0
مارسيلينو شاب لبناني طموح قرر أن يعيش في لبنان مع خطيبته ستيفاني، رغم انه يعيش من دون استقرار ومن دون أمان وبين النفايات، ورغم أن غالبية الشباب يختارون الرحيل لتأمين مستقبل أفضل بعيداً من تجار السياسة. مارسيلينو قرر البقاء ليُقتل على يد زعران بدقيقة واحدة، من أجل ماذا؟ من أجل لا شيء! بدقيقة واحدة وبطريقة وحشية ومحترفة طعن في قلبه، في قلب العاصمة في الأشرفية، وأمام أعين الجميع!
 
نقول اليوم إن من قتل مارسيلينو ليس فقط هؤلاء الزعران المجرمين، بل ايضاً دولة وحكومة وجهات أمنية غائبة عن الوعي! فالبعض يقول إنه في كل أنحاء العالم تحصل جرائم كذلك. لكن الأكيد في لبنان أن العنف والفلتان الى ازدياد، والوقاحة في القتل لم تكن يوماً كما هي اليوم! يُقتل الناس على الطرق ليس للسرقة أو لثأر شخصي، بل فقط لإشكال بسيط بين أشخاص، وهذا دليل على عنف في نفوس الناس وانفلات أمني يؤدي الى ان يحسب كل واحد نفسه فوق القانون وأقوى من الدولة! إيف نوفل، جورج الريف، العقيد ربيع كحيل وغيرهم، كلهم في أقل من سنة جراء إشكالات سخيفة، والسبب:
 
أولاً- إن بعض القتلة كانوا أصحاب سوابق ولم يعاقبوا كما يجب لأنهم كانوا مدعومين.
ثانياً- إن الحدود المفتوحة التي يدخل عبرها سلاح وإرهابيون تسمح لمجرمين بأن يقتلوا ويهربوا من دون ان تتمكن الجهات الرسمية من منعهم.
 
ثالثاً- تقصير الجهات الأمنية في فرض الأمن والرهبة يشجع القتلة. آخر مرة رأينا حواجز او دوريات كانت منذ زمن بعيد، فهدف الحواجز ان توقف من يحمل سكاكين وأسلحة، ومن يحملها يخاف عندما يعلم ان هناك من سيحاسبه.
 
رابعاً - إن الاستنكارات والمزايدات السياسية حول ارتكاب جريمة لا يفيد بشيء. فالمطلوب الوقاية كي لا نخسر شباباً كمارسيلينو، لا أن نضيء الشموع بعد الجريمة او نذكّر رجال الأمن بأن عليهم ان يكونوا صارمين وفعّالين أكثر.
 
خامساً: لا ننسى المخدرات وملف مكافحته الذي لم يعد أحد يتحدث عنه، والأكيد أن للمخدرات دوراً في الجرم والقتل بهذه السهولة، وربما وزارة الداخلية لا تعي كم أن المخدرات أصبحت منتشرة عند الشباب في لبنان، ومعالجة هذا الملف يجب أن تكون أولوية!
 
سادساً: إن الجو العام السياسي والاجتماعي في البلاد وإضعاف الدولة والمؤسسات يؤديان الى هذا الانفلات.
 
فجرائم كهذه يجب ألا تكون سبقاً صحافياً أو فرصة للسياسيين والمرشحين في المنطقة لكسب نقاط، بل يجب أن تكون درساً وناقوس خطر كي ندرك أنه يجب معالجة هذه الظاهرة بصرامة وجدية. رحم الله مارسيلينو الذي قتل على يد كثيرين عن قصد أو عن إهمال، وفي الحالتين هذه جريمة.


ميشيل تويني - "النهار" - 24 شباط 2016

إرسال تعليق

 
Top