تتضح يوماً بعد يوم معاناة فرنسا المتزايدة مع الإسلاميين الفرنسيين الذي أصبحوا رأس الجسر لمتطرفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بل "الخطر من الداخل" الذي لا يؤمَن شره ولا تُتوقع ضرباته. الذين هاجموا تشارلي ايبدو أو من ارتكبوا مؤخراً المجازر الإنتحارية في قلب باريس هم مجنسون فرنسيون رفضوا ويرفضون "الاندماج" في المجتمع الفرنسي لأن التعاليم التي يتلقونها تتعارض مع نمط الحياة الغربية. إنهم يطلقون على مواطنيهم الفرنسيين مسميات متداولة كالصليبيين والكفار، ويعتبرون باريس "عاصمة الفسق والدعارة"، كما وصفوا الحفلة الموسيقية التي هاجموها "حفلة دعارة خليعة" ومَن ارتادوها منهم بأنهم "مرتدّون" لا بد من عقابهم.
ولعل ما تقوم به فرنسا من "إقصاء" هؤلاء عن مراكز العمل الحساسة كما فعلت الأسبوع الماضي في مطاراتها الدولية، سيزيد من عزلتهم وسخطهم وبالتالي استعدادهم للمزيد من التطرف. أحزمة البؤس حول باريس مراجل بشرية تزداد غلياناً ولا ترى لها متنفساً بغير الجهاد. لقد أصبح المجتمع الفرنسي منقسماً بين "جماعات الكفر" التي تتصدى لها "جماعات التكفير" الذين ليسوا بالضرورة "ملائكة" في حياتهم الإجتماعية بمعنى أنهم يبزّون الفرنسيين في الفسق والدعارة على أعلى المستويات، لكنهم يلتزمون بالمقولة: "إذا بُليتم بالمعاصي فاستتروا"..
هل أن طريقة الحياة الأوروبية هي وحدها ما يحرّك التطرف والمتطرفين بين إسلاميي القارة؟ كلا. هناك عامل آخر يأتي من الشرق الأوسط ليؤجج سخطهم ألا هو إسرائيل والقضية الفلسطينية تتحول معها قضية "دعارة الحرية" الغربية مجرد "حجة واهية". فرنسا والأوروبيون يتجاهلون هذا الواقع إرضاء لإسرائيل، لكن أصواتاً بدأت ترتفع معلنة له. الأسبوع الماضي أغضبت وزيرة الخارجية السويدية مارغو والستروم إسرائيل بتصريحها: "للحد من الأصولية لا بد من الرجوع إلى الشرق الأوسط حيث ملايين الفلسطينيين يعيشون بلا أمل أو مستقبل". وقبلها صرح يان مرجنسن رئيس الحزب الإجتماعي الهولندي: "الذين ارتكبوا مجازر باريس، حرّكتهم إلى حد كبير مأساة الفلسطينيين في إسرائيل". فهل أن هذا الحراك سيخبو مستقبلاً لدى حل القضية الفلسطينية أم أن المطالبة بإحلال "الشريعة" محل القوانين الوضعية الأوروبية ستصبح الهدف الثاني على طريقة "خذ وطالب"؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام.
النفايات.. والدستور اللبناني! قد ترتفع حواجب قرائي تعجباً لمقارنتي بين الإثنين، لكني أثبت لهم أنها واقعية ومباشرة: دستورنا مر في تاريخه عبر أربع محطات من التهشيم حتى أصبح مجموعة من ناسخ ومنسوخ لا تصلح قاعدة للحكم بل مطية للحكّام المتمكنين من أعناق هذا الشعب البائس الذي، شأن السمك في الماء الآسن، لا يدري ما يضيره، ولا كيف يحل مشاكله من ماء وكهرباء أو.. نفايات، ناهيك عن كيفية التخلص من "نفاياته السياسية".
ولعل أفضل تشبيه لمشهد النفايات المؤلم، أن تتصوروا معي جماعة من الذئاب تتربص بجيفة منتنة باتت تقض مضاجع اللبنانيين، لكنها لا تقدم على تقاسمها ويمنّي كل منها نفسه أن يفوز بكاملها. والوقت يمضي، والجيفة تنتن، وتتحلل سموماً في أراضي اللبنانيين وأجوائهم وأنهارهم، والذئاب يتربصون، ويتضاحكون ويلهون الشعب بأمور جانبية. دستورنا اللبناني أصبح بعد تعديلاته الأربع: (إلغاء مجلس الشيوخ/ تعديل المادة 28 لتوزير النائب/ رفع عدد النواب من 66 وأخيراً مندرجات الطائف)، شيئاً من "نفايات ديمقراطية" تناسب عقلية، عفواً.. تناسب غريزة الذئاب المسوّمين لقيادة هذا البلد التاعس. هنا أرجو قرائي الأعزاء ألا يتغنوا بالديمقراطية اللبنانية الخاوية التي أصبحت "مضحكة" القريب والبعيد. إنها ديمقراطية في سبات، ولن تقوم لها قائمة ما لم نتخلص مما فعلت أيدي هؤلاء الذئاب!
ولعل ما تقوم به فرنسا من "إقصاء" هؤلاء عن مراكز العمل الحساسة كما فعلت الأسبوع الماضي في مطاراتها الدولية، سيزيد من عزلتهم وسخطهم وبالتالي استعدادهم للمزيد من التطرف. أحزمة البؤس حول باريس مراجل بشرية تزداد غلياناً ولا ترى لها متنفساً بغير الجهاد. لقد أصبح المجتمع الفرنسي منقسماً بين "جماعات الكفر" التي تتصدى لها "جماعات التكفير" الذين ليسوا بالضرورة "ملائكة" في حياتهم الإجتماعية بمعنى أنهم يبزّون الفرنسيين في الفسق والدعارة على أعلى المستويات، لكنهم يلتزمون بالمقولة: "إذا بُليتم بالمعاصي فاستتروا"..
هل أن طريقة الحياة الأوروبية هي وحدها ما يحرّك التطرف والمتطرفين بين إسلاميي القارة؟ كلا. هناك عامل آخر يأتي من الشرق الأوسط ليؤجج سخطهم ألا هو إسرائيل والقضية الفلسطينية تتحول معها قضية "دعارة الحرية" الغربية مجرد "حجة واهية". فرنسا والأوروبيون يتجاهلون هذا الواقع إرضاء لإسرائيل، لكن أصواتاً بدأت ترتفع معلنة له. الأسبوع الماضي أغضبت وزيرة الخارجية السويدية مارغو والستروم إسرائيل بتصريحها: "للحد من الأصولية لا بد من الرجوع إلى الشرق الأوسط حيث ملايين الفلسطينيين يعيشون بلا أمل أو مستقبل". وقبلها صرح يان مرجنسن رئيس الحزب الإجتماعي الهولندي: "الذين ارتكبوا مجازر باريس، حرّكتهم إلى حد كبير مأساة الفلسطينيين في إسرائيل". فهل أن هذا الحراك سيخبو مستقبلاً لدى حل القضية الفلسطينية أم أن المطالبة بإحلال "الشريعة" محل القوانين الوضعية الأوروبية ستصبح الهدف الثاني على طريقة "خذ وطالب"؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام.
النفايات.. والدستور اللبناني! قد ترتفع حواجب قرائي تعجباً لمقارنتي بين الإثنين، لكني أثبت لهم أنها واقعية ومباشرة: دستورنا مر في تاريخه عبر أربع محطات من التهشيم حتى أصبح مجموعة من ناسخ ومنسوخ لا تصلح قاعدة للحكم بل مطية للحكّام المتمكنين من أعناق هذا الشعب البائس الذي، شأن السمك في الماء الآسن، لا يدري ما يضيره، ولا كيف يحل مشاكله من ماء وكهرباء أو.. نفايات، ناهيك عن كيفية التخلص من "نفاياته السياسية".
ولعل أفضل تشبيه لمشهد النفايات المؤلم، أن تتصوروا معي جماعة من الذئاب تتربص بجيفة منتنة باتت تقض مضاجع اللبنانيين، لكنها لا تقدم على تقاسمها ويمنّي كل منها نفسه أن يفوز بكاملها. والوقت يمضي، والجيفة تنتن، وتتحلل سموماً في أراضي اللبنانيين وأجوائهم وأنهارهم، والذئاب يتربصون، ويتضاحكون ويلهون الشعب بأمور جانبية. دستورنا اللبناني أصبح بعد تعديلاته الأربع: (إلغاء مجلس الشيوخ/ تعديل المادة 28 لتوزير النائب/ رفع عدد النواب من 66 وأخيراً مندرجات الطائف)، شيئاً من "نفايات ديمقراطية" تناسب عقلية، عفواً.. تناسب غريزة الذئاب المسوّمين لقيادة هذا البلد التاعس. هنا أرجو قرائي الأعزاء ألا يتغنوا بالديمقراطية اللبنانية الخاوية التي أصبحت "مضحكة" القريب والبعيد. إنها ديمقراطية في سبات، ولن تقوم لها قائمة ما لم نتخلص مما فعلت أيدي هؤلاء الذئاب!
د. هادي عيد - 7 كانون الاول 2015
إرسال تعليق