في الحلقة الثامنة والعشرون من مذكرات العميد الركن المتقاعد جورج نادر المنشورة على موقع "ليبانون ديبايت"، يأتي الاعتراف الأوضح على لسان الجنرال نادر كاشفاً مصير الارهابي شاكر العبسي، خلافاً لكل ما صدر من تشويه للحقائق بهدف النيل من العماد ميشال سليمان.
يقول العميد نادر: صدر أمر تجميع الأفواج الخاصة (المغاوير، مغاوير البحر، المجوقل، القوة الضاربة) في معسكر عرمان للتدريب القريب من مخيّم نهر البارد، تمهيداً لعودتها إلى ثكناتها.
" ليك يا جورج، أنا بشكر تنين بهالمعركة" قالها لي العقيد الركن جورج شريم قائد فوج مغاوير البحر.
" مين هنّي سيدنا ؟"
"العماد ميشال سليمان لأنّو جابك لعنّا بالوقت اللي كنا عايزينك فيه"
"ومين التاني؟"
"شاكر العبسي.. لأنو قرّر يهرب من قطاعك.. وفرمتو" (أي قضيت عليه).
شهادة من ضابط قائد شجاع، أعتزّ بها مدى العمر.
الرابع من ايلول 2007، إصطفّت الآليات تحمل العسكريين بسلاحهم وذخيرتهم ، الوجوه مشرقة فخراً وإعتزازاً، صور الشهداء تحتلّ مقدّمات الملالات والشاحنات، العلم اللبناني يخفق فوق كل آلية. كل فوج بإتجاه ثكنته الأساسية: مغاوير البحر إلى عمشيت، المغاوير والقوّة الضاربة إلى رومية، والمجوقل إلى غوسطا. لكن الطريق التي يستغرق قطعها ساعتين كحدّ أقصى، إستغرقت 13 ساعة.
المواطنون على الطرقات، من مدخل المعسكر في المنية حتى الثكنات: أهالي المنية، طرابلس نزلوا إلى الطرقات، الرجال ببنادقهم يطلقون النار في الهواء، النساء يزغردن، ولم تفلح محاولات ضباط المخابرات بمنع إطلاق النار.
القلمون، أنفه، شكا، البترون، جبيل ،الفيدار، العقيبة الناس نساء ورجالاً، شباباً وأطفال، "قطعوا" الطريق على الآليات العسكرية، "يُنزلون" العسكريين من الآليات، يرقصون ويفرحون، يغنون وزغاريد النساء والمفرقعات وصولاً إلى طبرجا وجونيه حيث إحتشد المواطنون بالمئات، بلافتات الترحيب بإطلاق النار والمفرقعات ورش الأرز والزهور. حقّاً إن هذا اللقاء بين الجيش وشعبه هو أصدق تعبير عمّا يكنّه هذا الشعب الطيب لجيشه الوطني.
"جورج، كفّي ع بيروت، لازم أهل بيروت يستقبلوكن بعدين بتطلع ع غوسطا" أوامر العميد الحاج. بيروت أيضاً إستقبلت العسكر العائد.
"وين صرتو؟" قالها المحامي الصديق نضال خليل لي بالهاتف.
"بعدنا معوّقين، بشرفك خلّي الناس يروحو ع بيوتن.. حرام يبقو ل هالوقت"
"رافضين يروحو قبل ما توصلو"
إنتظرنا أهالي عشقوت والجوار منذ الساعة الثالثة بعد الظهر على مستديرة عشقوت ومدخلها الجنوبي، تسع ساعات ولم يملّوا الإنتظار" ناطرين المجوقل ما منفلّ ألا ما نشوفن ونقلّن الحمدلله عالسلامة".
المكان: مدخل عشقوت الجنوبي - الزمان: 5/7/2007 - التوقيت: الساعة 0.30 بعد منتصف الليل. حشد غفير من أهالي المنطقة والجوار يتقدّمهم القاضي جان فهد مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية (رئيس مجلس القضاء الأعلى حالياً). إطلاق النار بغزارة من كلّ إتجاه وفي كلّ الإتجاهات، المفرقعات، الزغاريد ورش الأرز، قرع الأجراس، الشباب والفتيات "يعربشون" على الآليات، يرقصون مع العسكريين كأنهم في عرس، فحضرتني أغنية مطربنا الكبير وديع الصافي: "يوم الرجوع بلادك تلاقيك وعنّك خبار المجد.. ترويها"
"أنتو أنقذتو الجمهوريي يا كولونيل" قالها لي القاضي جان فهد.
"نحنا عملنا واجباتنا يا ريّس"
"بعرف، بس أنا كلّ الملفّات عندي، وبعرف شو كان عم يتحضّر ل هالبلد، وأنتو خلّصتوه"
وصلنا إلى ثكنة الفوج محمولين على الأكتاف الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف اليل بعد أن قضينا ثلاثة عشر ساعة ونصف على الطريق من عرمان إلى غوسطا.
يا لِكِبر هذا الشعب، وطيبته وحماسه ولهفته على جيشه. إن الجيش يقوى بشعبه المحبّ الطيّب فقط وليس بحكومته، كل الحكومات التي تعاقبت على حكم هذا الوطن منذ الإستقلال، لأنها لم تقرّر يوماً تقوية جيشها بالسلاح والعتاد وزيادة عديده ليتمكّن من مواجهة أعداء الوطن في الخارج والداخل، لذلك فالجيش يستمدّ قوته من ثقة شعبه به، هذا الشعب الذي يستحقّ أن نموت لأجله.
إعتباراً من 5 ايلول 2007، عكفت مع ضباط الفوج، على تقييم المعركة من جوانبها كافّة، وإجراء عملية النقد الذاتي، وتحديد نقاط القوة التي يجب العمل على تطويرها، ونقاط الضعف التي يقتضي تلافيها وتحديد الحاجات التدريبية واللوجستية للعمل على سدّ هذه الحاجات.
في ثكنة الفوج وفي حقول التدريب في وطى الجوز وعيون السيمان، إبتدأت ورشة التدريب الإحترافي.
21 نيسان 2016
إرسال تعليق