0
خلافا لكل التحليلات والتكهنات السياسية بأن تطورات الميدان السوري وخلط الاوراق التي فرضها الانسحاب العسكري الروسي الجزئي من سوريا سيؤثر سلبا على الداخل اللبناني واستحقاقاته المعلقة، تعرب اوساط سياسية لبنانية عن اعتقادها بأن الوقائع مغايرة للتوقعات، وكل ما يدور في الفلك اللبناني هو نتاج السيناريو الدولي المرسوم للمنطقة وازماتها وفي شكل خاص السورية والمتجهة كما يبدو نحو نهايات سعيدة بغض النظر عن رأي بعض الاطراف فيها.

وتقول الاوساط لـ"المركزية" انها لا تستبعد ان تكون عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان بتوقيتها ومضمونها واهدافها من ضمن هذا السيناريو، حتى انها تذهب الى التساؤل عما اذا كان الحريري بحركته بين الرياض وباريس وبعض عواصم القرار، كان على علم مسبق بخطوة الانسحاب الروسي من سوريا او على الاقل في اجوائها كخطوة اساسية في اتجاه تسريع دوران عجلة قطار التسوية السياسية للوصول الى محطته الاخيرة عن طريق مفاوضات جنيف، خصوصا ان هذه العودة جاءت بمضمون واحد، انتخاب رئيس جمهورية، واختزنت عناصر ثقة غير مسبوقة اعرب عنها الحريري في مختلف اطلالاته ومواقفه وقابله فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري من خلال بث ذبذبات ايجابية على موجة الانتخابات الرئاسية معلنا ان "الثمرة نضجت وموسم قطافها حان"، كما تقاطعت مع ضغط دولي بلغ للمرة الاولى منذ الفراغ الرئاسي في 25 ايار 2014 ذروته وترجم على لسان اكثر من مسؤول غربي.

وتستند أوساط في قوى "14 آذار" في مسحتها التفاؤلية الى ركن اساسي في المعادلة السياسية اللبنانية يتمثل في عودة حزب الله من سوريا، بعد انتهاء دوره مع نضوج التسوية التي تحبك خيوطها في جنيف، مفتقدا "هالة الانتصار" التي وعد بها والتي ستضطره في ضوء انكشافه داخليا بالعودة من دون النصر بعد سقوط اكثر من الف قتيل في صفوفه، وحصاره عربيا بالاجراءات والتدابير الخليجية العقابية وتشديد الخناق المالي عليه بالقرار الاميركي لتجفيف مصادر تمويله، الى تأمين غطاء شرعي داخلي لا يمكن ان تتعبد طريقه الا عبر المؤسسات الرسمية بعد اكتمال عقد السلطة بدءا من انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة وانتخابات نيابية تكرّسه شرعيا، على غرار ما كان عليه في عهد حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتنصرف بعد ذلك الى محاولة فك الحصار العربي والغربي عنه باعتباره مكونا سياسيا خاضعا للدولة ومؤسساتها الرسمية.

وقد مهّد الرئيس الحريري الذي قد يستعيد تجربة والده، لسيناريو عودة الحزب من سوريا وانخراطه في المشروع اللبناني بعد تقليم اظافره اقليميا، من خلال مواقفه التي ركزت على مد اليد للتعاون في الداخل من دون انتقاد امتداده الخارجي وانخراطه في الصراع الدموي السوري. وتضيف الاوساط ان حزب الله موضوع اليوم بين سلسلة مخاطر وخيارات ستدفعه حكما الى استعجال صفقة الحل لفتح صفحة سياسية جديدة في الداخل قبل اكتمال مشهد التسويات الاقليمية وموعد العودة من سوريا.


"المركزية" - 17 آذار 2016

إرسال تعليق

 
Top