0
مسكينة الديمقراطية اللبنانية. كانت تسميتها "اليتيمة" بين الأنظمة العربية، لكنها أصبحت في ظل حكم الفقيه يتيمة وضالة في آن. حسن نصرالله يتغنى بالديمقراطية عندنا، ويقاربها بالتكامل مع نظيرتها الإيرانية التي بلغت في رأيه حد الكمال، ثم يطرح مثالا عملياً لمفهومه عنها فيقول: "لنا مرشح رئاسي هو الجنرال عون، لكننا لن نذهب للمجلس النيابي إلا بعد التأكد أن الحليف هو الرابح". وفي الوقت نفسه، يرضى بترشيح "نور العين" فرنجية ويشجعه كي لا يتوفر النصاب.. هذه هي ديمقراطية الفقيه التي تنحو لخير هذا البلد واستقراره وتقدمه!.
هل يُلام الحسن وسواه في هذا المراس؟ كلا. إنه النظام الكسيح الذي، بعد تشويه نصوص دستوره واستبدالها بمندرجات الطائف المضللة، أصبح متاهة يتبارى السياسيون في تفسيرها حسب رأيهم وما يوافق مصالحهم. الوزير بطرس حرب الذي نعتز بتنظيراته القانونية، والذي حضر وواكب صياغات الطائف، يعض الآن أصابعه ندماً لتقصيره في تشريعين بسيطين لو أُقرّا في حينه لكانا دراهم الوقاية التي تُغنينا عن قناطير العلاج. الأول، إدخال كلمات ست على مادة انتخاب الرئيس: "ويستمر حكم الرئيس حتى انتخاب خلفه". والثاني تعديل قانون مجلس النواب لينص: "النائب الذي يتخلف عن جلسات انتخاب الرئيس ثلاث مرات دون عذر شرعي يُعتبر مستقيلاً". هذا ما رددناه وتمنيناه منذ سنوات. بطرس حرب استفاق للأمر حالياً وطالب به. لكنه تأخر كثيرا!.
كنت أرافق والدي لميدان سباق الخيول الذي يذكّرني بالسباق الرئاسي الحالي إلى بعبدا. المراهنات نفسها وكذلك حسابات الربح والخسارة. الطرح/التحدي المتواتر من إيران و14 أذار: "ليجتمع الموارنة على مرشحهم كي يتم انتخاب الرئيس"، كلام حق يراد به باطل. تساؤلي اليوم عن موقف الحريري المضلل في ترشيحه لفرنجية: هل هدفه شرخ الصف الماروني ومعه 14 أذار؟ ولماذا اختار مرشحاً يريده بشار الأسد قاتل أبيه، وتتمسك به 8 أذار ليصبح مرشحها الثاني والبديل؟ مراهنات السباق هذه أحدثت شرذمات جديدة في هذا البلد كانت ضحيتها الأولى 14 أذار التي خسرت جميع تحالفاتها واستراتيجياتها ووضعت الحريري أمام خياره الصعب: سحب ترشيحه لفرنجية والرجوع بكتلته إلى تحالف عون وجعجع. فهل يُقدم عليه؟ أم أن فرنجية "يتنازل" لصالح حليفه القديم فيوحّد الطائفة ويوصل "رئيساً قويا" إلى بعبدا رغم الترجيحات المغرضة؟ هذه الرهانات سيكشفها مضمار السباق الحالي خلال الأسابيع المقبلة.


إلى "عبّاد الشيطان".. في لبنان!

لكم عندي خبر لن يسركم. ليس هناك في الحقيقة "شيطان" لكي تعبدونه، وكذلك الجن والعفاريت والأرواح الشريرة. هذه جميعاً من صنائع الإنسان ولا وجود لها سوى في عقول البشر وتخرصاتهم الصبيانية. حقيقة الأمر أن القوة الكهربائية (النفس) التي تسيّر وظائف جسدنا بقطبيها السالب والموجب، تضع الكائن البشري في صراع داخلي دائم بين مشاعره السلبية والإيجابية. عندما وهبنا الخالق هذه الطاقة، أعطانا العقل الواعي الذي يمكّننا إراديا من تعزيز إيجابيتنا فوق السلبية.. أو العكس!. عبّاد الشيطان هم ضحايا هذه السلبيات وتفاسير الأديان الخاطئة. ضمائرهم الباطنة بحاجة لبرمجة متجددة.
وينبري رجال الدين ليقولوا العكس: لكن المسيح أخرج "الشياطين؟". فنقول: نعم، وكان "ينتهرهم" للخروج، لأن المريض العقلي/السلوكي كان يؤمن كسائر اليهود أن الله تخلى عنه ودخل فيه الشيطان. وهو في الواقع كان "ينتهر" الضمير الباطن في المريض لإعادة برمجته وبالتالي شفاء صاحبه. ويسوع تهكّم على "الشياطين" التي "أخرجها" من الجدراسي وأدخلها في الخنازير لينسف أسطورة تراكمت في العقول منذ أيام موسى!. عبّاد الشيطان عندنا هم "جدراسيو" هذا العصر!

د. هادي عيد - 13 شباط 2016

إرسال تعليق

 
Top