0
انقضى اسبوع اول على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة. في السبت الاول الذي تلاه قصد قصر بعبدا. سأله الرئيس ميشال عون ماذا لديه، فرد: لا شيء. بدوره هو سأل الرئيس الذي رد ايضاً: لا شيء. تراه كيف يمر السبت الثاني غداً؟

تلاقي مسحة التفاؤل باحتمال تأليف اولى حكومات العهد في الايام القليلة المقبلة، اخرى أقل حماسة تخشى من تعثره من فرط المطالب التي تلقى على الرئيس المكلف سعد الحريري. الا ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يملك الوصفة التي تجعله يتيقّن من قرب إبصار الحكومة النور: عندما يحضر الحريري الى عين التينة لمقابلته وتذليل آخر ما تبقى من العقد، يصبح اذذاك الاعلان عنها وشيكاً.

ما يقوله بري ايضاً فيه الكثير من مواصفاتها:

ــــ لا علم له بامكان انجاز التأليف في غضون ايام قليلة، ولا يبصر عقبات اساسية تجبه الرئيس المكلف. تحدث بايجابية عن الاجتماع الاخير للحوار السنّي ــــ الشيعي في عين التينة مساء الاربعاء، الا ان ما يتفق عليه حزب الله وتيار المستقبل لا يكفي ما لم يقترن بموافقة الافرقاء الآخرين المعنيين ايضاً بالجوجلة الحكومية. يضيف رئيس المجلس: حتى الآن لا اجوبة على ما اتفقا عليه.

ــــ لا معطيات بين يديه تشعره بأن التأليف قريب تبعاً لما يأمل فيه. الجميع يطلب حصصاً، الا ان التأليف لم يصل بعد الى خواتيمه.

ــــ لا يرى القول بحكومة وفاق وطني الا تلك التي تجمع كل الافرقاء في سلطة اجرائية واحدة، وهو ما اخطره للرئيس المكلف في الاستشارات النيابية: الموالون كما اولئك الذين لم يقترعوا لرئيس الجمهورية واولئك الذين لم يرشحوا الرئيس المكلف. حكومة يقتضي ان لا تستثني احداً. ولا يفوت بري هنا، في معرض الدعابة، تذكر عبارة قالها يوماً العميد ريمون اده: ما دام المرعى يتيح لكل مَن فيه ان يرعى، لِمَ ترك الحمار مربوطاً؟

ــــ الحكومة ثلاثينية بعد معارضة الرئيس المكلف تأليفها من 32 وزيراً.

ــــ لا مكان فيها لثلث ضامن او ثلث معطل لاي من الافرقاء، لأن لا وجود بعد اليوم لأي من قوى 8 و14 آذار التي تناحرت في الحكومات السابقة على وضع اليد على هذا النصاب في هذا الفريق او ذاك. ويذكّر بأنه اول مَن بشّر بزوال قوى 8 و14 آذار قبل اشهر.

ــــ لا وسطيين فيها بين طرفين، بعدما بات الافرقاء جميعاً تقريباً وسطيين مذ خرجوا من الاصطفاف السابق.

على ان الارتياح الذي يرافق الجهود البعيدة من الاضواء لتوفير اوسع تفاهم بين الكتل النيابية على مشاركتها في حكومة الحريري، وقبولها بحصصها وحقائبها، لا يحجب مشكلات:

1 ــــ خلافاً لما خبرته الحكومات الاربع الاخيرة منذ تسوية الدوحة، حينما استنزف الخلاف على الحقائب السيادية اشهراً طويلة تعذّر معها التأليف، تبدو المفاوضات وكأنها الحالية تجاوزت الى حد بعيد هذه العقبات بتوزيع الحقائب الاربع على الطوائف والقوى: تذهب وزارة المال الى الشيعة بوزير يسميه بري، ووزارة الداخلية الى السنّة بوزير يسميه الحريري في الغالب هو نفسه الوزير الحالي نهاد المشنوق، وزارة الدفاع الوطني الى الارثوذكس بوزير يسميه رئيس الجمهورية ذكر في مساعي ليل امس ان ثمة محاولة لاقناع عصام فارس بالعودة الى نيابة رئاسة الحكومة ــــ وهو منصب شغله قبلاً اكثر من مرة ــــ ووزارة الدفاع كقاسم مشترك يتقاطع عنده موقفا الرئيس والقوات اللبنانية، مع ان المتصلين به لا يشيرون الى حماسته حتى الآن في العودة الى لبنان والى السلطة خصوصاً. اما وزارة الخارجية والمغتربين فتذهب الى الموارنة بوزير يسميه التيار الوطني الحر سيكون في الغالب الوزير الحالي جبران باسيل. حُسم خيار باسيل ليل الاربعاء، على ان يصير في حال ابصرت الحكومة النور قبل ذكرى الاستقلال الى الدعوة الى انتخاب فرعي في كسروان مطلع السنة الجديدة في المقعد الذي شغر بانتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية، يترشح فيه العميد المتقاعد شامل روكز. يشمل الانتخاب الفرعي ايضاً المقعد الارثوذكسي الشاغر في طرابلس خلفاً للنائب السابق روبير فاضل.

2 ــــ تتعرّض الحقائب المدرارة، المسماة الخدماتية، لاوسع هجوم عليها من الافرقاء جميعاً، وتحديداً حقائب الصحة (التي يريدها النائب وليد جنبلاط في حصته للنائب مروان حمادة الذي رشحه الحريري)، والاشغال العامة والنقل (التي يريدها رئيس المجلس في حصته بوزير يسميه)، والشؤون الاجتماعية، والعمل، والطاقة، والاتصالات، والتربية. يطلب النائب سليمان فرنجيه احدى حقائب الصحة او الشؤون الاجتماعية او الاشغال لواحد من ثلاثة من مرشحيه المحتملين يوسف فنيانوس او بسام يمين او يوسف سعادة، تطلب القوات اللبنانية الاتصالات او الاشغال. في الاولى تُجبه بفيتو حزب الله المتوجس من وضع حقيبة ذات شق امني بين ايدي هذا الفريق، على غرار تحفظه عن منحها اي من وزارات الدفاع والخارجية والداخلية لارتباطها المباشر بملفات الامن والسياسة الخارجية. اما حقيبة الاشغال فتصطدم بفيتو رئيس المجلس الا اذا تخلى عنها. البعض المعني المطلع لا يستبعد عودة حقيبة العدل الى القوات اللبنانية بوزيرها السابق البروفسور ابراهيم نجار.

3 ــــ لا يقل التسابق على المقاعد المارونية الست في تشكيلة ثلاثينية عن التسابق على الحقائب المدرارة: الحريري يريد مارونياً هو النائب السابق غطاس خوري ثمن توزير رئيس الجمهورية سنّياً في طرابلس هو الوزير السابق فيصل كرامي بغية ايصاد الابواب دون سنّة آخرين في قوى 8 آذار. في المقابل يفاوض الافرقاء الموارنة الآخرون على الحصول على حقائب مارونية كالتيار الوطني الحر وحزب الكتائب والقوات اللبنانية وتيار المردة، دونما ايضاً اغفال حصة رئيس الجمهورية بوزير ماروني. بينهم مَن يطلب اكثر من حقيبة مارونية في معرض تأكيد انتفاخ شعبيته. بينهم ايضاً كالقوات اللبنانية وتيار المردة من يقرن الحقيبة الوازنة بالوزير الماروني. 

نقولا ناصيف - "الأخبار" - 11 تشرين الثاني 2016

إرسال تعليق

 
Top