0
بعد انتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية، لا يمكن إلا أن نتوقف عند بعض النقاط:

- المشهد الذي كرر التاريخ بعد ٢٦ عاما مع خطاب الرئيس ميشال عون أمام الشعب في قصر بعبدا، أعاد الى اللبنانيين مشهد الجنرال عندما قصف الجيش السوري القصر واضطر هو للمغادرة الى السفارة الفرنسية. فهذا المشهد ذكرنا جميعاً بالتضحيات والحروب والموت والاستشهاد والتهجير والمآسي التي عاشها اللبناني في تلك الحقبات.

- مشهد السياسة المتقلبة يتكرس الآن في لبنان على مشارف العهد الجديد، فمن أخرج الجنرال من القصر قبل ٢٦ عاما، جاء اليه بالامس لتهنئته بانتخابه، ومن عارض الجنرال سياسياً من خصومه السياسيين منذ عام ٢٠٠٥ حتى الأمس القريب (تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية) هم من دعموه وأوصلوه الى الرئاسة الاولى، علماً أنهم كانوا في الانتخابات النيابية الحلفاء الذين يخاصمهم الحزب و"التيار".

- من يدعم سياسة "التيار الوطني الحر" أو من يعارضها، لا يمكنه إلا أن يشعر بإيجابية بعد فراغ دام سنتين ونصف سنة، إذ إن الفراغ كان المصيبة الاكبر، ومن ساهم في إبقائه سنتين ونصف سنة ارتكب الانتهاك الأكبر في حق الدستور والجمهورية. ولكن بانتهاء الفراغ لا يمكن إلا أن يكون كل لبناني مرتاحاً، ولو انهم لسوء الحظ أوصلونا الى ان نعتبر ان انتخاب رئيس هو "إنجاز تاريخي"!.

- جميلة صورة الاتفاق على رئيس الحكومة والحديث عن تأليف حكومة قبل عيد الاستقلال إذا لم يطرأ أي جديد، وان تكون الأحزاب التي عطلت البلاد لسنين متفقة اليوم على المشاركة في السلطة، فهذا سيمكننا من أن ننعم بحياة سياسية أفضل من الاعوام الماضية.

- من يعارض "التيار" أو من يؤيده لا يمكنه سوى أن يعترف بأنه منذ زمن طويل لم يأت رئيس للجمهورية يمتلك كتلة نيابية كبيرة وجمهوراً كبيراً، وهو نائب منتخب من الشعب اللبناني، ففي الحقبات الماضية عرف لبنان تعيينات واتفاقات أكثر منها انتخابات.

كل هذه النقاط الإيجابية لا يمكن من أراد أن يكون موضوعياً إلا أن يتوقف عندها، خصوصاً أننا كتبنا مرات ومرات مطالبين بانتخاب رئيس وبالتوجه الى مجلس النواب فوراً للانتخاب، وطالبنا مراراً بحكومة لا يتعطل عملها لأن الكابوس الذي مرّ به الرئيس تمام سلام لم يكن بالأمر السليم للسلطة التنفيذية.

فاليوم الشعب اللبناني ينتظر الكثير من الذي فعل الكثير للوصول الى هذا المشهد. واليوم باتوا جميعهم في السلطة مجدداً. واليوم هو آخر فرصة ليثبتوا أن مشاريعهم جدية وتغييرهم للوضع الراهن مشروع فعلي وليس فقط شعارات ومزايدات. فيا شعب لبنان العظيم، انتظر، ترقب، تأمل، حاكم، وحاسب على الإيجابي والسلبي ... لأنك الشعب الذي انتظر وينتظر منذ سنين.

ميشيل تويني - "النهار" - 9 تشرين الثاني 2016

إرسال تعليق

 
Top