0
أخرج رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل (في لقاء خاص مع مجموعة إعلامية منتقاة) خلافه مع القوات اللبنانية ورئيسها د.سمير جعجع الى العلن وبطريقة أوحت بأنه تقصد نسف جسور الثقة وإسقاط التحالف السياسي والانتخابي مع «القوات» من خياراته للمرحلة المقبلة. اتهم الجميل جعجع صراحة بأنه يسعى الى إقصاء حزب الكتائب وعزله، معتبرا ان «هذه المحاولة باتت واضحة ومكشوفة والنيات حيالنا لم تعد مخفية»، مستغربا طريقة معراب في التعاطي مع الصيفي في الفترة الأخيرة. هذا الاتهام أتبعه الجميّل برد مباشر على جعجع ومواقفه في فترة ما بعد انتخاب عون مركزا على 3 نقاط ومسائل:

1 ـ لا يوافق الجميّل جعجع رأيه في أن رئيس الجمهورية صنع في لبنان ويعتبر أن ظروف انتخاب عون جاءت عبر تسوية خارجية، وأن اللاعب الأول كان فريقا إقليميا عطل البلد وساهم في كل فترة الشغور الرئاسي من دون أن يستبعد أن تكون إيران استعجلت إيصال المرشح المحسوب عليها الى الرئاسة في لبنان استباقا لاحتمال وصول ترامب الى الرئاسة الأميركية.

2 ـ ينفي الجميل أي دور وفضل للقوات في إيصال عون الى رئاسة الجمهورية ويرفض تصنيفها على لائحة الرابحين والمنتصرين في الاستحقاق الرئاسي. يعتبر أن الرابح الحقيقي في انتخاب عون هما إيران إقليميا وحزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله محليا، الذي ظل داعما لترشيح الجنرال منذ البداية وتمسك به وتحدى الجميع، وفي نهاية المطاف من كان ضد خياره عاد إليه. وأضاف: المفارقة أن كل طرف شارك في التصويت للجنرال يفترض أن خطه هو الذي ربح، ولكن الحقيقة أن موافقة البعض على انتخاب حليف حزب الله بعد رفض لسنوات إنما يعكس رضوخا للابتزاز السياسي الذي مارسه فريق إقليمي محلي على قاعدة: «عون أو الفراغ».

3 ـ ينتقد الجميل طرح جعجع الداعي الى تشكيل حكومة متجانسة لا تضم الذين عارضوا انتخاب عون. والقائل ان كل من عارض انتخاب عون عليه الاتجاه الى المعارضة وعدم المشاركة في الحكومة، معتبرا ان في هذه الدعوة محاولة إقصاء واضحة للكتائب. الجميل يفصل المسار الرئاسي عن المسار الحكومي ويستند الى طبيعة النظام اللبناني البرلماني، حيث تكون طبيعة السلطة فيه تنفيذية أي مجلس الوزراء خلافا للنظام الرئاسي، وبالتالي فإن من لم يسم رئيس الوزراء هو من عليه ان يكون في المعارضة وليس من لم يسم رئيس الجمهورية، وفي هذه الحالة يكون حزب الله.

يأخذ الجميل مسافة بعيدة عن جعجع الى حد تدشين مرحلة جديدة من العلاقة الثنائية التي انتقلت من التحالف الى التنافس ومن أجواء الود الى أجواء التوتر.. يخاصم الجميل جعجع ولكنه يتقرب من الرئيس عون مثنيا على شخصيته القوية وكلامه الانفتاحي ونواياه حيث «لم يظهر كرئيس للجمهورية أي نية عاطلة تجاهنا»، ومتوقعا ان «عون رجل المفاجآت يمكنه أن يفاجئنا إيجابيا بالمواقف السيادية ومحاربة الفساد»، الجميل يقفل على جعجع ليفتح على عون.. ويكرر رفضه للتسوية التي جاءت بعون رئيسا والحريري رئيسا للحكومة، ولكنه يعلن استعداده للمشاركة في الحكومة ومن دون اشتراط الحصول على وزارة خدماتية لأن المطالبة بمثل هذه الوزارة تدين صاحبها.

واضح في مجمل ما قاله الشيخ سامي الجميل أنه في صدد إعادة تموضع سياسي بما يتناسب مع طبيعة المرحلة السياسية الجديدة والتكيف المتأخر معها، وبما يؤدي الى إخراج حزب الكتائب من حالة «الحيرة والتأرجح والتناقض» التي كلفته أخطاء متلاحقة هذا العام، كان أولها التعاطي مع اتفاق القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر (اتفاق معراب) بحذر شديد يلامس «السلبية»، وبطريقة دلت على أنه فوجئ به ولم يتوقعه ولم يكن جاهزا للتعاطي مع وضع جديد أحرجه وحشره في زاوية ضيقة. فمن جهة هو غير قادر على التصدي لعملية مصالحة مسيحية ترفد المسيحيين بقوة تأثير وحضور في المعادلة، ومن جهة أخرى هو غير قادر على الانضمام و«الذوبان» في وضع غير منسق معه. وثانيها الاستقالة من الحكومة وخسارة موقع أساسي في السلطة وحجم استثنائي في السياسة. وهذه الاستقالة أحدثت اهتزازات في حزب الكتائب ولم تؤثر على الحكومة، ولم يكن لها من مفعول شعبي، كما لم يكن لها قيمة سياسية. وثالثها الخوض في ملف النفايات من دون التحضير مسبقا لكل الاحتمالات والبدائل. وأما الخطأ الرابع فكان عدم انتخاب الرئيس ميشال عون مع أن الأكثرية المسيحية (التيار والقوات) اختارته وقوى 14 آذار (المستقبل والقوات) أيدته. عدم انتخاب عون قابله تسمية رئيس الحكومة سعد الحريري ورفض التسوية قابله «قبول الحكومة». 

"الأنباء الكويتية" - 12 تشرين الثاني 2016

إرسال تعليق

 
Top