رأى وزير الاعلام رمزي جريج، "ان الوضع المؤسف الذي نعيشه في لبنان، العائد
أساسا إلى الإنقسامات السياسية الداخلية، مرتبط بالصراعات الإقليمية
وانعكاساتها على الساحة اللبنانية بسبب ولاء اللاعبين السياسيين الأساسيين
اللبنانيين لقوى إقليمية منشغلة بالصراعات العديدة التي تشعل منطقة الشرق
الأوسط"، مذكرا ب"اعلان بعبدا، الذي كان حافزا لحوار لبناني - لبناني"،
معتبرا "ان الحوار الوطني أصبح مشلولا، بسبب غياب الحوار بين اللاعبين
الإقليميين وتدخل القوى العالمية في الصراعات القائمة"، مؤكدا على ضرورة
الحوار السياسي بشكل عام كممر لحل النزاعات"، معتبرا "أن الحوار الإنساني
الهادف إلى حماية المدنيين المهددين في مناطق النزاعات يؤلف بشكل خاص،
وجها مميزا من وجوه الحوار"، مركزا على دور الاعلام الفعال، في استمرار
الحوار الانساني".
كلام وزير الاعلام، جاء في خلال مشاركته في المؤتمر الدولي الذي ينظمه "المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والاعلام، في جنيف، بعنوان "الاعلام وثقافة الحوار الانساني"، والذي بدأ اعماله اليوم، بمشاركة لبنانية تقدمها الرئيس العماد ميشال سليمان، اضافة الى مشاركة عربية وعالمية.
مداخلة جريج
وجاء في مداخلة جريج الذي ترأس الجلسة الاولى للمؤتمر، بعنوان "وسائل الاعلام في خدمة الحوار الانساني":
"يشرفني أن أكون اليوم بينكم هنا في جنيف، في رحاب هذه الجامعة العريقة وفي حضور هذا الحشد من الشخصيات المرموقة.
وأغتنم هذه المناسبة لأوجه تحية تقدير إلى الرئيس اللبناني السابق العماد ميشال سليمان، الذي رعى خلال ولايته المؤتمر الوطني للحوار الذي التأم فيه ممثلو القوى السياسية المختلفة، فأقروا وتبنَّوا بالإجماع إعلان بعبدا الصادر بتاريخ 11 حزيران 2012.
هذا الإعلان كان حافزا إلى حوار لبناني - لبناني بهدف المحافظة على السلم الأهلي ومنع البلاد من الإنزلاق إلى دوامة الخلافات والعنف. وقد حث هذا الإعلان القوى السياسية والمفكرين ووسائل إلاعلام على الإبتعاد عن أي كلام قد يؤدي إلى نزاعات، كما دعا إلى الحفاظ على التماسك الداخلي وتكريس لبنان كمركز للحوار بين الحضارات والأديان والثقافات.
ومع ذلك، وعلى رغم إعلان بعبدا، ابتعد الخطاب السياسي، الذي تم تضخيمه في وسائل الإعلام اللبنانية، عن الشروط الضرورية للحوار والتهدئة، وهي شروط لا غنى عنها لحل النزاعات السياسية. إن تدهور المناخ الملائم للحوار، والذي ساهم فيه، للأسف، بعض وسائل إلاعلام، ترجم بالتحديد بعدم تمكنِ مجلس النواب من انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
هذا الوضع المؤسف العائد أساسا إلى الإنقسامات السياسية الداخلية، مرتبط بالصراعات الإقليمية وانعكاساتها على الساحة اللبنانية بسبب ولاء اللاعبين السياسيين الأساسيين اللبنانيين لقوى إقليمية منشغلة بالصراعات العديدة التي تشعل منطقة الشرق الأوسط.
إذا فالحوار الوطني أصبح مشلولا، بسبب غياب الحوار بين اللاعبين الإقليميين وتدخل القوى العالمية في الصراعات القائمة. هذه الحقيقة تقودنا إلى توسيع النقاش للتأكيد على ضرورة الحوار السياسي بشكل عام كممر لحل النزاعات، مع التأكيد على أن الحوار الإنساني الهادف إلى حماية المدنيين المهددين في مناطق النزاعات يؤلف بشكل خاص، وجها مميزا من وجوه الحوار.
إن المتحاورين في "الحوار الإنساني" هم طبعا الفاعليات السياسية والحكومات. لكن التطور الكبير في هذا الحوار يكمن في نشاط المنظمات غير الحكومية ذات الهدف الإنساني، الذي بات اليوم من الأهمية بمكان، حيث نشهد قيام نظام إنساني عالمي جديد، وقد اضحى علينا الاعتماد أكثر فأكثر على هذه المنظمات. وإن دور الإعلام في هذا الإطار غني عن البرهان.
وبالفعل، إن الصور التي لا تحتمل، والتي تبث بشكل فوري في جميع أنحاء العالم (كصورة الطفل أيلان مثلا) أثبتت مجددا، إن كان الأمر أصلا بحاجة إلى إثبات، الوضع المأسوي للمدنيين المحاصرين في جحيم الحرب والدور الأساسي الذي أداه الإعلام في توجيه الرأي العام الأوروبي، باتجاه تخفيف حدة السياسات الحكومية حيال موجة لجوء عارمة تجتاح أوروبا.
أما بالنسبة إلينا في لبنان، فأقول والألم يعتصر القلب، أننا أدركنا معنى هذه الحقائق منذ مدة طويلة. فنحن نستقبل اليوم حسب الإحصاء الرسمي مليونين ومائتي ألف لاجئ سوري، أي ما يقارب ثلث عدد الشعب اللبناني، على مساحة وطننا الصغيرة، ونحاول تأمين الراحة لهؤلاء الأشخاص البائسين الذين يعيش معظمهم في التعاسة والعوز الكلي.
استنادا إلى ذلك، ينبغي لنا أن نشير هنا إلى أهمية الحوار الإنساني في إدارة وضع النازحين وحماية المدنيين المهددة حقوقهم وسبل عيشهم في مناطق النزاعات.
نعلم جيدا أنه حين يصبح الحوار السياسي بين أفرقاء النزاع مستحيلا، يجب أن يستمر الحوار الإنساني. وعليه، في هذه الحالة، أن يمسك بروابط التواصل من أجل الحفاظ على القنوات الكفيلة بتأمين حماية المدنيين. وإن لوسائل الإعلام دورا اساسيا في هذا المجال ايضا. وكوزير للاعلام في لبنان، أشدد مرة أخرى على هذا الدور.
وهنا، لا بد من الاشارة الى العلاقة الملتبسة احيانا" بين وسائل الاعلام والعاملين في الحقل الانساني، ولا سيما المنظمات غير الحكومية، التي يحتاج عملها الى الكثير من الكتمان والحذر ويفرض عليها بعض الحياد والبقاء على مسافة من وسائل الاعلام بحكم أن عملها يتم في مناطق قتال، وأن سلامة المدنيين تتطلب الكثير من الحياد. غير ان هذا الحياد لا يجب ان يأخذ طابعا من اللامبالاة يوازي أحيانا التواطؤ. كذلك يجب ألا يقود هذا الحياد إلى اي عداء بين العاملين في الحقل الانساني وبين وسائل الإعلام.
هذه الوسائل تشكل جزءا أساسيا في الحوار الإنساني بسبب القدرة على التعبئة الكبيرة والحشد. فالإعلام ضروري لأن مهمته إيصال المعلومات وتكريس الحق بالمعرفة من أجل انجاح الحوار الإنساني. هذه السلطة التعبوية للرأي العام أصبحت عالمية اليوم. ان هذه الرافعة يجب أن تكون مدركة لقوتها وان تعمل آخذة في الإعتبار متطلبات الحوار الإنساني.
هناك معادلة ينبغي الموازنة في ما بين عنصريها: الاول هو الحق بنقل المعلومة. وأنا كوزير للاعلام أؤكد هذه المسألة. اما العنصر الثاني، فهو ان الحرية في نقل المعلومة يجب ان تمارس بمسؤولية.
فالحرية لا تتناقض مع مفاهيم اخرى، بل هي تفرض احترام سائر القيم، ومنها حقوق الغير ومشاعر المواطنين في مناطق النزاع، حتى يكون عمل الجهات الإنسانية فعالا.
والمسؤولية تفرض أيضا أن يمارس الإعلام رقابة ذاتية عند اختيار الموضوعات والصور، لان الطريقة التي يتم بها عرض الإعلام لمشاهد العنف المروعة في مناطق النزاع يمكن أن تعرقل الحوار الانساني أو أن تخدم بالعكس دور الرافعة الذي ينبغي لوسائل الإعلام أن تلعبه في هذا المجال.
أفكر مثلا بمشاهدي قناة فرنسية عن موضوع اثارته احدى المجلات الفرنسية: خلال ساعتين من العرض الخاص شاهد المتابعون رهينة مكبل اليدين راكعا يحيط به جلادوه. وقد احتل هذا المشهد المساحة الكبرى من الشاشة فيما حشر المذيع مع ضيوفه في زاوية على يسار الشاشة، والنتيجة هي أن المشاهد لم يعد يسمع الأحاديث والتعليقات، لأن نظره أصبح مسمرا على تلك الصورة المهينة. فأي درس نستخلص من هذا المشهد؟؟
بالفعل، تكون أحيانا أهداف المتصارعين في مناطق القتال نفسية لا عسكرية فقط، كأن ترمي إلى "بث الرعب للترويع". فعلى وسائل الإعلام، وفي حدود دورها في مجال الحوار الإنساني، أن تختار بين ضرورة نقل الخبر والتعبئة لإنقاذ المدنيين، وبين التحول إلى وسيلة لتحقيق أهداف المتصارعين.
وفي الخلاصة، لا يوجد تناقض بين مهمة العاملين في الحقل الإنساني وبين وسائل الإعلام في الحوار الإنساني، كلاهما يحتاج الى الآخر. والتماثل في الأدبيات المهنية مفروض عليهما كجزء من عملهما المشترك".
متحدثون
ثم كانت مداخلات لكل من: رئيس جامعة البندقية السفير أمبيرتو فاتاني، الذي تحدث عن "التعليم والإعلام في خدمة ثقافة الحوار"، فالنائب في البرلمان اللبناني والاستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور علي فياض، الذي تحدث عن "العلاقات الدولية في خدمة الحوار الدولي والسلم الأهلي"، فالأمير نايف ثنيان آل سعود، نائب مدير كلية الإعلام في جامعة الملك سعود والذي عرض موضوع "الإعلام وبناء مساحة مشتركة للحوار، فكلمة رئيس المركز الدولي للأبحاث الإستراتيجية والإعلام العميد المتقاعد في الجيش اللبناني والذي تحدث عن "التحريض على العنف في الإعلام والتأثير على الحوار".
ثم كانت مداخلة عن "الإعلام وتجذير حقوق الإنسان في الصراعات من أجل تعزيز الحوار" للجنرال ديمتريوس زافيروبولوس، نائب المدعي العام في محكمة الإستئناف العسكرية في أثينا، نائب رئيس الإتحاد الدولي للقانون العسكري وقانون الحرب.
الجلسة الثانية
أما الجلسة الثانية، فتمحورت حول الحوار لخدمة الأمن الاجتماعي والسلام، وتحدثت فيها رئيسة الجلسة السيدة Schimpf Mechthild، مديرة منطقة الشرق الأوسط في WAN-IFRA (الرابطة العالمية).
اما عن الحوار الانساني: رؤية أمنية وعدلية، فتحدث وزير العدل اللواء أشرف ريفي.
وعن الإعلام الأمني وثقافة الحوار فتحدث الدكتور جمعان بن رقوش رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ـ الرياض- المملكة العربية السعودية.
وعن العوامل الاجتماعية والحوار الانساني تحدث البروفسورGiorgio PACIFICI استاذ في العلوم السياسية – جامعة السوربون باريس ـ فرنسا.
وعن تعزيز مبادرات الحوار لأجل التواصل الانساني، تحدث الدكتور سيف المعمري عن جامعة السلطان قابوس – سلطنة عمان.
والجلسة الثالثة تحدث عن الحوار الإنساني: مفهوم انساني، ترأسها البروفسورMassimo BARRA، عضوالهيئة الدائمة للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، في جنيف.
وعن التنمية الدولية والحوار، تحدث الدكتور دميانوس قطار، وعن الصحافة المكتوبة: مدخل يومي دولي لثقافة الحوار. والدكتور صالح الحميدان، المدير العام لصحيفة اليوم - السعودية، وعن العمل الإنساني الدولي والحوار، تحدث رئيس الهلال الأحمرالتونسي الدكتور طاهر الشنيتي، وعن العوامل الإنسانية الدولية وسياسة الحوار الدكتورة Monique J. Beerli/ العلاقات الدولية، جامعة جنيف، وعن الحوار الإنساني والعلاقات الدولية البروفسور ناصر زيدان ـ الجامعة اللبنانية.
كلام وزير الاعلام، جاء في خلال مشاركته في المؤتمر الدولي الذي ينظمه "المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والاعلام، في جنيف، بعنوان "الاعلام وثقافة الحوار الانساني"، والذي بدأ اعماله اليوم، بمشاركة لبنانية تقدمها الرئيس العماد ميشال سليمان، اضافة الى مشاركة عربية وعالمية.
مداخلة جريج
وجاء في مداخلة جريج الذي ترأس الجلسة الاولى للمؤتمر، بعنوان "وسائل الاعلام في خدمة الحوار الانساني":
"يشرفني أن أكون اليوم بينكم هنا في جنيف، في رحاب هذه الجامعة العريقة وفي حضور هذا الحشد من الشخصيات المرموقة.
وأغتنم هذه المناسبة لأوجه تحية تقدير إلى الرئيس اللبناني السابق العماد ميشال سليمان، الذي رعى خلال ولايته المؤتمر الوطني للحوار الذي التأم فيه ممثلو القوى السياسية المختلفة، فأقروا وتبنَّوا بالإجماع إعلان بعبدا الصادر بتاريخ 11 حزيران 2012.
هذا الإعلان كان حافزا إلى حوار لبناني - لبناني بهدف المحافظة على السلم الأهلي ومنع البلاد من الإنزلاق إلى دوامة الخلافات والعنف. وقد حث هذا الإعلان القوى السياسية والمفكرين ووسائل إلاعلام على الإبتعاد عن أي كلام قد يؤدي إلى نزاعات، كما دعا إلى الحفاظ على التماسك الداخلي وتكريس لبنان كمركز للحوار بين الحضارات والأديان والثقافات.
ومع ذلك، وعلى رغم إعلان بعبدا، ابتعد الخطاب السياسي، الذي تم تضخيمه في وسائل الإعلام اللبنانية، عن الشروط الضرورية للحوار والتهدئة، وهي شروط لا غنى عنها لحل النزاعات السياسية. إن تدهور المناخ الملائم للحوار، والذي ساهم فيه، للأسف، بعض وسائل إلاعلام، ترجم بالتحديد بعدم تمكنِ مجلس النواب من انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
هذا الوضع المؤسف العائد أساسا إلى الإنقسامات السياسية الداخلية، مرتبط بالصراعات الإقليمية وانعكاساتها على الساحة اللبنانية بسبب ولاء اللاعبين السياسيين الأساسيين اللبنانيين لقوى إقليمية منشغلة بالصراعات العديدة التي تشعل منطقة الشرق الأوسط.
إذا فالحوار الوطني أصبح مشلولا، بسبب غياب الحوار بين اللاعبين الإقليميين وتدخل القوى العالمية في الصراعات القائمة. هذه الحقيقة تقودنا إلى توسيع النقاش للتأكيد على ضرورة الحوار السياسي بشكل عام كممر لحل النزاعات، مع التأكيد على أن الحوار الإنساني الهادف إلى حماية المدنيين المهددين في مناطق النزاعات يؤلف بشكل خاص، وجها مميزا من وجوه الحوار.
إن المتحاورين في "الحوار الإنساني" هم طبعا الفاعليات السياسية والحكومات. لكن التطور الكبير في هذا الحوار يكمن في نشاط المنظمات غير الحكومية ذات الهدف الإنساني، الذي بات اليوم من الأهمية بمكان، حيث نشهد قيام نظام إنساني عالمي جديد، وقد اضحى علينا الاعتماد أكثر فأكثر على هذه المنظمات. وإن دور الإعلام في هذا الإطار غني عن البرهان.
وبالفعل، إن الصور التي لا تحتمل، والتي تبث بشكل فوري في جميع أنحاء العالم (كصورة الطفل أيلان مثلا) أثبتت مجددا، إن كان الأمر أصلا بحاجة إلى إثبات، الوضع المأسوي للمدنيين المحاصرين في جحيم الحرب والدور الأساسي الذي أداه الإعلام في توجيه الرأي العام الأوروبي، باتجاه تخفيف حدة السياسات الحكومية حيال موجة لجوء عارمة تجتاح أوروبا.
أما بالنسبة إلينا في لبنان، فأقول والألم يعتصر القلب، أننا أدركنا معنى هذه الحقائق منذ مدة طويلة. فنحن نستقبل اليوم حسب الإحصاء الرسمي مليونين ومائتي ألف لاجئ سوري، أي ما يقارب ثلث عدد الشعب اللبناني، على مساحة وطننا الصغيرة، ونحاول تأمين الراحة لهؤلاء الأشخاص البائسين الذين يعيش معظمهم في التعاسة والعوز الكلي.
استنادا إلى ذلك، ينبغي لنا أن نشير هنا إلى أهمية الحوار الإنساني في إدارة وضع النازحين وحماية المدنيين المهددة حقوقهم وسبل عيشهم في مناطق النزاعات.
نعلم جيدا أنه حين يصبح الحوار السياسي بين أفرقاء النزاع مستحيلا، يجب أن يستمر الحوار الإنساني. وعليه، في هذه الحالة، أن يمسك بروابط التواصل من أجل الحفاظ على القنوات الكفيلة بتأمين حماية المدنيين. وإن لوسائل الإعلام دورا اساسيا في هذا المجال ايضا. وكوزير للاعلام في لبنان، أشدد مرة أخرى على هذا الدور.
وهنا، لا بد من الاشارة الى العلاقة الملتبسة احيانا" بين وسائل الاعلام والعاملين في الحقل الانساني، ولا سيما المنظمات غير الحكومية، التي يحتاج عملها الى الكثير من الكتمان والحذر ويفرض عليها بعض الحياد والبقاء على مسافة من وسائل الاعلام بحكم أن عملها يتم في مناطق قتال، وأن سلامة المدنيين تتطلب الكثير من الحياد. غير ان هذا الحياد لا يجب ان يأخذ طابعا من اللامبالاة يوازي أحيانا التواطؤ. كذلك يجب ألا يقود هذا الحياد إلى اي عداء بين العاملين في الحقل الانساني وبين وسائل الإعلام.
هذه الوسائل تشكل جزءا أساسيا في الحوار الإنساني بسبب القدرة على التعبئة الكبيرة والحشد. فالإعلام ضروري لأن مهمته إيصال المعلومات وتكريس الحق بالمعرفة من أجل انجاح الحوار الإنساني. هذه السلطة التعبوية للرأي العام أصبحت عالمية اليوم. ان هذه الرافعة يجب أن تكون مدركة لقوتها وان تعمل آخذة في الإعتبار متطلبات الحوار الإنساني.
هناك معادلة ينبغي الموازنة في ما بين عنصريها: الاول هو الحق بنقل المعلومة. وأنا كوزير للاعلام أؤكد هذه المسألة. اما العنصر الثاني، فهو ان الحرية في نقل المعلومة يجب ان تمارس بمسؤولية.
فالحرية لا تتناقض مع مفاهيم اخرى، بل هي تفرض احترام سائر القيم، ومنها حقوق الغير ومشاعر المواطنين في مناطق النزاع، حتى يكون عمل الجهات الإنسانية فعالا.
والمسؤولية تفرض أيضا أن يمارس الإعلام رقابة ذاتية عند اختيار الموضوعات والصور، لان الطريقة التي يتم بها عرض الإعلام لمشاهد العنف المروعة في مناطق النزاع يمكن أن تعرقل الحوار الانساني أو أن تخدم بالعكس دور الرافعة الذي ينبغي لوسائل الإعلام أن تلعبه في هذا المجال.
أفكر مثلا بمشاهدي قناة فرنسية عن موضوع اثارته احدى المجلات الفرنسية: خلال ساعتين من العرض الخاص شاهد المتابعون رهينة مكبل اليدين راكعا يحيط به جلادوه. وقد احتل هذا المشهد المساحة الكبرى من الشاشة فيما حشر المذيع مع ضيوفه في زاوية على يسار الشاشة، والنتيجة هي أن المشاهد لم يعد يسمع الأحاديث والتعليقات، لأن نظره أصبح مسمرا على تلك الصورة المهينة. فأي درس نستخلص من هذا المشهد؟؟
بالفعل، تكون أحيانا أهداف المتصارعين في مناطق القتال نفسية لا عسكرية فقط، كأن ترمي إلى "بث الرعب للترويع". فعلى وسائل الإعلام، وفي حدود دورها في مجال الحوار الإنساني، أن تختار بين ضرورة نقل الخبر والتعبئة لإنقاذ المدنيين، وبين التحول إلى وسيلة لتحقيق أهداف المتصارعين.
وفي الخلاصة، لا يوجد تناقض بين مهمة العاملين في الحقل الإنساني وبين وسائل الإعلام في الحوار الإنساني، كلاهما يحتاج الى الآخر. والتماثل في الأدبيات المهنية مفروض عليهما كجزء من عملهما المشترك".
متحدثون
ثم كانت مداخلات لكل من: رئيس جامعة البندقية السفير أمبيرتو فاتاني، الذي تحدث عن "التعليم والإعلام في خدمة ثقافة الحوار"، فالنائب في البرلمان اللبناني والاستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور علي فياض، الذي تحدث عن "العلاقات الدولية في خدمة الحوار الدولي والسلم الأهلي"، فالأمير نايف ثنيان آل سعود، نائب مدير كلية الإعلام في جامعة الملك سعود والذي عرض موضوع "الإعلام وبناء مساحة مشتركة للحوار، فكلمة رئيس المركز الدولي للأبحاث الإستراتيجية والإعلام العميد المتقاعد في الجيش اللبناني والذي تحدث عن "التحريض على العنف في الإعلام والتأثير على الحوار".
ثم كانت مداخلة عن "الإعلام وتجذير حقوق الإنسان في الصراعات من أجل تعزيز الحوار" للجنرال ديمتريوس زافيروبولوس، نائب المدعي العام في محكمة الإستئناف العسكرية في أثينا، نائب رئيس الإتحاد الدولي للقانون العسكري وقانون الحرب.
الجلسة الثانية
أما الجلسة الثانية، فتمحورت حول الحوار لخدمة الأمن الاجتماعي والسلام، وتحدثت فيها رئيسة الجلسة السيدة Schimpf Mechthild، مديرة منطقة الشرق الأوسط في WAN-IFRA (الرابطة العالمية).
اما عن الحوار الانساني: رؤية أمنية وعدلية، فتحدث وزير العدل اللواء أشرف ريفي.
وعن الإعلام الأمني وثقافة الحوار فتحدث الدكتور جمعان بن رقوش رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ـ الرياض- المملكة العربية السعودية.
وعن العوامل الاجتماعية والحوار الانساني تحدث البروفسورGiorgio PACIFICI استاذ في العلوم السياسية – جامعة السوربون باريس ـ فرنسا.
وعن تعزيز مبادرات الحوار لأجل التواصل الانساني، تحدث الدكتور سيف المعمري عن جامعة السلطان قابوس – سلطنة عمان.
والجلسة الثالثة تحدث عن الحوار الإنساني: مفهوم انساني، ترأسها البروفسورMassimo BARRA، عضوالهيئة الدائمة للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، في جنيف.
وعن التنمية الدولية والحوار، تحدث الدكتور دميانوس قطار، وعن الصحافة المكتوبة: مدخل يومي دولي لثقافة الحوار. والدكتور صالح الحميدان، المدير العام لصحيفة اليوم - السعودية، وعن العمل الإنساني الدولي والحوار، تحدث رئيس الهلال الأحمرالتونسي الدكتور طاهر الشنيتي، وعن العوامل الإنسانية الدولية وسياسة الحوار الدكتورة Monique J. Beerli/ العلاقات الدولية، جامعة جنيف، وعن الحوار الإنساني والعلاقات الدولية البروفسور ناصر زيدان ـ الجامعة اللبنانية.
24 تشرين الاول 2015
إرسال تعليق