لم نكن ننتظر ونتوقّع من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أكثر مما عنده. قابلَ بالمفرد والجملة. ناقشَ. استقبلَ. أعلن. بحثَ في المسألة اللبنانية في العمق مع كل المراجع السياسيّة والروحيّة.
أهميّة الزيارة الطويلة نسبياً أنها لم تضطر الرئيس هولاند الى الوعود، والمماطلات، والتهرّب من الواقع والأسباب التي أوصلت لبنان الى هذا الفراغ وهذه الفوضى.
أهميّة الزيارة الطويلة نسبياً أنها لم تضطر الرئيس هولاند الى الوعود، والمماطلات، والتهرّب من الواقع والأسباب التي أوصلت لبنان الى هذا الفراغ وهذه الفوضى.
وضع اصبعه على موضع الجرح. وناشد اللبنانيين أن يعملوا معاً في سبيل الوصول الى النهاية السعيدة، بعد إنهاء كل الأسباب التي أدّت الى إقامة الفراغ الرئاسي، بل الشامل، في الربوع الغنّاء طوال سنتين، والدخول في الثالثة كما لو أن شيئاً أو حرفاً لن يتغيّر.
المسألة اللبنانية، بكل تداعياتها وذيولها، يعرف هولاند أنها تقيم في ضيافة إيران. وفي الإقامة الجبريّة إذا صحّ التعبير. أما بالنسبة الى الدوافع والأهداف، فقد تضاربت التحليلات مع التسريبات والحقائق حتى اختلط الحابل بالنابل.
لقد سبق الفضل، وحاول الرئيس الفرنسي شخصياً، ومراراً، معالجة "الموضوع اللبناني" مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، ومع وزير الخارجية محمد جواد ظريف. تمَّت زيارات متبادلة، وعلى مختلف المستويات. لكن طهران أصرَّت على أن الفراغ الرئاسي في لبنان لم يزرها مرَّة، ولا تعرف شيئاً عنه كونه موضوعاً لبنانياً وهي لا تتدخَّل في شؤون الآخرين...
واذا قالت حُذام فصدِّقوها، إنَّ القول ما قالت حُذامُ. وها هي تردّ يومياً على متهميها باحتجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني أن لا ناقة لها به ولا جمل. فليخيِّط اللبنانيّون، والفرنسيّون معهم، بغير هذه المسلَّة.
في كل حال، كتَّر الله خير هولاند. على الأقل تفقّدنا في الوقت الذي تاقت بيروت الى زيارات من هذا العيار وهي في محنة لا تعرف كيف تخرج منها.
غير أن الزيارة التي كلها عاطفة ومحبة لا تنسينا قنبلة رئيس الحكومة الاسرائيليَّة بنيامين نتنياهو، التي فجَّرها في الجولان السوري، وتأكيده من هناك أن اسرائيل باقية في الجولان الى الأبد. وبكل بساطة. ومن غير أن يسمع اعتراضاً عابراً من سوريا أو سواها. كأنه لم يعلن وضع يده على الجولان، موسعاً نطاق النفوذ الاسرائيلي... وعلى رؤوس الأشهاد.
إذاً، من هنا يبدأ الشرق الأوسط الجديد؟ من توسُّع عدواني جديد لإسرائيل، معطوفاً على تمزّق وتشرذم في الدول العربية الكبرى، مثل سوريا والعراق، وربما اليمن وليبيا... والحبل على الجرار؟
فتبقى حروب داحس والغبراء الى الأبد؟ وتستمرُّ المفاجآت من الجانب الاسرائيلي الى الأبد؟ وتواصل إيران احتجاز الاستحقاق الرئاسي الى الأبد؟ وتصمد الأم الحنون الى جانب لبنان المصاب بأهله الى الأبد؟
الياس الديري - "النهار" - 19 نيسان 2016
إرسال تعليق