حرب الإلغاء التي هي ذكرى أليمة نتمنى نسيانها مع المصالحات الجديدة والتحالفات الحديثة، يجب ألا تتحول اليوم بعد التحالف العوني - "القواتي" الى حرب إلغاء للآخرين.
فالخطيئة الجسيمة التي يرتكبها التيار البرتقالي والحزب "القواتي" هي انهما بتحالفهما يحاولان إلغاء الآخرين. وعندما نقول الآخرين نقصد أولاً المستقلين. وعندما نقول مستقلين لا نقصد أنهم من دون قضية، بل العكس، هم من يؤمنون بلبنان ومصلحته ولا ينتمون الى حزب أو زعيم.
مع انطلاق التحضيرات للمعارك البلدية، شعر الكثيرون في زحلة وجبل لبنان وبيروت وجبيل ومناطق أخرى كالبترون، بأن الاتفاق العوني – "القواتي" يهدف الى شن حرب إلغاء على كل من لا ينتمي إليهما. فالاتفاق الثنائي بينهما يبدو مستهدفاً المستقلين لاستبدالهم بأنصار التحالف، وحيث لا يمكن إلغاء الآخرين يحاول التحالف ان يتفاوض معهم.
ليت هذا التحالف يكون لانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت، ويؤدي الى نتائج فورية وحاسمة لإنقاذ الموقع الاول في الدولة. وليته يقدم برامج واضحة، لأن البرتقالي متحالف مع حزب مرتبط بايران وسوريا، و"القواتي" على علاقة غير واضحة بالمملكة العربية السعودية وبعض الأحزاب والتيارات اللبنانية كـ "تيار المستقبل" والكتائب، فيا ليتهم يعلنون خطة واضحة وصريحة مع مشروع إنقاذي، بدل أن ينصب جهدهم على نيل مقاعد انتخابية أكثر وإلغاء الآخرين.
ذات يوم كنت أقول أمام احد المخضرمين: مشكلة المسيحيين ان عندهم احزاباً كثيرة، أما عند الآخرين فكل طائفة تملك زعيماً. فأجابني: "بالعكس، هذه قوة المسيحيين ويجب على الآخرين ان يتمثلوا بهم، فالتنوع ديموقراطية، وهذا لا يمنع الاتفاق بين بعضنا على العناوين الكبيرة، وهكذا تكون الحياة الديموقراطية السليمة. طبعاً لا يمكن ان نعود الى معادلة: عون - جعجع او لا شيء، فهذه عودة الى الوراء والغاء للآخرين وعدم السماح لهم بأن يكونوا إلا عبر القطبين العوني – "القواتي". هذا الامر لن يحصل لان كثيرين يؤمنون بأن لبنان يحتاج الى نَفَس جديد ورؤية مختلفة والى تغيير وجوه، ويجب احترام الأشخاص الذين يمكنهم الاتفاق مع "التيار" أو "القوات" على نقاط كثيرة أو الاختلاف معهما على نقاط أخرى، ولهذا هم أحرار، لأن أحداً لا يملي عليهم ما يجب أن يفعلوه أو يفرض عليهم تحالفاتهم أو خلافاتهم. وعلى "التيار" و"القوات" أن يسمعا هؤلاء الاشخاص وعدم الاستمرار في محاولة إلغائهم، لأن هذا الأمر سيضعف تحالفهما. أما استيعاب الآخرين واستيعاب الحرية والاستقلالية لجزء كبير لا يريد ان يحمل بطاقات او ان يعطي ولاءه لزعيم، فهو واجب الأحزاب جميعاً، لانه لا بد ان يأتي يوم ويعرف الجميع كم أن حجم هؤلاء كبير، لكنهم أكثرية ما زالت، ويا للأسف صامتة.
ميشيل تويني - "النهار" - 20 نيسان 2016
إرسال تعليق