0
ترددت قبل الاتصال بالأهل والأقرباء في الضاحية الجنوبية، للإطمئنان. وقد كنت على مقربة من منطقة كانت أصوات طلقات الرصاص مسموعة بقوة. اعتقدت للوهلة الأولى أن إطلاق الرصاص ناتج عن تشييع، وهو بات تقليداً شبه دائم، لا احد يتدخل لوقف هذه الممارسات، وإن كانت مناسبتها حزينة. ولهذا السبب لم أتصل. ثم تنبهت أن التشييع والدفن يتمان عادة بعد صلاة الظهر أو العصر، فسارعت الى الاتصال بالبعض، لأكتشف ان زخات الرصاص سببها أن بعض المسلحين يروعون الأهالي ويجبرونهم على ما لا يريدون دفعه خوة في أحد الأحياء التي تغيب فيها الدولة، وتطور الى مشكلة مع بعض الاهالي. ووفق ما افاد الأهالي أن المسلحين "الزعران" أو الذين ينتمون الى مافيا جديدة في الضاحية، كانوا يرتدون ثياباً سوداء، وأطلقوا النار بغزارة في الهواء وروعوا الناس، ثم انسحبوا الى مخابئهم المعروفة وكأن شيئاً لم يكن.

هذا حصل صباحاً، لكن حوادث كثيرة تروع الناس العاديين كل يوم، أو ما يسميهم البعض "جمهور المقاومة" وهو وصف يطال كل الناس القاطنين في الضاحية الجنوبية وفي مناطق أخرى. فهل هذا الجمهور لا يستطيع مواجهة الزعران والمافيات التي تقرر ما تريد وترتكب في وسط محسوب على "حزب الله" والى حد ما "حركة أمل"؟ من يحقق بجرائم قتل تحصل وتصفية حسابات وانتشار مافيات توزع المخدرات محمية وتمارس كل ما تستطيع؟ وهذه يمكنها مواجهة القوى الأمنية والجيش، بغض النظر اذا كان البعض منها محسوب على عائلات أو عشائر معينة؟

ما عاد مقبولاً ان تستباح مصالح الناس من مافيات وعصابات تنتشر في الأحياء وبين الاهالي في الضاحية الجنوبية، وفي مناطق أخرى. في حين ان السلاح ينتشر في كل مكان، ولا أحد يستطيع وقف هذا التدهور وهذه الممارسات المحمية في مناخ سياسي عنوانه "صمود الضاحية" و"خزان المقاومة". ذلك ان هذه الممارسات والقدرة على رفع السلاح في وضح النهار، وجدت مناخاً مهيئاً وفرته الحالة السياسية في الضاحية ، وهناك كثيرون يرفعون السلاح تحت عنوان المقاومة ليمارسوا أبشع انواع التعدي على الناس الذين يعتبرون من "جمهور المقاومة" ، طالما ان القضايا الكبرى وانخراط المقاومة في القتال السوري، لا تلتفت الى هذه الممارسات، وطالما ايضاص ان الضاحية مهددة بعمليات إرهابية! يهون كل شيء أمام الجهاد الأكبر.


فإلى جمهور المقاومة، كفى تغطية لما يحصل، ولتكن كلمة للفصل بين ممارسات تنفذها مافيات تعتدي على الناس في مناخ سياسي مؤاتي، وبين العودة الى أحضان الدولة وموقف حاسم من "حزب الله" ضد ما يحصل.


ابراهيم حيدر - "النهار" - 10\6\2015

إرسال تعليق

 
Top