0
لأن لبنان شارل مالك وكميل شمعون وجواد بولس وادوار حنين.. لأن لبنان فينيقيا ومصدّر الحرف الى العالم أجمع ولأن لبنان كان معبراً للغزاة، لكنه كان مقبرة لمن عبر، ومقصلة لمن خطر، ولأن تاريخ البطاركة الموارنة لم يطلع عليه بعض رجال الاكليروس، ومن من بينهم بعض الموارنة، ربما لأن سياراتهم الفخمة المعدة للسباق والبذخ والمرصعة بالماس والياقوت لا تصل الى قاديشا وقنوبين وادي القديسين وكفيفان وجربتا وعنايا ودير مار ليشع وحردين ودير مار مارون في العاصي ودير مار أنطونيوس قزحيا وبقاعكفرا.

ولأن أحد البطاركة بشهادة تاريخهم أوقف الشمس يوماً وأطال مغيبها ولم يكن من رجال دين يبيعون ويشترون ويبذرون ويتنازلون عن أقدس مقدسات البقاء والوجود في هذا الشرق عنيت بها رئاسة الجمهورية. ولأن القول ان قلوبهم كانت من ذهب وعصيهم من خشب قلبها من لم يحسن الامانة فمارس عبادة العصي من الذهب أما القلوب فاضحت من خشب، ولأن سيادة المطران مظلوم تناسى أو تجاهل أو جهل تاريخ لبنان المعاصر والقديم.

ولأن سيادة المطران – والى أن يؤكّد غبطة البطريرك – أن كلامه الذي يحمل "مداميك الشهامة والبطولة والعنفوان"، لا يمثل مواقف بكركي التي أفصح عنها غبطته ومفادها "أولوية انتخاب رئيس للجمهورية"، أم كان خطأ فادحاً بحق بكركي ومقامها قبل أن يكون خطيئة بحق الموارنة. ولأن سنة وشيعة ودروز لبنان متمسكون بأولوية انتخاب رئيس ماروني فيما مطران قيم على بكركي يعرض كرسي الرئاسة في سوق النخاسة!!

فان الموارنة وفي مقدمهم غبطة البطريرك الماروني ومطارنة الطائفة والمؤسسات الكنسية والدينية واللاهوتية وسائر رجال الدين الموارنة وكذلك الرابطة المارونية كما الزعماء الموارنة ونواب الطائفة، وعلى وجه العموم كل من يزعم الحرص على مكانة الطائفة ومؤسساتها وكرسي الرئاسة وكرامة الطائفة وديمومتها ومصلحتها وعزتها ومستقبل ابنائها وسائر المغتربين الموارنة، فهم مدعوون لاتخاذ موقف رداً على هذا التصريح الخطير، والعرض المجاني للتنازل عن أبرز ركائز وضمانات الطائفة المارونية في الشرق، والا فان زعم الدفاع والحرص على الموارنة يعتبر من قبيل التمثيل والتباكي في وقت تتعرض فيه آخر مجموعة مارونية في الشرق الى عملية اقصاء وتآمر قد يكون أحد ابطالها من يعرّض أسمى مركز سياسي ماروني في الشرق للتنازل المجاني أللهم يعلم ما هو مقابل هذا الاسقاط المتعمد لآخر معقل حافظ عليه أجدادنا وبطاركتنا وعظماؤنا بالدم والدموع والاضطهاد خلال قرنين من الزمن،

وقد سبق أن هبّت عاصفة قامت ولم تقعد منذ عقدين حين تنامى على مسامع الموارنة أن ثمة صفقة في التداول بموضوع بيع دير الكسليك، لكن خطوط الدفاع الخلفية الحمراء للموارنة حالت دون السير قدماً وأطاحت بالصفقة برمتها، فكيف بصفقة تنازل عن كرسي الرئاسة أن تمرّ مرور الكرام يا سيادة المطران؟ وهل لهذا القدر الموارنة لقمة سائغة وملكاً شائعأً مستباحأً في اسواق النخاسة للبيع والشراء؟

سيادة المطران الكريم: لم نركع لاربعين عاماً لسيادة رئيس دولة حكم الشرق الاوسط بالحديد والنار وبقي وسلالته على اسوار زحله وقنات والاشرفيه وتل الزعتر قبل أن تندحر جيوشه في لبنان قبل اندحارها منذ سنوات مرة أخرى على ارضها، ولن نركع لسيادة رجل دين ماروني يعرض كرسي الرئاسة على طبق من فضة لاعداء الموارنة.

ان ننسى لن ننسى، وان قلتم وداعاً لكرسي الرئاسة سوف يكون جوابنا: كنيسة الموارنة شعبها ومؤمنوها.. عسى أن تقلّبوا وتتصفحوا تاريخ الموارنة ان لم يكن عار أن يعلّم العلمانيون ولربما الملحدين تاريخ الموارنة لرجال دينهم !!! ففراغ كرسيها الظرفي من شدة عصبهم وتمسكهم به، وان تمسك بها أربعة بأرجلها أم أكثر، فلا بأس، فأنجع من أن يؤتمن عليها بعض جهلة تاريخ الموارنة ويبيعونها حطباً لمواقد الفساد والطمع والجشع والاهمال.. حقاً لن نلوم بعد اليوم الطامعين بكرسي الرئاسة والمتشبثين بها، بعد أن تصدّر البارحة مشهد عرضها النفيس على يد من يفترض أن يكون مؤتمناً عليها وعلى ارثها!

المحامي لوسيان عون - 22 تشرين الاول 2015

إرسال تعليق

 
Top