صدقت نصف التوقعات أمس وكذب نصفها الآخر. فالرئيس المكلف سعد الحريري زار قصر بعبدا والتقى رئيس الجمهورية ميشال عون، لكنه لم يصل إلى توافق معه على الصيغة الحكومية المرتقبة لإعلان التشكيلة وإصدار مراسيمها.
لم يحمل الحريري إلى بعبدا صيغتين حكوميتين، واحدة من 24 وزيرا وأخرى من 30، لكنه حمل الحيثيات والعقد التي دفعته إلى طرح هذين الخيارين لاتخاذ القرار في شأن أحدهما بالتشاور مع رئيس الجمهورية.
لم يحمل الحريري إلى بعبدا صيغتين حكوميتين، واحدة من 24 وزيرا وأخرى من 30، لكنه حمل الحيثيات والعقد التي دفعته إلى طرح هذين الخيارين لاتخاذ القرار في شأن أحدهما بالتشاور مع رئيس الجمهورية.
لا يبدو الحريري مستعجلا، وإن كانت كل العناصر تتضافر لتجعله الاكثر حماسة واستعجالا للتأليف. لكنه رغم ذلك يتريث بما يثير شكوكا لدى الخصوم: إلامَ يركن في تريثه؟ وهل بات يتقن اللعب على الوقت، وهي اللعبة التي مارسها معه الخصوم ونجحوا في فرض كل أنواع الضغوط عليه؟
ما بات أكيدا بعد فشل لقاء الحريري - عون في إنضاج التشكيلة الحكومية، أن ثمة عقبة جديدة تواجهها، تتمثل برفض رئيس الجمهورية خيار حكومة ثلاثينية، إنطلاقا من حسابات متصلة بالاسماء التي يحتمل أن تدخل جنة السلطة الثالثة، فيما لا يُظهر الحريري أي ممانعة لفكرة حكومة ثلاثينية او مصغرة، علما أن مصادر مواكبة تشير إلى أن الرئيس المكلف يفضل حكومة من 24، ولكنه لن يخوض معركة لتحصيل حقوق القوى السياسية الأخرى التي تخوض معركة وجودية على مقعد وزاري.
وفي رأي هذه المصادر أن الحريري يقف متفرجا على الخلافات المستحكمة على جبهتي الخصوم والحلفاء على السواء.
ففي أوساط 8 آذار، يظهر التباين بين الثنائي الشيعي الراغب في حكومة ثلاثينية تتيح تمثيل كل الحلفاء و"التيار الوطني الحر" الذي يفضل حكومة مصغرة من 24 وزيرا.
أما على الجبهة المسيحية، فتستعر الخلافات حول من يحصل على الحصة الاكبر ومن يهمش بسبب ضعف تمثيله، وهذا ما يظهر جليا في التناتش المسيحي على التمثيل، خصوصا أن ثمة مشكلة على ضيق الكراسي للموارنة التي تجعل توزير رئيس الكتائب سامي الجميل متعذرا، او على الكراسي الكاثوليكية التي لا مكان فيها لـ"التيار الوطني الحر".
والى جانب مشكلة توسيع الحكومة الى 30 وما سترتبه من دخول قوى ورموز سياسية تعزز تحالف 8 آذار، رغم قيادة "حزب الله" للمسار الحكومي وللعهد الرئاسي على السواء، فإن مشكلة حقيبة الدفاع لا تزال عالقة في ظل رفض الحريري توزير المحافظ السابق يعقوب الصراف.
وعليه، تبدو الحكومة أمام مخاض جديد وجولة جديدة من المشاورات التي فرضتها معطيات الساعات الاخيرة. وفي رأي المصادر، فإن كرة التأليف باتت الآن في ملعب رئيس الجمهورية وقيادة "حزب الله" التي كانت أعطت في الخطاب الأخير للأمين العام صافرة الانطلاق، لكنها لم تحسم اتجاهات التأليف التي لا تزال عالقة بين خياري الـ24 والـ30، وهو ما قد يشير الى تأخير جديد. والمفارقة ان ايا من القوى المعنية لم يعد يضرب مواعيد بالساعات والايام حول الساعة الصفر للولادة الحكومية.
وفي الوقت الضائع في انتظار التفاهم على حجم الحكومة والتمثيل فيها في ظل بروز عقدة تلو الاخرى، يراقب الحريري مرور الوقت الفاصل عن موعد انقضاء المهل المتعلقة بقانون الانتخاب. والمعلوم ان هذه المهل تنتهي في شباط المقبل، والوقت المتبقي لتأليف الحكومة وإعداد بيانها الوزاري ومن ثم مناقشته في المجلس النيابي تمهيدا لنيل الثقة، باتت ضاغطا امام إمكان مناقشة قانون جديد للانتخاب وإقراره لتجرى الانتخابات النيابية على اساسه، وهو أمر لا يزعج الحريري على ما تقول المصادر، خصوصا أن الرجل يدرك أنه سيخوض معركة إثبات أوزان حقيقية في هذه الانتخابات في ظل الاستهداف المباشر الذي سيتعرض له لتقليص حجم تمثيله النيابي وثقل كتلته النيابية الوازنة.
سابين عويس - "النهار" - 15 كانون الأول 2016
إرسال تعليق