0
لا يمكن أيّ طرف سياسي في البلد أن يدعي أنه خرج سالما من اختبار الانتخابات البلدية والاختيارية التي انتهت مساء الاحد. كل من يدعي انه خرج منتصرا يكون في أقل تقدير قليل الادراك لما حصل عموما، ان لم يكن متربعا فوق جبل من الاوهام! لم يسلم احد من الاحزاب الاساسية، ولا من القوى السياسية الكبرى في البلد. مع انتهاء الجولة الاخيرة من الانتخابات ليل الاحد الماضي، بدأ الجميع، من "حزب الله" الى "تيار المستقبل" مرورا بـالحزب التقدمي الاشتراكي وحركة "أمل" و"التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب وغيرها، بالخروج من معمعة الانتخابات التي افضت بشكل عام الى بروز حالات اعتراضية جمة في كل مكان ضد الاحزاب المتربعة فوق عرش المحاصصة الطائفية والمناطقية، مع ما يرافق ذلك من صنوف التجاوزات الهائلة للقانون.

الجميع تلقوا صفعة، كانت بمثابة جرس إنذار حقيقي يؤشر لوجود حال من التململ والغضب والتمرد على طغيان سلطوي فوقي ممتد على مساحة الطوائف والمناطق، ولا استثناءات. فقط نسب متفاوتة من التعبير عن المزاج الاعتراضي، وإن لم يكن ارتقى بعد الى حالة من التمرد المنظم المخترق للقيود الطائفية العشائرية والمناطقية. لقد أشرت الانتخابات البلدية والاختيارية الى تضخم مخيف لوهم القوة لدى الجميع: بعضهم بدا متسلحاً بالدين والايديولوجيا والمؤسسات الاجتماعية الواقفة على مسافة شاسعة من المساحة الوطنية المشتركة، وبعضهم متسلحا بالخوف والتخويف، وبعضهم الثالث متسلحا بالمذهبية المتقوقعة.. ومع ذلك تبين ان المواطن العادي أطلق صرخة مدوية ضد هذا الائتلاف اللدود العريض المتربع فوق السلطة بتلاوينها كافة.
 
قالوها "لا" مدوية في وجه الجميع، وإن بأشكال مختلفة: لا للسلاح وسطوته، لا للفساد، لا للثنائيات المتقوقعة، لا لتجاوز آلام الناس في حياتهم اليومية. ومع ذلك بقي مستوى مهم جدا لم تبلغه الحالة الاعتراضية الرافضة تعليب الناس تحت اي مسمى، بقي مستوى تنظيم هذه الحالة في اطر حركية اكثر فاعلية، ثم ربطها بشكل عابر للطوائف والمناطق، والهواجس والمخاوف الحقيقية او المفتعلة، كي تتمكن من التعبير عن نفسها اولا ، عبر خطاب هادف اكثر تماسكا، ليكون دافعا للتغيير الواقعي، فلا يبقى الاعتراض مجرد حالات عابرة ومحدودة في الزمان والمكان.
 
لا يمكن أن يكون هدف الاعتراض الذي لمسناه في كل مكان شطب الحياة الحزبية، وانما يجب ان يكون الهدف احداث هزة كبيرة فيها، ودفعها الى التغيير الحقيقي في مساراتها، والاهم الى التواضع الحقيقي لا المسرحي.
 
نعم، لقد تلقى الجميع في مكان ما صفعات بالجملة تستدعي منهم التفكير مليا في المراجعة والتغيير!


علي حماده - "النهار" - 2 حزيران 2016

إرسال تعليق

 
Top