0
ملحم رياشي في الضاحية، الخبر اصبح عادياً ويكاد يكون رتيباً او يشبه الاخبار الاخرى، الخبر مع عناصره «الضيف والمضيف» يؤكد خلو الساحة السياسية من الخلافات او كما قال السيد حسن نصرالله ان لا أعداء لنا في الداخل بل لدينا خصوم فالقوى السياسية قررت وضع البنود الخلافية جانباً ومشت في الانفتاح بعضها على بعض، فالسلاح لطالما شكل مادة خلافية بين الفريقين السياسيين في الماضي، فريق يريد الاحتفاظ به وآخر يريد انتزاعه، قرر اهل التوافق على وضعه جانباً واكمال عيش وحدتهم الوطنية. هكذا غابت الردود الجاهزة على خطابات السيد والتشنجات السياسية، ولم يعد الحكيم مادة دسمة يخرجها ساعة يشاء او ويصوب عليها فريق 8 آذار اعلاميين وسياسيين في كل طلاتهم التلفزيونية. وحيث ان الجميع التزموا آداب العلاقة الجديدة فالهجوم على تيار المستقبل لا يتعدى الرئيس فؤاد السنيورة كحد اقصى كما ان تلفزيون المستقبل فتح شاشاته للبرتقاليين وتلفزيون الـ «اوتي في» فتح هوائه للمستقبل وكأن المعارك الشرسة لم تحصل يوماً. انه عصر الوفاق الذي هبط من مكان لم يعرفه اللبنانيون والويل لمن عصى ولم يركب قطار الوفاق الوطني.
 
ضحايا الوفاق السياسي بدأت تتساقط على الجهتين لدى الاحزاب والتيارات بحسب اوساط مقربة من تيار المستقبل، ومن كانت له اذنان ولم يسمع بهما دفع باكراً، والبعض الآخر المعترض عاد الى رشده بعد ان فرك عينيه وصدق ما شاهده، ففي تيار المستقبل كانت الضجة الكبرى والمعترضون كثر، قسم رافض وآخر اعتقد ان الشيخ غائب في الخارج ولن يعود في القريب العاجل. كما ان حراك اللواء اشرف ريفي ونجاحه في الانتخابات البلدية في طرابلس، ساهم في حماسة المعترضين. أمس كان عزوف النائب محمد قباني أشبه بالاقالة لما عرف عنه بانه صاحب التصاريح الفاضحة وبان الحقيقة «على لسانه» يقولها مباشرة بدون تردد، وهو الذي قال مرة بصراحة «ما بحبو لجبران باسيل» كما ان تيار المستقبل الذي انهى انتخاباته الداخلية يتفرغ حالياً للتدابير المسلكية بدءاً من البقاع حيث ان الخلافات بلغت مداها وكان توزير النائب جمال الجراح أولى هذه التدابير الحاسمة. كما ان اعادة النظر في تلزيمات المطار واقالة رئيس أوجيرو خطوات في سلسلة تدابير جاهزة ضد الرئيس فؤاد السنيورة، وفي طرابلس حضرت دراسة ميدانية كشقت الاسباب الحقيقية لما حل بالتيار داخل المدينة. ومن خلالها ستتم اعادة نظر شاملة باسماء النواب وهي ستشهد خلطة يغلب عليها طابع الصقور في مواجهة أشرف ريفي الذي كبر حجمه الشعبي في الانتخابات البلدية وتحدى الشيخ لخوض الانتخابات النيابية بترشحه عن احدى اهم معاقل التيار الأزرق .
 
وهكذا نجح تيار المستقبل في سد جميع المنافذ التي تأتي منها الرياح الرافضة والمتمردة على حدّ قول الاوساط نفسها، فالرئيس سعد الحريري الذي خرج من المحكمة الدولية ذات نهار وقف على رصيفها يدعو حزب الله الى الحوار، ومن ثم استطاع ان يدعم اثنان من صقور 8 آذر لرئاسة الجمهورية، وهو اليوم يعيش مرحلة سياسية هادئة وهانئة في احضان العهد والتيار الوطني الحر بعد نجاحه في المساكنة بين السراي والقصر الجمهوري وبات الثنائي جبران باسيل ونادر الحريري يحاكي الثنائي الذي لا يفترق ابراهيم كنعان وملحم رياشي، وفي التيار الوطني الحر اصبح اسم سعد الحريري اسماً مقبولاً في التداول ويكاد وزير محاربة الفساد العوني ان يستعين به في حربه على الفساد والمفسدين. 
 
وحده المطران الياس نصار رأس حربة الكنيسة في معاركة السياسية في الابرشيات غرد خارج سرب هذا التوافق بعدما رفض كما تقول اوساط مسيحية زيارة معراب او المصالحة مع النائبة بهية الحريري حيث امتداد ابرشيته في حين ان المختارة هي من الامتداد الجغرافي لمطرانية لم تعترف بزعامة المختارة وتمردت عليها حيث كانت رسائل المختارة له دائماً بالاهتمام بشؤون الصلاة وحدها لا غير. وفي المقابل لم ينجح العونيون في رفع الأذى عن مطرانهم المتمرد لأن ما كتب في الفاتيكان قد كتب، واحكام الفاتيكان المبرمة لا يمكن لأي قوى سياسية اختراقها او تعديلها لانها من شأن الكنيسة. وهكذا كان نصار بشكل مباشر او غير مباشر من ضحايا الوفاق السياسي الجديد. 
 
اما اعلام التيار الوطني فاستراتيجية وخريطة عمل اعلامية وضعت قيد التنفيذ تقول اوساط التيار الوطني الحر، في الفترة الفاصلة بين التسوية السياسية ووصول عون الى رئاسة الجمهورية، الانضباط او ما يشبه التلفزيون الرسمي الذي يركز عمله على مكافحة الفساد والامساك بمفاصل السلطة والاصلاح وغيرها عناوين في الفقرات السياسية والنشرات الاخبارية، تم فك الحظر عن الوجوه التي وضعت عليها فيتوات وباتت ضيوفاً مرحباً بها. كما ان المتطرفين في التيار تحولوا الى حمائم يواكبون مرحلة التحول المستجدة. فالجمهور العوني يثق بالجنرال قبل ان يصبح رئيساً والحال تطورت بعد وصوله الى سدة الرئاسة، ومن يعترض في التيار يكون مصيره المجلس التأديبي الذي فصل مناضلين ورفاق الأمس. فالوزير جبران باسيل كان اكثر المتحمسين للسير في طريق المصالحات الوعرة ولكنه غامر واخترق بيت الوسط وقبله كان احد عرابي مصالحة معراب ومن كبار ضيوف الحكيم العونيون واكتملت الخطة الباسيلية خطوطها بوصول الجنرال الى الرئاسة وانطلاقه لصيانة العلاقات المتعثرة والمستحدثة ايضاً، فجرى الامساك وضبط العملية الاعلامية ودوزنتها مع طبيعة التحولات. 
 
وفي معراب أجواء الانتصار في معركة الرئاسة لا تزال حاضرة برأي اوساط قواتية، فسمير جعجع شكل في الاستحقاق ما يشبه بيضة القبان التي جعلت ميزان سعد الحريري ينضم اليه، ومجموعة الصقور والمشاكسين في القوات حولوا اتجاه معركتهم بعد تفاهم معراب والمعركة الرئاسية، فمسؤول الاعلام في معراب خلع عنه بدلة المشاكسة والحدة وثياب التطرف السياسي والحزبي التي ارتداها قبل ان يتسلم موقع الوزير ملحم رياشي، وحده النائب انطوان زهرا «نمر» القوات يغادر النيابة ولن يغادرالقوات نقلاً عن التوضيح الذي اطلقه بعد اعلان عزوفه عن الترشيح.

ابتسام شديد - "الديار" - 26 كانون الثاني 2017

إرسال تعليق

 
Top