0
مع ان بوصلة الاهتمامات السياسية امس كانت متجهة نحو زيارتي وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف ووزيرَ شؤون الرئاسة السورية منصور عزام موفدا من الرئيس بشارالاسد لتقديم التهنئة للرئيس العماد ميشال عون، نظرا لما حملتا من مدلولات سياسية في مطلع العهد، بيد انها لم تحجب انظار بعض المراقبين السياسيين عن اللقاء الاول بين الرئيسين العمادين ميشال عون وميشال سليمان، بعد المصافحة بينهما في البرلمان ابان تقديم التهاني اثر جلسة الانتخاب، اذ اعتبروه نوعياً، نسبة للحساسية التي طبعت علاقة العمادين سابقا، وادخلتها في حال من "الجفاء السياسي" الذي بدا جلياً في المواقف في اكثر من استحقاق وملف.

وتقول مصادر سياسية تسنى لها الاطلاع على جانب من اللقاء الرئاسي لـ"المركزية" ان حقبة غياب الكيمياء انقضت، فجنرال الرابية انتقل من ضفة الزعامة السياسية الى موقع رئيس الدولة، كما اثبتت مواقفه منذ انتخابه إن في خطاب القسم او في الكلام الذي قاله امام الجماهير المهنئة الاحد الماضي في "بيت الشعب"، وهو تحرر من التزاماته السياسية السابقة ليلتزم المشروع الوطني وحده. فخطاب القسم يحرر الرئيس، على ما يقول سليمان، وأكد ذلك وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل بإعلانه "ان عون كان حليفا لحزب الله عندما كان رئيسا لتكتل التغيير والاصلاح النيابي، لكنه بعدما اصبح رئيسا للبلاد صار حليفاً لكل اللبنانيين". وتبعاً لذلك، فإن لقاء الامس اتسم بكثير من المرونة والانفتاح ومد اليد وصولا الى تحقيق الافضل للوطن. وتفيد ان الرئيس سليمان الذي سرعان ما تمت تلبية طلبه لتحديد موعد مع الرئيس عون واستقبل بحفاوة لافتة، حيث رحب به عون حمل لخلفه مجموعة نصائح منبثقة من خبرته الرئاسية طوال ست سنوات وانجازات تحققت في عهده قد تشكل مدماكاً اساسياً لكثير من القضايا الشائكة والملفات العالقة، لا سيما منها "اعلان بعبدا" والاستراتيجية الدفاعية ومجموعة الدعم الدولية التي انشئت في نيويورك، الى جانب تعديلات دستورية اقترحها اخيرا "لقاء الجمهورية" الذي يرأسه سليمان بهدف تلافي ثغرات تجلّت بوضوح في عهده وستشكل محور مؤتمر وجّه سليمان الدعوة لعون لحضوره في 3 كانون الاول المقبل.

وتشير الى ان الارث السياسي الذي تركه سليمان لعون وفي شكل خاص ما يتصل بركائز سياسة لبنان الخارجية وتحييده عن صراعات المحاور، لا يمكن الا ان يشكل لبنة اساسية في مدماك العهد الجديد، وبات التطابق واضحا في النظرة اليها بدءا من خطاب القسم الذي ذكر مسألة ابعاد لبنان عن الصراعات الخارجية ولم يأت على ذكر ثلاثية " الجيش والشعب والمقاومة. فخطاب القسم لم يحصر المقاومة لا بثلاثيات ولا برباعيات وفق المصادر، بل تحرر من كل القيود الحزبية بما فيها تلك التي حكمت اداء التيار الوطني الحر، فرئيس البلاد هو الحكم وليس فريقا في اي نزاع بين القوى السياسية حتى لو انه انبثق من احداها. ولأداء هذا الدور، تختم المصادر يفترض ان تكون لرئيس الجمهورية حصة في الحكومة تشكل أداة او "ريموت كونترول" يصوب بها الاداء الحكومي كلما جنح في اتجاه معين، خصوصا بعدما انتزعت من الموقع الرئاسي صلاحيات وضعت في عهدة مجلس الوزراء، فبات فريق الرئيس الوزاري الضمانة الافعّل لدور الحَكم.

"المركزية" - 8 تشرين الثاني 2016

إرسال تعليق

 
Top