0
ألغى البطريرك الماروني بشارة الراعي اجتماعا كان مقررا امس في بكركي للوزراء المسيحيين، ومخصصا للبحث في الوجود المسيحي المتراجع في إدارات الدولة.

البطريرك فضل عقد لقاءات وزارية ثنائية حتى لا يعطي الاجتماع انطباعا بأنه تكتل فئوي يساهم في إعادة إنتاج الانقسامات واللغة الطائفية في البلد.

ولكن هذا الموضوع مازال مطروحا بقوة من قبل الأحزاب والقوى المسيحية، وما صدر عن الرابطة المارونية معبر لجهة المطالبة بإلحاح بتصحيح الخلل والتوازن داخل الإدارات بعد استنفاد المراجعات والبيانات التحذيرية، ومشيرة الى إحصاءات مذهلة لناحية النسب المتدنية للوجود المسيحي في الإدارات، خصوصا في الفئات الثانية والثالثة والرابعة.

ولكن إذا كانت مشكلة اختلال التوازن في الدولة تشكل أحد أوجه الأزمة المسيحية، فإن هذه المسألة ليست هي الوحيدة وليست هي الأهم.

المسيحيون في لبنان ليسوا في أفضل حالا ويواجهون تحدي عدم الوصول الى أسوأ حال.

كثيرة هي المشاكل والمسائل التي تؤرق الموارنة وتقض مضاجعهم وتضيق عليهم.

من حال التهميش والإجحاف في الدولة ومؤسساتها وإداراتها، الى عدم حصولهم على التمثيل الصحيح والفاعل في المجالس النيابية والحكومات المتعاقبة، الى الضعف اللاحق بدورهم وشراكتهم في صناعة القرار الوطني، الى النزف الحاصل في مقدراتهم وقوتهم «ديموغرافيا وجغرافيا»، وبسبب التأثيرات والنتائج التي رتبتها الحروب والثورات العربية على الواقع اللبناني محدثة تغييرا هادئا وعميقا في البنى الاجتماعية والاقتصادية وخللا في التوازنات الدقيقة للتركيبة اللبنانية.

وهاجس التوطين الفلسطيني الذي مازال ماثلا، أضيف إليه هاجس التوطين السوري إذا ما استمرت الحرب السورية طويلا وتحولت إقامة اللاجئين من موقتة الى دائمة.

كان ينقص المسيحيين الفراغ في مركزهم الأول في الدولة والحكم، رئاسة الجمهورية، حتى يتعزز لديهم القلق والشعور بالاستهداف، وهذا السؤال: لماذا لا يحدث الفراغ إلا في الرئاسة الأولى دون سائر الرئاسات؟! ولماذا تدخل السنة والشيعة متاح في رئاسة الجمهورية فيما التدخل الماروني محظور وغير متاح في رئاسة الحكومة أو في رئاسة المجلس النيابي؟

يتحمل الموارنة مسؤولية ما آلت إليه رئاسة الجمهورية من فراغ وتجاذب، ولكن ليس كل المسؤولية في وضع أكبر منهم أغرق الرئاسة في صراعات وتجاذبات إقليمية وأدخل لبنان في لعبة الأمم.

ولذلك لم يكن الاتفاق الماروني، الذي أبرمه عون وجعجع، وبغض النظر عن الأسباب والظروف الدافعة إليه، كافيا لفتح الطريق الى قصر بعبدا، ولكن هذا الاتفاق شكل التطور الإيجابي في واقع حافل بالسلبيات وعلامة مضيئة وسط صورة قاتمة، ولكنه ليس كافيا لوقف المنحى الانحداري إذا لم يتم تطويره وتوسيعه وتحصينه وعزله عن المؤثرات الخارجية، وسيظل الشك يحوم حوله من أن يكون ظرفيا وفرضته ظروف وتطورات المعركة الرئاسية التي إذا ما انتهت انتهى معها.



"الأنباء الكويتية" - 13 شباط 2016

إرسال تعليق

 
Top