الحكم على اعلان النيّات الذي تم التوافق عليه بين حزب القوات اللبنانية وبين التيار الوطني الحر، والذي انهى عداوة عمرها 27 سنة بين الطرفين، دون الأخذ في الاعتبار العوامل الداخلية والخارجية الضاغطة والشديدة الخطورة، هو حكم ظالم يصل الى حدّ النيّة السيئة، او رغبة دفينة في التمسّك بالحقد القاتل، اوعدم الثقة المطلق بمواقف فريق من الاثنين، او الاثنين معاً، وهو حكم يسيء الى المسيحيين اولاً واللبنانيين ثانياً، والخبر الجيّد ان اصحاب هذا الحكم اقليّة موصوفة، قياساً على الارتياح العام لوصول الحزب والتيار الى هذا الانجاز الذي نتمنى، ومن اجل مصلحة لبنان والمسيحيين، ان يكون من اهل الحياة على اعتبار ان الجرح القواتي ـ العوني آن له ان يلتئم، وآن للنزف المسيحي الذي يطول جميع البيوت والعائلات ان يتوقف، ولكن هذا الموقف الايجابي من اعلان النيّات، لا يعني البصم على بياض، بل ان هناك بعض الملاحظات والاسئلة التي يتم تداولها، وبنيّة حسنة موثوقة لدى مجموعة من الناس الطيّبين المناضلين من اجل سيادة لبنان وكرامته وحريته، رأيت من واجبي ان انقلها الى المعنيين بهذا الاعلان، وفي شكل خاص الصديقين ملحم رياشي والنائب ابراهيم كنعان، عرّابي الاعلان التاريخي.
يقول اعلان النيّات في مقدمته، انه جرت مراجعة للعلاقة التي سادت بين الطرفين لمدة تتجاوز الربع قرن، والواضح ان هذه المراجعة تبدأ من «حرب الالغاء» ـ كما يسمّيها حزب القوات ـ او «توحيد البندقية» كما يسمّيها التيار العوني، والهدف من هذه المراجعة هو «تنقية الذاكرة»، وفي التسميتين لا يمكننا القول انها كانت «حرباً مجيدة» بل حرباً اودت بحوالى 240 شاباً شهيداً من القوات اللبنانية ومثلهم ربما من الجيش اللبناني، بالاضافة الى شهداء مدنيين وجرحى ومعوقين وخسائر مادية كبيرة، وهجرة الى الخارج لم يشهد لها لبنان مثيلا في تاريخه، ومن الطبيعي ان هناك مسؤولين عن نشوب هذه الحرب، وكان من الجيّد والواجب ان يتضمن الاعلان بنداً شجاعاً للاعتراف بالمسؤولية، كائناً من كان، لأن الاعتراف في الدين المسيحي «فيزا» لدخول الجنّة، كما انه حق من حقوق عائلات الشهداء، كل الشهداء.
الملاحظة الثانية، هي وليدة الغموض الذي طبع المادة الثالثة من اعلان النيّات، والتي على ما يبدو صيغت بشكل «حمّال وجوه» خصوصاً عند اصحاب الحساسية من عدم اخذ السيادة وكأنها شرف اللبناني او عرضه، لأن تطبيقها ـ على حدّ فهمنا لها ـ مرتبط بأخذ المعادلات الاقليمية والدولية في الاعتبار، ما يعني ان على اللبناني الا ينتظر سيادة كاملة على ارضه.
الملاحظة الثالثة تتعلق بالحدود والسلاح والجيش والدولة، وهي في الحقيقة رائعة جداً لتكون حقيقية وقابلة للتنفيذ، قياساً على التحالفات الداخلية القائمة.
يبقى ملاحظة اخيرة: أمنّوا تحقيق مضمون البند 14 ـ اللامركزية الادارية الموسّعة ـ و«الله يسامحكم بالباقي».
فؤاد ابو زيد - الديار 8\6\2015
إرسال تعليق