0
يستبعد السفير البريطاني في بيروت هيوغو شورتر أن يستوطن النازحون السوريون دائما في لبنان، تشجّعهم المشاريع المختلفة الطويلة الأمد التي ستوفّر لهم في لبنان والأردن فرص عمل، بالإضافة الى التعليم المجاني لأبنائهم في المدارس الرسمية اللبنانية.

وقال شورتر العائد من مؤتمر لندن لدعم النازحين إن بلاده تعهّدت بزيادة مساعداتها للنازحين بمبلغ قدره 1,8 مليار دولار أميركي، لافتا في حديث الى “السفير” الى أن المبالغ التي ستصرف “ستتحكّم بها الجهات المانحة وستوزّع تبعا لتجاوب البلد مع البرامج التي قدّمها”.

وعن الشعور اللبناني بأنّ مؤتمر لندن يهدف أولا الى وقف تدفّق النازحين السوريين الى أوروبا، يذكّر السفير شورتر أنه في غضون 3 أعوام انعقدت 3 مؤتمرات للنازحين السوريين في الكويت، وذلك قبل التدفق الكبير للمهاجرين الى أوروبا، وبالتالي فإن اجتماع لندن هو الرابع، ما يعني أن المجتمع الدولي لطالما اهتمّ بمساعدة دول الجوار السوري، بما فيها لبنان، للإستجابة لهذه الأزمة.

في اجتماع لندن الأسبوع الفائت تبدّلت طبيعة الدعم الدولي “الذي لم يعد يقتصر على مساعدات عينية، فتعثّر الحلول السياسية وامتداد الأزمة منذ 5 سنوات بدّلا مقاربة المجتمع الدولي الذي انتقل من تقديم مساعدات قصيرة الأمد الى إستثمارات إغاثية طويلة الأمد، ما يسمح للنازحين بالعيش أعواما عدّة خارج بلدهم من دون أن يخسروا فرص العمل أو يخسر أولادهم فرص التعلّم”.

وكيف يمكن أن يتأكد اللبنانيون من أن النازحين السوريين سيعودون الى بلدانهم بعد ذلك؟

يؤكد السفير شورتر “سيعود النازحون الى ديارهم في سوريا عندما تصبح عودتهم آمنة. بالتأكيد لا توجد نوايا لتوطين النازحين في خارج سوريّا نهائيا، إننا نهيّئهم للعودة الى بلدهم، وبالتالي من الأفضل أن يعودوا وأولادهم قد تلقوا تعليما ومهارات عملية بحيث يمكنهم العمل في بلدهم”. يستطرد: “بالعكس، إذا عاشوا في بلد مجاور بلا علم ولا عمل فعندها تصعب عودتهم”.

ويتابع شورتر: “العديد من هؤلاء لا يزالون يعيشون في خيم وفي ظروف متواضعة جدّا، والأمر مختلف عن العيش في المنزل في بلدهم الأصلي. وأعتقد أن هؤلاء يصرّحون بغالبيتهم أنه لو ساعدتهم الظروف قليلا لعادوا اليوم قبل الغد”.

ويلفت الى أنّ هذا الموضوع يثار دوما معه من قبل المسؤولين اللبنانيين، قائلا ردّا على سؤال عن تشبيه النازحين السوريين بالفلسطينيين: “ليس سهلا على الفلسطينيين العودة الى ديارهم، لكن للسوريين بلدا يمكنهم العودة إليه، ونحاول أن نعثر على حلّ سياسي ستتبعه عملية إعمار، وبالتالي ثمة فارق كبير بين الاثنين ولا تجوز المقارنة”.

وشرح أن المؤسسات التي سيعمل فيها هؤلاء ستكون خاضعة للقوانين اللبنانية التي لا نيّة بتعديلها لصالح أحد.



التسهيلات المصرفية للسوريين

وردّا على سؤال عن معلومات حول طلب تسهيلات مصرفية في القروض لرجال أعمال سوريين رفضها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يقول شورتر: “حدثت اجتماعات بين خبراء اقتصاديين مع مصرف لبنان المركزي لمناقشة المشروع اللبناني لتقديم تحفيزات وفرص عمل يستفيد منها الطرفان اللبناني والسوري، وهنا أكرر لا نية لتوطين السوريين في لبنان بل دعمهم ليتمكنوا من العودة الى سوريا”.

وعن حجم الحصّة المالية التي سيحصل عليها لبنان يقول شورتر: “لم يتم بعد تحديد حصص كل بلد، لأنّ المانحين يريدون تحديد هذه الحصص في غضون شهر، وسوف يعمد هؤلاء الى رصد كيفية تصرف البلدان مع هذه الأموال وكم هي ناشطة في تنفيذ المشاريع. والمطلوب من لبنان الشروع في تطبيق البرنامج الذي تمّت الموافقة عليه، فبقدر ما يقدّم بقدر ما يأخذ ويحصل على الأموال اللازمة”.

ولماذا حصلت تركيا على 3 مليارات دولار فورا؟ يجيب شورتر: “لم تحصل تركيا على شيك بالأموال، وأؤكد بأنّ تركيا لن تتلقى هدية بل سيكون التزام متبادل بينها وبين الإتحاد الأوروبي، كما سيكون التزام أيضا بين لبنان والدول المانحة”.

ومن هي الجهة التي ستجمع الأموال وتوزّعها، يقول: “كل دولة مانحة هي مسؤولة عن الصندوق الخاص بها وهي التي ستقرر من سيحصل على ماذا، وبالتالي ستوزّع الأموال من جهات عدّة والقرار متروك لكل مانح، وستكون متابعة حثيثة على المستوى الوزاري، وفي غضون شهر سوف يتم عقد اجتماع وزاري لمتابعة حيثيات الآليات التي تمّ الإتفاق عليها وكيفية تنفيذ البرامج”.



تأييد للتدخل العربي ضدّ “داعش”

هل ستزيد مشكلة النازحين مع دخول دول جديدة على خطّ القتال المباشر ضدّ “داعش” في سوريا مثل السعودية والإمارات؟ يقول شورتر: “لا يمكنني التكهّن بما سيحدث في المستقبل، لكن يمكنني الحديث عمّا يحصل حاليا، حيث نسبة كبيرة من النزوح تحصل بسبب التدخّل الروسي، وبسبب نظام الأسد الذي قام بقصف جوي واسع وغارات كثيرة في الأسابيع الأخيرة ضدّ المعارضين وضدّ المدنيين أيضا، ونتيجة لذلك ثمّة أكثر من 10 آلاف سوري يحاولون الدخول اليوم الى الأراضي التّركية، وبالتالي لم يحصل ذلك إلا بسبب نظام الأسد وحلفائه، أما التدخل المذكور لمحاربة داعش فهو بنظرنا إيجابي ونرحّب به”.



الجيش اللبناني يسيطر على الحدود

وعن التعاون الأمني مع الجيش اللبناني خصوصا في إدارة الحدود قال السفير البريطاني: “إن بريطانيا دعمت تأسيس 3 أفواج للجيش اللبناني مختصّة بإدارة الحدود وضبطها، ونحن في صدد تأسيس الفوج الرابع، وعندما تكتمل الخطوات فإن الحدود برمّتها بين لبنان وسوريّا ستكون مضبوطة تماما من قبل الجيش اللبناني، وهذا مهمّ جدّا لضمان سيادة لبنان على حدوده”.

يضيف: “بالنسبة الى ما يحدث في منطقة عرسال فأنا متأكد بأن الجيش اللبناني يقوم بعمليات ناجحة بحسب المهام الموكلة إليه، ما يتيح الحفاظ على أمن لبنان برمّته”.

وهل من إمكانية لأن يستطيع تنظيم “داعش” خرق الحدود اللبنانية قال شورتر: “لا، فثمة ثقة كبرى بالجيش اللبناني الذي دعمناه بالتجهيزات اللازمة في هذا الخصوص، ونحن نسهم حاليا في إنشاء البنى التحتية للأفواج التي ذكرتها من أجل حماية الحدود مثل الأبراج وتجهيزات المراقبة، وما نوفره سيتيح للجيش ضبط كل الحدود مع سوريا، ويوقف داعش والنصرة من التسلل الى لبنان، وأعتقد أن الجيش اللبناني مهيّأ ولديه الحماسة اللازمة لحماية الحدود”.



حان الوقت للتصويت في البرلمان

وعن المبادرات الرئاسية الأخيرة قال شورتر إنه “يوجد حاليا مرشحان لديهما مصداقية عالية ولديهما دعم كبير من قبل الأطراف السياسية، ويمكننا العمل مع الإثنين على حدّ سواء، وأعتقد أنّه حان الوقت لإتمام الانتخاب في البرلمان، فهذه هي الديموقراطية، إنها تعني الاحتكام الى التصويت من دون توقع النتيجة”.

وعن اللقاء مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي وممثلي مجموعة الدعم الدولية (شورتر كان مسافرا في لندن)، قال شورتر: “السفراء اتفقوا مع البطريرك بأن غياب رئيس للجمهورية يسهم في تقزيم دور المؤسسات الدستورية ومحو دورها تدريجيا، وبالتالي يصبح لبنان هشا وتزيد مخاطر الصدمات المحيطة به، وهذه وجهة نظري أيضا”.

وهل ترى بريطانيا أن الاستحقاق الرئاسي مرتبط بالأزمة السورية؟ يقول شورتر: “وجهة نظري تقول: اللبنانيون مسؤولون عمّا يحدث في بلدهم، فلو أرادوا رئيسا لاستطاعوا انتخابه. بالطبع ثمة مصالح إقليمية، لكن اللبنانيين هم مسؤولون عن هذا الاستحقاق”.

من جهة ثانية دعا السفير شورتر الى إجراء الانتخابات البلدية بحسب الروزنامة الموضوعة لافتا الى أنه “من المهمّ أن يستمر لبنان بحياته الديموقراطية وليس من سبب لتأجيل هذه الانتخابات”.


"السفير" - 11 شباط 2016

إرسال تعليق

 
Top