0
غداً هو عيد كل لبنان، عيد الاستقلال؛ غداً هو الذكرى الـ«72» لاستقلال لبنان، وهو الحدث الأهم الذي لن تنساه الأجيال اللبنانية -أو هذا ما نتمناه- ترجع إليه في كتابة تاريخها المعاصر، لأن من لا تاريخ له، لا مستقبل له.. ولا دولة له، لأن الدولة هي «أرض، وشعب، وسلطة سياسية» شعب جمعه «التاريخ المشترك»، والعادات المشتركة»، والثقافة الواحدة، ويقطن أرضاً معينة في إطار خضوعه للقانون ينظم حياتهم من قِبل «سلطة سياسية واحدة»..
وهذا ما صنعه «رجال الاستقلال» حينما ربحوا لـ
«لبنان الكبير» الذي كان فرض نفسه على خارطة «الشرق الاوسط الجديد» في 1920 إنما تحت «الإنتداب الفرنسي» بحسب «التوازنات الدولية» آنذاك «البريطانية - الفرنسية»، أخذاً باتفاقية «سايكس - بيكو» البريطانية الفرنسية المعدّلة.. واستمر النضال الوطني من أجل قيام «دولة الاستقلال»..
وهذا ما حققه «الآباء المؤسسون» فربح «لبنان الكبير» معركة إستقلاله بوحدته الوطنية التي ذابت فيها الفوارق المذهبية، والطائفية، والمناطقية.. تحت «علم واحد» هو «العلم اللبناني» الذي أقرّه نواب الأمة في «بيت المصيطبة» منزل نائب بيروت «صائب سلام» - أبو تمام - الذي رفعه «ثوار لبنان» من النواب والوزراء وعامة الشعب في «بشامون» التي احتضنت «حكومة لبنان الموقتة».. وكان لهذه «الثورة» الفضل الأول في إطلاق سراح «بشارة» و
«رياض» والوزراء كميل شمعون، وعادل عسيران وسليم تقلا، ونائب طرابلس عبدالحميد كرامي.. من قلعة راشيا في 1943/11/22 الذي اعتبر «عيداً للإستقلال» نحتفل به جيلاً بعد جيل، وكل الرجاء أن لا يتوقف الاحتفال به عند بلوغ عمره الزمني الـ«72» عاماً..!
على كلٍ، ما أحوج «لبنان» الى «روح إنتصار 1943» التي صنعها «الرجال» في زمن عزّ فيه الرجال «الآباء المؤسسون الجدد» إلاّ قليلاً..!
ما أحوج «لبنان» الى روح انتصار «الديموقراطية التوافقية» التي رسمت «علم لبنان الاستقلال» في جلسة نيابية عُقدت في «بيت المصيطبة» (-هذا البيت الذي لجأوا إليه كثيراً عند الملمات من 1943- 1985.. وعادوا إليه عام 2014 لإنقاذ «لبنان الواحد لا اللبنان» فتقدم «تمام صائب سلام» ابن هذا البيت لـ
«الانقاذ» وهو يعلم تحديات وصعوبة الإنقاذ التي لا يزال يستجيب لتحدياتها بموروث الفكر السياسي المعتدل لهذا البيت العريق-).
ما أحوج لبنان اليوم الى «روح الاستقلال» -أو «روح الديموقراطية التوافقية» التي كانت صناعة سياسية لبنانية، عبّرت عن «روح جديدة» في نظم الحكم في «عِلم السياسة المعاصر»..
ما أحوج «لبنان الذي لا يزال واحداً لا لبنانان» الى هذه الروح ليكسب معها هذا «اللبنان» معركة وجوده في «إقليمه» الذي يُعاد رسم صورته «الجيو-سياسية» على ضوء ما يجري به من أحداث لم يعرفها لا في القرن الـ
«19» ولا في القرن ال«20» الماضي، والتي رسمت «صورته الحالية» منذ عام 1922...
ما أحوج «لبنان الواحد لا اللبنان» الى هذه «الروح الوطنية الجامعة» الآن، ليحافظ فيها، ومعها على «علمه الواحد» -علم الاستقلال- و
«جيشه الواحد» -جيش الاستقلال- ليبقى -كما هو اليوم- الحامي الأول لـ«الشرعية الدستورية» في إطار «الميثاقية الوطنية»، الابن البار لـ«الديموقراطية التوافقية»، والتي نسيها «البعض» مع أنها أساس وجود «لبنان الاستقلال» 1943.. والتي ستبقى هي «مركز الثقل» في حماية مؤسسات الدولة اللبنانية و«بقاؤها الوجودي» والمعبّر عنها الآن هو «القانون الدستوري» الصادر في 1990/9/21..
لذلك، نؤكد على ما قاله «الرئيس العماد ميشال سليمان» القائد الأعلى لـ
«الجيش اللبناني» في 2012/8/1 في الذكرى الـ«67» لتأسيس هذا الجيش بأن «لا شراكة مع الجيش، والقوى الشرعية الرسمية، في الأمن والسيادة، والتصرف بعناصر القوة التي هي من حق الدولة.. ولا للسلاح المنتشر عشوائياً في أنحاء البلاد، ولا للضغط على الزناد من أجل مصالح خارجة عن مصالح الدولة في الإجماع الوطني»..
من هنا تكون «البداية» في الحفاظ على «دولة لبنان الكبير» -وعمره الآن «95» عاماً-، وعلى «روح الاستقلال»، وعلى «الديموقراطية التوافقية» -التي كانت بدء اختراع سياسي لبناني على أرض «الواقع العربي والإقليمي والدولي»-، وما تولّد عنها «الميثاقية الوطنية»، وعلى «الدولة اللبنانية» بمفهومها السياسي العام الصحيح كـ
«دولة صاحبة سيادة واستقلال» لا كياناً إجتماعياً لا حول له ولا قوة «منقوصة السيادة»..
من هنا تكون «البداية» في الحفاظ على «لبنان الواحد لا اللبنانان» في «الصورة الجديدة» التي تُرسم الآن لـ
«الوطن العربي» -في مئوية معاهدة «سايكس - بيكو» على «أرض الشرق الأوسط الجديد» بواسطة «الإرهاب الاسود المعَوْلم العابر للقارات» الذي «لا دين له ولا وطن»، في «الصورة العامة» الجديدة لـ«عصر التوازنات الدولية» الجديد..

يحيى أحمد الكعكي - الشرق - 21 تشرين الثاني 2015

إرسال تعليق

 
Top