0
منذ يومين، صرح استخباراتي أميركي أن "الأسد يلجأ حالياً مع وضعه المتأزم إلى استخدام دفاعاته الأخيرة المتوفرة". لقد تألبت عليه القوى المناهضة من كل جانب وذهبت سوريا من يديه قطعاً مبعثرة لم يبق منها سوى دمشق واللاذقية والممر الضيق الذي يربطهما عبر القلمون الذي صدرت الأوامر لحزب الله بالدفاع عنه حتى أخر رجل.

الضربات تُكال للأسد من قوى أربع وفي وقت معاً: فهناك تحالف ناشيء وقوي هو "جيش الفتح" المدعوم من تركيا والسعودية وقطر تمكًن الشهر الماضي من احتلال إدلب. وهناك "جبهة النصرة"، إبنة عم القاعدة، التي تؤازره في القلمون. وهناك داعش التي قضمت لتاريخه ثلثي الأرض السورية. وأخيراً لا آخراً، هناك "الجبهة الجنوبية" التي تعهدتها الولايات المتحدة بالتدريب والتسليح، والتي أطبقت منذ أيام على قاعدة اللواء 52 الكبرى شمال الجولان، المعتَبرة عسكرياً بوابة الطريق لدمشق. وتحاول إيران عبثاً ضخ العناصر المقاتلة التي يفتقر إليها جيش الأسد بعد أن فر آلاف المتطوعين الإيرانيين والباكستانيين والأفغان من جحيم المعارك، ولم يبق أمام الجنرال سليماني سوى خيارين: الحرس الثوري أو حزب الله. قتامة الوضع السوري دفعت بالرئيس روحاني الأسبوع الماضي لإطلاق صرخته الحزينة: "سنبقى مع نظام الأسد حتى نهاية الطريق"، ما يوحي أن هذه "النهاية" قد اقتربت!.


**

لقاء عون\جعجع: اتفاق ام نفاق؟

لا أحد يدري ما جرى من كلام "سري" في خلوتهما القصيرة أو زيارتهما لشتول "الخُضرة" التي زرعها عون بيده. لقد أمل اللبنانيون وبخاصة الموارنة أن "اتفاقاً ما" ربما أبرم بينهما لإنهاء العقدة الرئاسية، لكن ما بدا على السطوح العونية والقواتية أن اللقاء كانت له غايات ثلاث: تكبير شخصية الحكيم "لتنازله" بزيارة الجنرال، إبقاء قضية الرئاسة في مسارها المجهول وإعطاء الموارنة شحنة سيكولوجية مضللة أن الدنيا بخير. 

ومن باب "خذوا أسرارهم من صغارهم"، فضح نعيم قاسم نوايا حزب الله: "إما عون أو لا رئاسة!" وترجمة هذا الكلام قديمة متجددة: "نحن أو لا أحد". أما اجتماع القطبين المارونيين فصحّ فيه قول الشاعر: "وقد تنبت "الخُضره" لعونٍ وجعجعٍ/وتبقى حزازات القلوب كما هي".

بعد التصريحات "المشتركة" للناطقَين الرسميَين قاسم وباسيل، أمسى توجّه زعيمينا المشاكسين: إما أنا في بعبدا أو لا للبنان. وهذا ليس بغريب، لقد تعود الرأي العام اللبناني على "أهازيجهما" المضللة: عون يدّعي حماية المسيحيين ليدخل القلوب الساذجة، وجعجع ينادي بالثبور لتعطيل المؤسسات كي يُوصف "بالإتزان". والإثنان يعزوان المشكلة لعدم انتخاب أحدهما رئيساً للجمهورية!. فيا لسخرية قدر هذا البلد الغائص في الفوضى والضياع دون أن يدرك أي من هذين فداحة المشكلة، ولا عجب، فالكراهية التي لا تزال في عظامهما منذ حرب الإلغاء والتي أوصلتنا لهذا الدرك المخيف لن تمحوها مظاهر الشم والضم.

ألم يدرك عون لتاريخه أن حزب الله لا يريده رئيساً للجمهورية؟ ألم يدرك جعجع أن المسلمين لا يرغبون به رئيساً؟ عامتهم تردد اليوم أن "البلد ماشي والشغل ماشي" دون رئيس، ونبيه بري في غاية الإرتياح كونه "رئيس الأمر الواقع" للجمهورية، لكن السؤال الكبير هو "كيف" يمشي البلد وإلى أين بل إلى متى؟ لقد أصبح "دولة مارقة" أو "حكومة فاشلة" تلوكها ألسن الغربيين والمشارقة على السواء، بل استحال "رجل العروبة المريض" يرسل سياسييه المراهقين للتسول على أبواب العرب والعجم، وهذا يرجع أولاً وأخيراً إلى عنجهية عون وجعجع.

د. هادي عيد - منبر "ليب تايم" 10\6\2015

إرسال تعليق

 
Top