0
لم يعرف حتى الساعة كيف ستتصرف حكومة الرئيس تمام سلام بدءاً من الأسبوع المقبل حيال مجموعة من الاستحقاقات ستواجهها تباعاً وأبرزها الاتفاق على آلية العمل في مجلس الوزراء في خصوص اتخاذ القرارات والتمديد لرئيس الأركان في الجيش اللواء وليد سلمان في الأسبوع الأول من آب (أغسطس) المقبل والتوقيع على مرسوم فتح دورة استثنائية للبرلمان تخصص لتشريع الضرورة انتهاء بالتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي في أيلول (سبتمبر) المقبل، وهل ستنجح في التوصل إلى تفاهم لتفعيل العمل الحكومي أم إن إبرام الاتفاق حول الملف النووي الإيراني سيدفع ببعض الأطراف المحليين إلى التعامل مع تداعياته كأنها لمصلحته وتأتي على قياسه وتزيد من تشدده للتربع على سدة الرئاسة الأولى؟

قد يكون من السابق لأوانه، كما تقول مصادر نيابية ووزارية لـ «الحياة»، الخوض في النتائج المترتبة على مواجهة هذه الاستحقاقات، لكنها كانت حاضرة بامتياز في لقاء جدة في المملكة العربية السعودية بين زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حضور عدد من الوزراء والنواب في «اللقاء الديموقراطي».

وتؤكد المصادر النيابية والوزارية التي واكبت اللقاء أن الأجواء كانت أكثر من جيدة وأن العلاقة بين الحريري وجنبلاط عادت كما كانت أيام زمان، أي قبل الاختلاف الذي حصل نتيجة وقوف الأخير إلى جانب اختيار الرئيس نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة. وتقول أن التناغم بينهما في مواجهة هذه الاستحقاقات كان واضحاً، وأنهما اتفقا على التواصل مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي بدأ يتصرف في أكثر من محطة سياسية كأنه خارج الاصطفاف السياسي التقليدي بين «قوى 14 آذار» و «8 آذار».

وتكشف المصادر نفسها أن جنبلاط كرر موقفه في الاجتماع أنه سحب مبادرته، وأن لا نية لديه في طرح مبادرة جديدة. وتؤكد أنهما أجريا مراجعة لعلاقتهما بزعيم «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون على قاعدة توسيع رقعة الحوار بين كل الأطراف وعدم حصرها بفريق دون الآخر.

وتضيف أنهما ارتأيا عدم الإذعان للضغوط التي يمارسها العماد عون، خصوصاً في ضوء مواقفه الأخيرة من دون الدخول معه في توتر سياسي أو في سجال يتيح له استغلاله وتوظيفه في اتجاه إظهار الصراع في البلد كأنه بين المسيحيين والسنّة وأن «المستقبل» وراء سلب المسيحيين حقوقهم في السلطة الإجرائية.

وتؤكد المصادر أيضاً أن هناك من يصرّ على تصوير المشكلة كأنها بين عون و «المستقبل»، وهو يحاول أن يتلطى وراءها للهروب إلى الأمام تفادياً للإحراج ويركز في خطابه السياسي على أن تفاهمهما ينتج حلاً لجميع المشكلات العالقة وهذا ما يسعى إليه «حزب الله» الذي يصرّ في حواره مع «المستقبل» في رعاية الرئيس بري على أن يحيله إلى الحوار مع عون بذريعة أنه توصل معه إلى اتفاق لم ير النور.

وتقول المصادر أن عون وعد نفسه باتفاق من جانب واحد مع «المستقبل» وأنه ينتظر منه الالتزام به. حتى إن «حزب الله» رفض في حواره الأخير مع «المستقبل» التدخل لدى حليفه عون لسؤاله عمّا إذا كان على استعداد للعزوف عن الترشح لرئاسة الحكومة في حال تقرر تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، خصوصاً أن «المستقبل» كان أبلغ «تكتل التغيير» في أكثر من لقاء بأن لا فيتو على ترشحه لهذا المنصب شرط أن يلقى إجماع جميع الأطراف في الحكومة.

لكن «حزب الله» تذرع - وفق المصادر - بأنه ليس في وارد التدخل لدى عون لأنه كان التزم بدعم ترشحه لرئاسة الجمهورية، بالتالي يرى أنه في غنى عن الدخول في مشكلة مع حليفه الذي يوفر له الغطاء السياسي لمشاركته في القتال في سورية إلى جانب النظام فيه ضد المعارضة.

أما في شأن التوقيع على المرسوم الذي يجيز فتح دورة استثنائية للبرلمان لتشريع الضرورة، فإن الحريري وجنبلاط يقفان إلى جانب بري «على بياض» ومن دون أي تردد لأن هناك ضرورة ملحة لمصلحة البلد لإعادة تفعيل دور البرلمان بدلاً من الإبقاء عليه معطلاً.

وعلمت «الحياة» من المصادر عينها أن «المستقبل»، من خلال رئيس الكتلة الرئيس فؤاد السنيورة، و«اللقاء الديموقراطي»، يقومان بجهد فوق العادة لدى الرئيس ميشال سليمان لإقناعه بضرورة إطلاق الضوء الأخضر للوزراء المحسوبين عليه للتوقيع على مرسوم فتح الدورة الاستثنائية، إضافة إلى أن «المستقبل» لا يزال يتواصل لهذه الغاية مع حزب «الكتائب» والوزير بطرس حرب بعد أن نجح في إقناع الوزير ميشال فرعون بالتوقيع على المرسوم.

وترى هذه المصادر أن «المستقبل» ينطلق في تحركه من أن هناك ضرورة لملاقاة بري في منتصف الطريق لما يتخذه من مواقف تميزه عن حلفائه في «8 آذار» ولا تتفق مع عون حليف حليفه «حزب الله». وتقول أن من غير الجائز الرد على الإيجابيات التي يبديها بري برد فعل سلبي من انعقاد البرلمان لتشريع الضرورة.

وتتوقف أمام التحرك الذي بدأه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في اتجاه الرئيس سلام بحثاً عن مخارج لتفادي المزيد من التأزم السياسي، خصوصاً أنه على تواصل مع عون بعد توصله إلى «إعلان النيات» بين «القوات» و «التيار الوطني الحر». وتقول أن جعجع اقترح على سلام أن يدرج قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسة التشريعية.

لكن سلام - كما قالت المصادر - ارتأى أن القرار في هذا الشأن هو من صلاحية رئيس المجلس بالتفاهم مع أعضاء هيئة مكتب البرلمان، وبالتالي لا بد من مراجعته.

وتبين أن بري لا يحبذ إدراج قانون الانتخاب الجديد على جدول أعمال الجلسة التشريعية. وتعزو المصادر السبب إلى أن الهيئة العامة في البرلمان كانت أجمعت على أن لا قانون انتخاب جديداً قبل انتخاب رئيس الجمهورية لأن من حقه أن يبدي رأيه فيه، إضافة إلى أنه المرجع الوحيد الذي تعود له صلاحية رده أو طلب تعديله.

ومع أن جعجع يتوخى من إدراج قانون الانتخاب أن يوفر له الغطاء للموافقة على تشريع الضرورة، إضافة إلى استعادة الجنسية، فإن المصادر نفسها ترى أن هناك استحالة لإدراجه طالما أنه لا يزال عالقاً أمام اللجنة النيابية الفرعية لإعداده بعد أن تعذر التوافق عليه في اجتماعات اللجان المشتركة والأخرى التي عقدتها لجنة الإدارة والعدل. لذلك، فإن هناك عوائق تبرر عدم إدراجه ومنها أن لا اتفاق على التقسيمات الإدارية ولا على توزيع القانون بين النظامين النسبي والأكثري، وبالتالي فإن البرلمان في ظل الانقسام الحاصل في البلد في غنى عن إقحامه في مزايدات شعبوية تزيد من منسوب التوتر السياسي.

وعليه، تعتقد المصادر أن هناك ضرورة لتذليل العقبات امام انعقاد جلسات تشريع الضرورة فيما سيدفع عدم التوافق على التعيينات العسكرية والأمنية في اتجاه التمديد للقادة الحاليين، وهذا ما يعترض عليه «التيار الوطني» الذي بدأ «يسخن» محازبيه استعداداً لقيامه بمنازلة جديدة في الشارع تتزامن مع انعقاد مجلس الوزراء الخميس المقبل للبحث في آلية العمل لإصدار القرارات.

محمد شقير - الحياة 17 تموز 2015

إرسال تعليق

 
Top