب، هي تخبّط المسؤولين والكتل النيابية وعجزهم غير المبرر عن ايجاد قانون للانتخابات النيابية يعكس صحّة التمثيل والمعايير، ويضع حداً للنزاعات الطائفية والمذهبية حول هذا القانون، وما يمكن ان تخلّفه هذه النزاعات من توتر داخلي بين المكوّنات اللبنانية، والكابوس الثاني هو ما يحكى عن وجود قرار لدى تنظيم «داعش» والتنظيمات الارهابية الاخرى باستهداف لبنان بعدد من العمليات الاجرامية، والتي تمكّن الجيش والقوى الأمنية الأخرى من اكتشافها مسبقاً والقاء القبض على اعداد من الارهابيين، او القاء القبض على احد الانتحاريين الذي كان ينوي تفجير نفسه بحزام ناسف في مقهى «كوستا» بشارع الحمرا، والكابوس الثالث هو مع الأسف قيام عصابات من لبنانيين مطعّمة بسوريين، بعمليات خطف مواطنين مسالمين ابرياء غير مسلّحين، وسوقهم تحت قوّة السلاح مئات الكيلومترات ورميهم كالسلع والمفاوضة على حياتهم.

بالنسبة للكابوس الأول المتعلّق بقانون الانتخابات، لا انوي الدخول بتفاصيله في هذا المقال، لأنه سبق وتناولته في مقالين سابقين، وسأعود اليه بعد انتهاء الاجتماع الرباعي المقرر عقده بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، ولا أعلم لماذا استبعدت قوى اخرى ذات تأثير كبير، وطنياً وسياسياً، ولكن لا بدّ من القول ان حياة المواطنين ومصلحتهم ومستقبلهم واستقرارهم، هي أولوية الأولويات، وتأتي قبل انجاز قانون، فشل جميع الافرقاء في انجازه، منذ اكثر من عقد من السنين، ويجب ان تبذل الدولة جهداً أكبر واكثر فاعلية في مقاومة أعمال الخطف التي تحمل في نتائجها بذور فتنة طائفية كبيرة قد لا يمكن السيطرة عليها في حال استفحلت، والتأخير في وضع خطة كاملة لمواجهة هذه الحالة الكابوس هو نوع من العجز غير المفهوم الذي يرتقي الى مستوى التغاضي عنه.

أكثر من مسؤول شغل سابقاً مناصب امنية، او مناصب وزارية ذات طبيعة أمنية او عسكرية، يؤكدون ان هناك نقصاً كبيراً في عدد افراد قوى الامن الداخلي، وفي العتاد والتجهيزات، والأمر ذاته ينسحب على الجيش اللبناني الموزّع بين الداخل اللبناني، والحدود الشمالية والبقاعية في وجه التنظيمات الارهابية، وفي الجنوب بوجه العدو الاسرائيلي، وعديده المقاتل والاداري، لا يتجاوز الخمسين الف جندي، والكل يعرف مدى حاجته الدائمة الى السلاح المتطور والعادي، وللتجهيزات اللوجستية وغير اللوجستية، وهذا الوضع غير المطمئن وغير المقبول في قوى الامن الداخلي وعند الجيش، يجعل الساحة الداخلية والمناطق الحدودية عرضة للاعتداءات والاختراقات، خصوصاً بوجود مليوني غريب على الارض اللبنانية يمكن تجنيد اعداد كبيرة منهم للقيام بأعمال عدائية ضد الجيش والقوى الأمنية والمواطنين الآمنين، وعلى الرغم من يقظة الجيش والاجهزة والقوى الأمنية، وجهودهم الكبيرة حتى الآن، الاّ ان حماية لبنان واللبنانيين في شكل جيّد وفعّال، تفرض توفير الاموال التي تذهب هدراً او على صفقات وسمسرات و«مشاريع» وهمية او ناقصة، وتخصيص المؤسسات الأمنية والعسكرية بها، ليصبح بالامكان مواجهة قرار التنظيمات الارهابية باستهداف لبنان وشعبه، واستباحة الأمن والاستقرار، ووضع نهاية لأعمال الخطف والقتل والتعدّيات في الداخل.

فؤاد أبو زيد - "الديار" - 25 كانون الثاني 2017

إرسال تعليق

 
Top