0
في حوار اتسم بالشفافية والصراحة، قدم وزير البيئة السابق ناظم الخوري مقاربة جريئة لأزمة النفايات الصلبة في لبنان، بما هي نتاج مصالح وملف سياسي، وعرض لرؤيته من أجل الخروج من هذه الأزمة، وأشار إلى أنه كان يتوقع أن يكون "القطاع الأهلي البيئي فاعلا أكثر على الصعيد العملاني"، لافتا إلى أن "هناك الكثير من الجمعيات البيئية في لبنان، ولكن قلة منها تتعاطى بشكل جدي مع الأزمة، أو لديها الالمام بالموضوع البيئي، ولديها مشاريع عملية للبيئة في لبنان"، واعتبر أن "جمعية غدي" كانت من الجمعيات البيئية القليلة المنتجة في لبنان، فضلا عن العديد من الأمور المتصلة بأزمة نفايات لم تنتهِ فصولا بعد.
 
وفي ما يلي نص الحوار:
"غدي نيوز": سؤال يطرح نفسه، في ما لو كنتم ما تزالون وزيرا للبيئة، كيف كان يمكن أن تتعاطوا مع أزمة النفايات؟ وهل كان بالامكان تداركها؟
ناظم الخوري: عندما يوجه مثل هذا السؤال إلى مسؤول سابق يكون الجواب محرجا، لانه بطبيعة الانسان دائما ان يعتبر أنه معصوم عن الخطأ، وهنا، أود أن أنطلق من واقع النفايات في لبنان، وهنا أشير إلى أن وزارة البيئة، وخلال تسلمي للوزارة قامت بكل ما هو مطلوب منها، تحضيرا لمعالجة النفايات في لبنان، إن كان على صعيد التشريع، وإن كان على صعيد استراتيجية معالجة النفايات. فعلى صعيد التشريع، هناك مشروع قانون في المجلس النيابي اليوم لإدارة النفايات الصلبة في لبنان، ولم يكن موجودا قبل، ونوقش في اللجان المشتركة في المجلس النيابي وهو ينتظر موافقة الهيئة العامة، وأعتقد أن مشروع القانون هذا بات منتهيا، ويمكن أن تكون هناك لدى البعض طروحات لتعديلات طفيفة عليه، ولكن مشروع القانون بات موجودا وجاهزا، وهذه أهميته اليوم، لأن مشكلتنا في موضوع النفايات اليوم أنها ضائعة بين أربع مرجعيات، هي: وزارة البيئة، وزارة الداخلية والبلديات، وزارة التنمية الادارية ومجلس الانماء والاعمار، ومن هنا نجد أن السلطات والصلاحيات ضائعة في موضوع النفايات في لبنان، وهذا من بين أسباب الأزمة الآن على صعيد التشريعات، ومن ثم هناك استراتيجية وضعت من خلال لجنة وزارية مشكلة من قبل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وكلفت وزارة البيئة بوضع استراتيجية لمعالجة النفايات، ووضعنا الخطة، وضمت اللجنة وقتذاك، وزارة الداخلية والبلديات، مجلس الانماء والاعمار ووزارة البيئة، وقمنا برفع هذه الاستراتيجية الى اللجنة الوزارية التي وافقت عليها، وأحالتها إلى الحكومة، وكان ذلك قبل نحو شهرين من استقالة حكومة الرئيس ميقاتي، التي لم يتسنَّ لها الوقت للموافقة عليها، وهذه الاستراتيجية كانت قائمة على مسألتين، الأولى كان هناك الـ Waste To Energy في أربعة أماكن في لبنان لتوليد الطاقة، وهذا يتطلب أماكن فيها كثافة سكانية كبيرة، ليكون مردودها فعالا، والثانية، على صعيد المناطق الاخرى تكون المعالجة على صعيد اتحادات البلديات، وهي الفرز والتسبيخ والتدوير والقضايا الكلاسيكية المعروفة، ولكن مع الأسف موضوع النفايات في لبنان موضوع سياسي ومصالح، ولبنان ليس اول ولا آخر دولة لديها نفايات، كل دول العالم لديها نفايات وتعالج نفاياتها، ولكن في لبنان أصبح موضوع النفايات في لبنان موضوعا سياسيا وموضوع توزيع مصالح، أقول ذلك بكل أسف.

"غدي نيوز": وهذا يؤكد أن بعض القوى السياسية أرادت أن تستثمر في مشاريع للنفايات...؟
ناظم الخوري: طبعا.

"غدي نيوز": لكن لماذا الاصرار على الطمر فقط؟ ولماذا لا يتم التركيز على موضوع استرداد ما يمكن استرداده من نفايات قابلة لاعادة التدوير؟ ولماذا لم تبادر الحكومة طوال ثمانية أشهر لإقامة مراكز فرز ومعالجة؟
ناظم الخوري: صحيح، والمؤسف أننا جميعا كان يعلم أننا واصلون إلى أزمة، وكان من المفترض التحضير لها عبر خطة بيئية.

"غدي نيوز": هل تتخوفون من إقرار الخطة التي توصلت إليها الحكومة مؤخرا بالقوة؟ وقمع المعارضين والمتظاهرين؟
ناظم الخوري: لست مع قمع المتظاهرين في المبدأ، فالحريات العامة يجب المحافظة عليها، والقانون اللبناني يقر حرية التظاهر، ولكن بعض المتظاهرين يهددون بقطع طرقات وتهديد القطاعات الحيوية، وهذا لا يجوز، وهنا، المشكلة أن طريقة تعاطي الحكومة والمسؤولين في لبنان مع هذا الملف، أوجدت انعدام الثقة بين المواطن والحكومة في أي مشروع، فبعد عشرة أشهر والنفايات على الطرقات في لبنان تعود الحكومة لتعتمد المطامر حتى وإن كانت مطامر صحية، وطالما ستصلون إلى هذه النتيجة فلماذا انتظرنا كل هذه المدة؟ 

"غدي نيوز": مع تشكيل الحكومة الحالية كانت أزمة النفايات بدأت تلوح، ومعالي وزير البيئة الحالي الاستاذ محمد المشنوق يقول أنه أخذ وعدا بأنه لن يقفل مطمر الناعمة الا عند ايجاد البديل، فلماذا أقفل مطمر الناعمة؟ ولما سيعاد فتحه مجددا؟
ناظم الخوري: أنا لا أشك بحسن نوايا زميلي وصديقي الاستاذ محمد المشنوق، ولديه كل النوايا الطيبة، لكن بالنسبة لما أشرتم إليه لا أملك تفاصيل.

"غدي نيوز": لحظت خطة الحكومة ردم البحر، ونعلم أن النفايات لوثت وستلوث في حال اعتماد هذا الحل البحر، وسمعة لبنان كطرف في اتفاقية برشلونة على المحك...؟
ناظم الخوري: اليوم سيكون هناك حل، فالترحيل فشل، وهذه قضية معيبة، خصوصا لجهة اكتشاف بعد اشهر عدة أن هناك شركات وهمية. هنا، أود أن أتطرق لملف النفايات في صيدا، جبل نفايات صيدا نحن عالجناه، وهذا الملف أخذته على عاتقي واعتبرته قضيتي، ونجحنا فيه، أزيل كل جبل النفايات...

"غدي نيوز": لما لا يصار إلى تعميم نموذج صيدا على كل المناطق؟
ناظم الخوري: قالوا في البداية انهم سيقيمون "سوليدير" جديدة في صيدا، وأن هناك صفقات، لكن عندما يكون هناك شفافية تسير الامور بشكل صحيح، أنا لم أستمع لأحد، وسرت بالمشروع، والآن صيدا أصبحت قدوة، إن لجهة معالجة النفايات، والموقع تجول حديقة جميلة بعد أن كان جبل نفايات، وهذا المشروع صحيح يمكن تعميمه في مواقع اخرى، وآنيا، أعتبر أنه لم يكن يعد هناك سوى المطامر للتعجيل بازالة النفايات من الشوارع، ونتمنى أن تكون هناك معالجة من خلال مطامر صحية، وتحديد الضرر البيئي ولا سيما على شاطئ البحر، لانها مثل هذا الضرر تكون نتائجه كارثية، على البيئة البحرية والثروة السمكية وعلى امتداد شاطئ المتوسط.

فادي غانم - غدي نيوز - 17 اذار 2016

إرسال تعليق

 
Top