لن تقف بكركي مكتوفة الايدي ازاء التسوية الرئاسية المطروحة، وتستعد بعدما هدأت العاصفة التي هبّت على الساحة المحلية، اثر لقاء الرئيس سعد الحريري ورئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية، لتحريك الملف من الزاوية المارونية، خصوصا بعدما كشف انجلاء غبار ردود الفعل السميك على المبادرة، أن العقبة الاكبر التي تعترض طريق فرنجية الى بعبدا، رُفعت في وجهه من البيت المسيحي الداخلي، وتتمثل في رفض “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، كل لاعتبارات خاصة به، انتخابَ زعيم “المردة”.
أولى خطوات الصرح في هذا الصدد، أعلن عنها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس، حيث كشف انه دعا الاقطاب الموارنة الاربعة الى اجتماع في بكركي وانه لا يزال في انتظار الجواب. وفي السياق، تشير أوساط كنسية عبر “المركزية” الى أن الراعي قرر ان يوجه هذه الدعوة تحت عنوان واضح “نريد رئيسا للجمهورية”. وتشرح ان “بكركي ترى ان مشروع التسوية جدي ويحظى بدعم خارجي أقليمي ودولي. وعليه، يرى الراعي ان من واجبه تسويقه محليا ومن مسؤولياته مواكبة التسوية مسيحيا خصوصا ان الرئاسة الاولى مارونية”. وانطلاقا من ان “سيد بكركي يرفض معادلة “فرنجية او الفراغ”، ويرفع شعار “اما انتخاب فرنجية أو أي رئيس آخر”، تعتبر الاوساط ان القادة الاربعة يتريثون في مقاربتهم لدعوة الراعي. فثلاثي “التيار الوطني – القوات – الكتائب” المتحفظ على ترشيح فرنجية، سيجد نفسه في “بيت اليك” اذا جلس مع زعيم المردة من دون الاتفاق على بديل منه، ويخشى ان يُفهم الاجتماع العتيد في بكركي، كمباركة من الثلاثي لفرنجية، اذا لم يحمل اسم مرشح جديد”. وازاء هذا الواقع، ترجح مصادر سياسية مستقلة “ان يربط الأقطاب الاربعة حضورَهم اجتماع بكركي باتفاقهم مسبقا على تفاصيل التسوية أو على مرشح رئاسي جديد”.
وليس بعيدا، اوضح مصدر في “القوات اللبنانية” لـ “المركزية” ان “اذا كان الهدف من اللقاء التحدّث فقط في ترشيح النائب فرنجية، فنحن لن نشارك، اما اذا كانت نيّة البطريرك الراعي البحث في ايجاد “حلّ” للفراغ الرئاسي فسنشارك”. واشار الى اننا “لا نريد المشاركة في اللقاء لمجرّد “اخذ صورة” للاقطاب الموارنة، او للدخول “في جدل بيزنطي” لماذا انت وليس انا؟ وذكّر بان “رئيس الحزب سمير جعجع اعلن استعداده سحب ترشيحه اذا توافق “الاربعة” على مرشّح بديل، لكن للاسف لم يحصل ذلك”. واكد ان “لا احد يستطيع “اقناعنا” السير باي مرشّح، لان مشكلتنا مع البرنامج وليس الاشخاص”.
في غضون ذلك، انطلقت مروحة لقاءات مسيحية – مسيحية، فزار اليوم الرئيس أمين الجميل رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون، وبدا لافتا اقراره بأن على القادة الموارنة مسؤولية في التخبط الحاصل اليوم رئاسيا. كما يحلّ النائب فرنجية ضيفا على الرابية غدا، ان لم يستجدّ أي طارئ، في لقاء يرتدي أهمية قصوى، ذلك ان نجاح رئيس “المردة” في اقناع العماد عون بترشيحه، سيعني حكما وصوله الى الرئاسة الاولى. أما تمسك “الجنرال” بترشيحه، فيعني استمرار التسوية في المراوحة السلبية. وحدها طريق بنشعي – معراب لا تزال غير سالكة حتى الساعة، لكن مصادر متابعة تحدثت عن لجنة تضم وزير الثقافة روني عريجي والوزير السابق يوسف سعادة، ينوي النائب فرنجية تشكيلها وتكليفها التواصل مع القوى السياسية كافة في اطار تذليل العقبات التي تعوق تقدم التسوية الرئاسية.
وفي انتظار تبلور الصورة، تسأل المصادر “في حال لم تنجح اللقاءات المسيحية الجانبية في تحقيق اي خرق ايجابي سواء لناحية تزخيم التسوية او لجهة الاتفاق على مرشح بديل، كيف ستتحرك بكركي؟ وهل ستبدي حزما وتتمسك بأولوية انتخاب رئيس للجمهورية وتدعو القادة الى الالتزام بما اتفقوا عليه بدعم اي شخصية منهم تنال اجماعا وطنيا، وتضعهم جميعا امام مسؤولياتهم؟ وهل يمكن ان يؤمّن البطريرك بنفسه الغطاء المسيحي الذي تحتاجه المبادرة اذا لمس ان القادة الموارنة اتفقوا على الا يتفقوا؟”.
"وكالة الانباء المركزية" - 8\12\2015
إرسال تعليق