0
لا يبدو رئيس الحكومة مرتاحاً هذه الأيام لما تؤول اليه أوضاع البلاد وأمور الناس وشؤون الدولة. يشعر باليأس والإحباط بعدما استنفد كل ما لديه من صبر وسعة بال.


شيء من التهميش يصيب السرايا، وليس في الأفق ما يشي بأن ثمة رغبة لدى أي من القوى السياسية في إعادة الاعتبار الى مؤسسة مجلس الوزراء.
 
قد يكون الرئيس فؤاد السنيورة الوحيد الذي أصاب بغير قصد بسهامه الرئيس تمام سلام عندما تحدث عن أحقية الرئيس سعد الحريري بمعيار الاكثر تمثيلا في طائفته، لكنه عاد فاعتذر عندما لمس أن الكلام قد يسيء الى رئيس الحكومة في الظروف الصعبة التي يمر فيها، وثمة كثير من القوى التي لا تفوت مناسبة في مجالسها للتصويب على الحكومة، وتطال شظاياها رئيسها على خلفية عجزه أحيانا عن إدارة ربط النزاع داخل حكومته.
 
في مثل هذه الأجواء، وهي ليست جديدة بما أنها تعود إلى بدايات الشغور الرئاسي، يدرس سلام خياراته. ولا يخفي أمام القريبين منه تعبه ونفاد صبره. يطرح على نفسه سؤالا مكررا منذ أشهر وأشهر: "وماذا لو انسحبت؟ هل يمكن أن تشكل استقالة الحكومة صدمة تضع الجميع أمام مسؤولياتهم وتدفعهم إلى النزول إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس وإعادة تكوين سلطة سياسية ودستورية جديدة في البلاد؟
 
سؤال يشغل الرئيس تمام سلام كثيرا هذه الايام، لكنه يدرك خطورة اللجوء الى مثل هذه الخطوة - الصدمة. فحكومته هي آخر المؤسسات الدستورية الشرعية القائمة، ولا يمكن القول "العاملة" بما أنها تخضع لكل انواع الابتزاز والتعطيل.
 
يشعر سلام بالسوء عندما يدرك أن طاولة مجلس الوزراء هي للخلافات والتعطيل، أما التفاهمات فتحصل من خارج هذه الطاولة. لم يتوان عن وصف حكومته بحكومة "مرّقلي تمرقلك". الامر الذي دفع وزراء إلى التذمر والتشكي، من دون أن يدفع مثل هذا الاعتراف الصارخ بعجز الحكومة وفشلها من على لسان رئيسها أي من القوى إلى المبادرة والتصرف والمعالجة. بل على العكس، يذهب بعضهم في "التيار الوطني الحر" إلى التهديد بالاستقالة وتحويلها إلى تصريف الاعمال إذا تم التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي لمرة ثالثة. ويذهب البعض الآخر مثل الوزيرين المستقيلين أشرف ريفي وألان حكيم إلى الاجتماع للبحث في أداء الحكومة الناقصة، فيما يقف رئيس الحكومة على مسافة واحدة من وزرائه، ضابطا لإيقاع الجلسات الحكومية على الساعات الثلاث. اما الانتاجية والتفعيل، فموضوع آخر مفتاحه في جيب القوى السياسية التي إئتمنها سلام منذ توليه مسؤولياته على بت المسائل الخلافية من خارج الحكومة. بحيث تحولت حكومته عمليا إلى تصريف تفاهمات واتفاقات من خارجها، نادرا ما يطلع على مضامينها، كما هي حال التفاهم النفطي أو مسألة قيادة الجيش التي يعلن سلام أنه لم يطلع من وزير الدفاع على خلاصة مشاوراته في شأنها وتوجهاته بالنسبة إلى التمديد للقائد الحالي أو اقتراح أسماء مرشحين جدد.
 
حال اليأس من الداخل تنسحب على الحركة الخارجية لرئيس الحكومة، إذ يقتصر حضور لبنان على إلقاء كلمة (كما حصل أخيرا في موريتانيا) من دون أن تنجح ديبلوماسيته في تحقيق أي وجود فاعل على الساحة العربية والدولية، علما أن وزير الخارجية غالبا ما يغيب عن الوفد الرسمي المرافق لرئيس الحكومة في جولاته الخارجية.
 
إطلالتان جديدتان على الخارج تنتظران سلام الشهر المقبل: قمة قادة دول عدم الانحياز المزمع عقدها في فنزويلا بين 13 و18 ايلول المقبل، واجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة بين 23 و25 ايلول، يسبقها مؤتمران دوليان، الاول يبحث في أوضاع اللاجئين والمهاجرين، وينعقد في 19 ايلول على مستوى رؤساء الدول والحكومات برعاية الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون، والثاني ينعقد في العشرين من ايلول، بدعوة من الرئيس الاميركي باراك اوباما للبحث في مصادر التمويل لمعالجة مشكلة الهجرة واللجوء. وقد يتعذر على سلام المشاركة في مؤتمر قمة عدم الانحياز نظرا الى تزامنه مع انعقاد مؤتمرات نيويورك في الوقت عينه.


سابين عويس - "النهار" - 11 آب 2016

إرسال تعليق

 
Top