بينت اتصالات الساعات الماضية والمستوى الذي بلغته العلاقة بين بعبدا وبنشعي، مع دخول حارة حريك على خط المفاوضات، بعدما تبلغت موقفا واضحا من التيار حول «هواجسها»، «منتزعة» البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية بوصفه الخطوة الاولى في طريق تصحيح العلاقة مع بنشعي، ان ثمة قوة ما اعادت عقارب ساعة التشكيل الحكومي الى العمل والدوران وفق الاتجاه المرسوم لها لانجاز الاستحقاق قبل الاعياد، وفق ايحاءات بيت الوسط المتكتم عن التفاصيل، فقد لفت في هذا الاطار تحرك السفيرة الاميركية باتجاه المقرات السياسية، رغم ما رشح عن الطابع «الامني والعسكري» لمباحثاتها.
واذا كان تاريخ صدور مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة لا تزال في علم غيب المعرقلين، فان الاكيد اختلاط اسباب التعطيل الداخلي بالخارجي منها، بحسب اوساط مطلعة، من الصراع على الحصص والحقائب السيادية والاساسية والخدماتية، الى اعتبارات الكباش على تحديد هوية العهد الجديد وخياراته الاستراتيجية، مرورا بانتظار بلورة صورة الإدارة الجمهورية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، فان خروج امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الجمعة سيعيد تصويب بوصلة التحركات في نقطتين حاسمتين، الاولى، مصير تكليف الرئيس بري المفاوضات باسمه واسم «تيار المردة»، وثانيا علاقة الحزب وجمهوره بالعهد الجديد وبالتيار الوطني الحر في ضوء تحالفاته الجديدة.
على هذا الصعيد تكشف الاوساط، أن جهود حارة حريك تركز حاليا على إصلاح العلاقة بين الرئيس بري والوزير باسيل من جهة وبين الاخير ورئيس المردة من جهة أخرى، قد تتوج اذا ما كللت بالنجاح، بلقاء رباعي يجمع الرئيس بري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وباسيل وفرنجية، يكرس المصالحة وينبئ بانطلاقة جديدة لتحالف الثامن من آذار، مشيرة الى ان مشاركة الحزب في الحكومة لا تكفي وحدها لترميم العلاقة الرئىس المكلف سعد الحريري اذ المطلوب اتصال مباشر بين الطرفين لبلورة بعض النقاط العالقة.
مصادر تيار المردة تتحدث عن محاولات دؤوبة لمحاصرة البيك الزغرتاوي و«اقفال منزله» ، يتقدمها التحالف القواتي - العوني، الذي بدأ اتصالاته في زغرتا لاقامة تحالف سياسي عريض يضم ائتلاف العائلات الزغرتاوية ومن ضمنها آل معوض و«الثنائي المسيحي»، لمواجهة «المردة» في الانتخابات النيابية المقبلة، معتبرة ان الفكر الالغائي لدى طرفي التحالف المسيحي لم يتغير منذ التسعينات، يوم تواجها خدمة لمصالح الآخرين مكبدين المسيحيين خسارات استراتيجية ونزيفا ديموغرافيا الغى تأثير تصويته في كثير من المناطق، داعية العونيين الى التواضع وعدم الانتقام والتشفي، واظهار صورة مختلفة لتلك التي ظهرت في الايام الاولى للعهد، جازمة ان النائب فرنجية يفصل بين علاقته المتوترة مع العهد الجديد وصداقته بالحريري.
كلام ينفيه البرتقاليون جملة وتفصيلا، مصرين على ان عمادهم لا يتصرف بمنطق الغالب والمغلوب، بل على العكس فان نداءه الابوي الاخير جاء ليؤكد ذلك، فالرئيس عون حكم بين الجميع وهو للجميع ولن يسمح بأن يصاب المقام الرئاسي بأي ضرر نتيجة التصويب عليه، شاكرة في هذا الخصوص تدخل حزب الله والمساعي التي يقوم بها، مشددين على ان لا احد من الحلفاء يمكنه ان يزيح التيار عن مبادئه وعن الاتفاقات والالتزامات التي يتعهد بها، فما ينطبق على وثيقة التفاهم ينطبق على ورقة النيات واتفاق الشركة مع القوات اللبنانية، حيث وحدة الصف المسيحي ضرورية واساسية لدعم موقف الرئيس المسيحي القوي، الذي خيضت كل هذه المعركة من اجل ايصاله الى السلطة لتصحيح مسار الجمهورية، غامزين من تاريخ كل طرف، في معرض ردهم على الاتهامات التي تساق ضدهم في ما خص الاحتفالات التي شهدها بيت الشعب واعادة احياء «طقوس» تعود الى الفترة السابقة، معتبرة ان التيار الوطني الحر وفي لشهدائه وهو بالتالي يكرم «ثمرة دمائهم التي يعود اليها الفضل بعودة الحق الى اصحابه».
التشكيل في المربع الاول على رغم مرور شهر على التكليف، ولا مهلة محددة لخروج الدخان الابيض، لكن الحلحلة واردة في اي لحظة، فالمعركة مسيحية - مسيحية بين الساكن الحالي في بعبدا وساكنها المقبل، فيما المعركة فعلا بين الثنائية الشيعية مع ما تحسبه تراجعا للرئيس ميشال عون عن المواثيق المعقودة مع الحزب.
فهل تُحل الازمة الحكومية اذا كُسر الجليد بين بعبدا وبنشعي أم أن المشكلة في مكان آخر؟ ومتى سيطلق سراح التشكيلة الحكومية العالقة على سلم نغمات ظاهره صراع على الحقائب؟
ميشال نصر - "الديار" - 7 كانون الأول 2016
إرسال تعليق