بعد نحو أسبوعين، ستعود اللجان المشتركة الى الاجتماع، بعد إخفاق خمس جولات متتالية لها. ستعود لتناقش معضلة قانون الانتخاب.
حتى الآن، فشلت اللجان في نسج أي تقارب بين مختلف الكتل النيابية، حول الصيغة الموعودة للقانون الجديد. ولأن النواب ليس بين أياديهم أي قرار فعلي لبتّ أي نقاش، تقرّر رمي كرة القانون أمام الاقطاب المتحاورين الذين يشاركون في طاولة الحوار، التي هي الاخرى، "حققت" الإخفاقات الواحدة تلو الاخرى.
في الأساس، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان سبق وطرح امام المتحاورين مبادرته الثلاثية البُعد، للاجابة عنها خلال جلسة 21 حزيران الجاري. هذه المبادرة تقوم على وضع قانون جديد للانتخابات تمهيداً لانتخابات نيابية، ومن ثم ان يعمد مجلس النواب الجديد الى انتخاب رئيس للجمهورية، او اعادة اعتماد قانون الستين مجدداً، اذ تعذّر صوغ قانون جديد، او العودة الى إتفاق دوحة آخر.
من هنا، لا يزال خيار الستّين موجوداً وبقوة، وان كان بري عاد وتحدث عن "غضب الشارع"، اذا لم يوضع قانون جديد للانتخابات. الا ان رئيس المجلس نفسه، يعي اكثر من غيره، عجز اللجان النيابية، ان كانت فرعية - مصغرة، او مشتركة - موسعة، في التوصل الى اي مسودة لقانون موعود. هي فقط نجحت في حصر النقاش بالصيغة المختلطة.
تلك الصيغة التي تزاوج بين النظام النسبي والاكثري، يراها البعض الافضل في المرحلة الراهنة، لكونها تشكلّ نوعاً من تسوية بين فريقين، اذ ترضي الفريق الذي يطالب بالنسبية الكاملة، والفريق الاخر الذي يريد الاكثرية.
وفق معلومات "النهار"، فإن جدول المقارنة بين الاقتراحين المختلطين لم ينجح حتى اللحظة في التخفيف من نقاط الاختلاف، ولا في إحداث اي خرق ايجابي. ان التقدّم الوحيد هو ان البعض عاد وقبل النقاش بالنسبية، بعدما كان من أشدّ رافضيها. من هنا، اعتبرت التسوية الفضلى هي التزاوج بين النسبي والاكثري. وعلى هذا الاساس، يقع شد الحبال اليوم داخل اللجان، بين من يريد تقليل نسبة النسبية، ومن يريد ان يرفعها لمصلحة نسبة الاكثري.
ومن ابرز المفارقات التي سُجّلت داخل اللجان حتى الان، هو " الاعتراض الكتائبي الكبير" لاقتراح ما يعرف بالمشترك، اي اقتراح قوى 14 آذار من "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" والحزب التقدمي الاشتراكي وعدد من مستقلي 14 اذار، والذي يقوم على اساس انتخاب 68 نائباً وفق الاكثري و60 نائباً وفق النسبي.
حتى اللحظة ايضاً، يبدو ان هذا الاقتراح يلاقي اعتراضاً ايضاً من كتلة "الوفاء للمقاومة" التي تعتبر انه يقوم على شيء من المحاصصة ولا يراعي وحدة المعايير، فضلاً عن انه يستبق النتائج سلفاً، لا سيما في ما يتعلق بقضاء بعبدا، واصرار فصلها عن دائرة الشوف وعاليه.
في المقابل، ليس هناك من تفضيل مطلق للاقتراح الآخر المقدّم من عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب علي بزي، والقائم على انتخاب 64 نائباً وفق الاكثري و64 نائباً وفق النسبي، على الرغم من ان اكثر من نائب يعتبره يحقق مبدأ " الغموض البناء" ، اي انه لا يحدّد النتائج مسبقا. وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن القول ان هذا الاقتراح بات متقدّماً.
من هنا، فإن طاولة الحوار في 22 حزيران الجاري ستعود الى معضلة قانون الانتخاب، واضعة امام الاقطاب هذا الملف، انطلاقاً من امكان التوافق على الصيغة المختلطة. وعلمت "النهار" ان مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي سيكون حاضراً ايضاً، وهو المشروع القائم على النسبية وفق 13 دائرة.
هكذا، سيثير بري ملف قانون الانتخاب امام الاقطاب السياسيين، بعدما فشلوا في التوافق على انتخاب رئيس، فها هم ينتقلون اليوم الى ملف شائك ىخر، بعدما باتت كرة قانون الانتخاب اكبر من النواب انفسهم.
ووسط البحث المطوّل، سيمرّ عام حتى يحلّ موعد الانتخابات النيابية الجديدة في حزيران 2017، ولان لا مهرب من اجرائها بعد نجاح تجربة الانتخابات البلدية، فهل سنكون مرة جديدة امام معادلة "عَ الستّين يا بطيخ"، ولضرورات استثنائية مجدداً؟!
منال شعيا - "النهار" - 10 حزيران 2016
إرسال تعليق