0
كان من سوء حظ هذا البلد أن يزوره الأسبوع الماضي رئيس فرنسي يُعتبر الأسوأ في تاريخ الرئاسة الفرنسية: رئيس يحكم فرنسا داخلياً كأيFonctionnaire كبير في الدولة، وخارجياً كتابع لعمّته الألمانية الداهية ميركل، وفي قصر الإليزيه كقزم لظل الجنرال ديغول، وفي أعين الفرنسيين – وآخر استطلاع لرأيهم في انتخابات الرئاسة العتيدة – في قفا الخيل بعد مارين لوبن وساركوزي. وفي فرنسا كما في خارجها، يتساءل الناس كيف أوتي بشخص كهذا إلى كرسي الحكم، فيما يتندر الكثير من الفرنسيين أن لديه الصفة الأساس التي تميّزه كرئيس فرنسي: "نسونجي!"
هذه الزيارة، ويا ليتها لم تكن، أتت لتزيد طين لبنان بلة على مختلف الصعد، ولتشرح للبنانيين وبخاصة الموارنة، أنهم يحكمون بلداً قُضي عليه بالفشل. وفيما انتظر المسلمون منه أن يجترح حلولاً للمأساة اللبنانية على المستويين الداخلي والخارجي وبخاصة موضوع رئاسة الجمهورية، استمع رئيس مجلس النواب نبيه برّي لكلامه بكل اغتباط: "ليست لدي أجوبة في موضوع الرئاسة الأولى لأني انتظرها من المشرّعين أنفسهم". وبهذا، كرّس برّي القيّم الوحيد على هذه الرئاسة، والذي يعلم أنه يتلاعب بها، ويستبقي "النصاب" في لعبته تلك بعيداً عن "تشريعات الضرورة" التي يتقنها. 
أما الموارنة المحبطون، والذين انتظروا "معجزة من السماء" تقوم بها الأم الحنون، باستخدام "نفوذها" لجمع "مسترئسيهم" حول مرشح واحد برعاية البطريرك يرضى به جميع اللبنانيين، اكتفى هولند بالإجتماع بالراعي كما برؤساء الطوائف الأخرى ليوحي لهم أن "قصر الصنوبر" الذي صاغ وأعلن "لبنان الكبير" تحول إلى مجرد بيت للضيافة، وأن فرنسا عاجزة عن التدخل عملياً لحل مشاكل ما تبقى من لبنان الصغير..
ومن باب رفع العتب أمام مواطنيه الفرنسيين وبعض اللبنانيين البسطاء، زار هولاند مخيم اللاجئين في البقاع، وتقبل الأزهار وقبّل الصغار أمام الكاميرات، بل كاد يذرف الدمع!. وكانت هبته للجيش بــ25 مليون يورو وللآجئين بمبلغ مماثل، "برطيلا" للبنان، تماماً كما تتصرف ميركل مع تركيا، مفاده: خذوا الأموال مقابل إبقاء شبح اللاجئين بعيداً عن ديارنا. وهكذا أمضى هولاند الساعات الــ25 لزيارته الميمونة في اللغط الفارغ والتصاريح التي استعادها ورددها ببغاوياُ من كافة السفراء والمسؤولين الفرنسيين الذين سبق وزارونا، لكنه لم يخدع أحداً من اللبنانيين المخلصين بكلامه الرخيص!

الجولان الإسرائيلية.. رسمياً؟!
أربعة أسباب جوهرية معظمها في جعبة نتانياهو لدى لقائه في موسكو مع بوتين بشأن معركة حياته السياسية: ضم الجولان. 
السبب الأول جغرافي قديم باعتبارها "قيصرية فيليبس وعاصمتها بانياس" التابعة لفلسطين أيام المسيح، والثاني إتفاق 9 أيار 1977المبرم بين حافظ الأسد والرئيس كارتر في جنيف ومفاده أن يتعهد الأسد "بتناسي" الجولان المحتل منذ حرب الأيام الستة مقابل إطلاق يده في "حكم" لبنان، والثالث تواجد فئة إتنية قوامها الدروز داخلها كما على طرفيها السوري والإسرائيلي. بالإضافة لأسباب أخرى أهمها استراتيجية المنطقة بالنسية لإسرائيل، والإحتفاظ بمواردها المائية التي تغذي بحيرة طبرية، زد عليه رغبة إسرائيل في قضم الأراضي العربية لتوسيع رقعتها الجغرافية. 
نتانياهو سيواجه حرباً شرسة تشنها واشنطن وموسكو في وقت معاً بمشاركة الإتحاد الأوروبي أن الجولان أرض سورية. توجه أولاً لموسكو لأن رياح الشرق الأوسط السياسية "شمالية" هذه الأيام. اتفاق جنيف القديم أساسي بواقع أن النظام السوري لم يطلق رصاصة بل كلمة واحدة باتجاه الجولان منذ خمسين سنة اللهم إلا كلام الإستهلاك. لكن السبب الجغرافي سيعمل ضد الإسرائيليين بواقع أن حدود فينيقيا كانت تمتد حتى حيفا. 
فهل يتمكن نتنياهو من إخراج هذا الأرنب من القبّعة؟ هذا ما ستظهره الأسابيع القادمة.

د. هادي عيد - 21 نيسان 2016

إرسال تعليق

 
Top