0
كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» عن وصول 80 مستشارا عسكريا إيرانيا إلى العراق مؤخرا بهدف إشراكهم في معارك الفلوجة. وبحسب المصدر٬ ستكون مهمة المستشارين دعم خمسة من عشرات الفصائل التي تقاتل مع ميليشيا «الحشد الشعبي» في معركة الفلوجة الدائرة٬ وهي: منظمة «بدر»٬ ومنظمة «سرايا عاشوراء»٬ و«أنصار المرجعية»٬ و«أنصار العقيدة»٬ و«سرايا الجهاد»٬ مبينا أن هذه الفصائل هي الأكثر تنسيقا مع إيران. يذكر أنه تم الاعتراف بوجود قائد «فيلق القدس» بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني٬ ومشاركته في الإشراف على سير معركة الفلوجة بوصفه أحد المستشارين الذين أرسلتهم إيران بطلب من الحكومة العراقية.

وقال مسلحون شيعة في العراق مدعومون من إيران إنهم يخططون لاقتحام مدينة الفلوجة التي تعد معقل تنظيم داعش المتشدد فور خروج المدنيين منها. وهو ما يتعارض مع تصريحات سابقة بأنهم سيتركون المهمة للجيش العراقي. من جانبه٬ صرح رئيس هيئة ميليشيا «الحشد الشعبي» العراقي٬ أبو مهدي المهندس٬ أمس الأحد بأن «الحشد الشعبي» شريك أساسي في عملية تحرير الفلوجة من قبضة تنظيم داعش المتشدد٬ حسب تعبيره٬ وأن «الحشد» على استعداد لمساندة القوات العراقية. وقال في حديث مع صحافيين قرب مناطق النزاع في محيط الفلوجة إنه «رغم صعوبة المعارك٬ فإنه جرت عملية نقل النازحين بسلاسة من مناطق القتال٬ والسيطرة على نقلهم وحماية أموالهم وبيوتهم».

وأضاف: «تم إسناد مسؤولية إدارة المناطق المحررة إلى قيادة عمليات بغداد وشرطة الأنبار لتقديم الخدمات للنازحين الذين يتعرضون لكارثة إنسانية بعد إعادتهم بسرعة إلى بيوتهم٬ خصوصا منطقتي الكرة والصقلاوية». وأكد المهندس على عدم حاجة «الحشد الشعبي» لأي مساعدة من التحالف الدولي وأنهم متطوعون للقتال إلى جانب القوات العراقية. بالمقابل٬ أدانت قوى سياسية ونواب في البرلمان العراقي وسياسيون وقوى من المجتمع المدني العراقي٬ الانتهاكات التي تمارس بحق أهالي الفلوجة من الرجال والشبان الذين تمكنوا من الفرار من قبضة «داعش».

ونشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر عنصرا من ميليشيا «الحشد الشعبي» وهو يقوم بتعذيب عدد من أبناء الفلوجة. وقال رئيس لجنة المهجرين في البرلمان العراقي النائب رعد الدهلكي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتهاكات والجرائم الوحشية التي يمارسها البعض من عناصر الميليشيات المسلحة التابعة لـ(الحشد الشعبي) أمر في غاية الخطورة٬ لأنها ستتسبب في شق وحدة الصف وإثارة الصراعات الطائفية». وأضاف: «لقد حذرنا مراًرا وتكراًرا من إدخال (الحشد الشعبي) في معركة الفلوجة٬ ووعدنا رئيس الوزراء والقائد العام بأن الفلوجة ستتحرر من قبل القوات التابعة للجيش والشرطة ومن أبناء الأنبار٬ ولكننا نرى الآن أن أرواح المدنيين من أهالي الفلوجة أصبحت بيد غير أمينة٬ وهنا أطالب رئيس الوزراء حيدر العبادي بالتحرك الفوري لإنقاذ أرواح المدنيين الأبرياء العزل ومعاقبة ومحاسبة كل من ارتكب الجرائم بحقهم». وقال عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار النائب أحمد السلماني في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن ثلث أعداد المدنيين الذين تمكنوا من الإفلات من قبضة «داعش» وخرجوا من مدينة الفلوجة سقطوا في أيدي بعض الفصائل المسلحة التابعة للميليشيات٬ فقد احتجز عناصر الميليشيات التابعة لـ«الحشد الشعبي» 73 رجلا وشابا من أهالي الفلوجة٬ بينما قتل 17 آخرون بعد تعذيبهم.

وقال السلماني: «أنا أحمل المسؤولية الكاملة لشخص القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي سمح للميليشيات بالمشاركة في معارك تحرير الفلوجة». وأضاف السلماني إنه إذا كانت معارك الفلوجة ستتسبب في خسارة ثلث أهالي محافظة الأنبار٬ فمن الأجدى الاستغناء عن عملية تحرير الفلوجة وانتظار استكمال جاهزية أبناء محافظة الأنبار لتحرير مدنهم بأيديهم. وكان رئيس الوزراء العراقي٬ حيدر العبادي٬ قد أمر أول من أمس٬ بملاحقة مقاتلين موالين للحكومة متهمين بارتكاب «انتهاكات»٬ بينها القتل٬ بحق مدنيين خلال مشاركتهم في الحملة العسكرية لاستعادة الفلوجة٬ من قبضة تنظيم «داعش».

من ناحية أخرى٬ حذر مسؤولون محليون في محافظة الأنبار من مغبة حدوث كارثة إنسانية ستحل بمئات العائلات التي تمكنت من الهرب من قبضة «داعش» ونزحت من الفلوجة إلى مناطق في عامرية الفلوجة عبر نهر الفرات؛ حيث لجأت العائلات المحاصرة داخل مدينة الفلوجة إلى عبور نهر الفرات سباحة أو على متن زوارق خشبية والوصول إلى الضفة الأخرى التي تقف عندها القوات العراقية. وتعرض العشرات من أهالي الفلوجة للغرق في نهر الفرات بينما قتل آخرون على يد قناصة التنظيم المتطرف. وقال رئيس مجلس العشائر المتصدية لتنظيم داعش في الأنبار الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «العائلات المحاصرة داخل مدينة الفلوجة بدأت تستخدم عبور النهر وسيلة للإفلات من قبضة (داعش) خصوصا بعد قيام مسلحي التنظيم بقتل عدد كبير من المدنيين الذين حاولوا الهرب من المدينة مستخدمين الجسور للوصول إلى الضفة الغربية لمدينة الفلوجة وصولاً إلى ناحية الخالدية الآمنة».

وقال قائمقام الفلوجة سعدون الشعلان في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «أكثر من 10 آلاف من النازحين تمكنوا من الهرب من قبضة تنظيم داعش في الفلوجة ووصلوا إلى ناحية عامرية الفلوجة بعد رحلة صعبة وخطيرة للغاية». وناشد دول العالم والمنظمات الإنسانية والحكومة العراقية٬ الإسراع في تقديم المعونات الإنسانية٬ لما وصفه بالسيل الجارف من العائلات النازحة٬ وقال إن المخيمات والمنازل والمدارس قد امتلأت بالعائلات وسط شح كبير في المواد الإغاثية والإنسانية.


"الشرق الأوسط" - 6 حزيران 2016

إرسال تعليق

 
Top