0
غالباً ما تبدأ أخبار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بفعلَي "أعرَبَ"، ويأتي بعده دائماً "عن قلقه"، و"رحّب". ويبدو وَقْع مواقف سعادته شبه معدوم ولا يساوي موقف ضابطٍ رفيع معنيّ بالحروب والأزمات التي تشغل أكثر من بلدٍ في هذا الشرق.

تذكّرني مواقف سعادة الأمين العام، التي بالكاد تجد مساحةً في الإعلام، وإن وجدت فليس لها من يتابعها أو يهتمّ بها، بمواقف بعض الأحزاب اللبنانيّة التي بالكاد يصل أعداد المنتسبين إليها الى عدد تشكيلة فريقٍ لكرة السلّة، من دون الاحتياط، ومع ذلك لا تتأخر هذه الأحزاب عن إصدار البيانات الأسبوعيّة وإعلان المواقف، وهي تبدأ أخبارها عادةً بفعلَي "حذّر" أو "نبّه". لكنّ التحذير والتنبيه لا يفعلان فعلهما بأحد، وربما لا يتجاوز عدد قرّاء هذه الأخبار أعداد الزملاء المحرّرين المرغمين على قراءتها قبل تحريرها ونشرها.

ومن بين هذه الأحزاب واحد كان يوزّع لقطات لاجتماعات "المكتب السياسي" لحزبه على الإعلام، وكان يبدو في الصور جالساً على رأس طاولة السفرة في منزله، ومن حوله زوجته وأولاده ووجوه غير معروفة، يرجّح أنّها تضمّ السكرتيرة والمرافق والسائق، وربما شاب "الدليفري" الذي أوصل "الطلبيّة" فاستُبقي لحضور اجتماع المكتب السياسي. ولولا الملامح اللبنانيّة الواضحة لهؤلاء لساورتنا شكوك بأنّ صاحبنا استعان بمدبّرة المنزل الأجنبيّة لملء كامل كراسي السفرة.

ولم يكن رئيس الحزب هذا، والأصحّ تسميته بـ "الحُزَيب" إن شئنا الدقّة أكثر، يتردّد في التوجّه في بياناته الى رؤساء دول، كأن ينصحهم أو يدينهم أو، حتى، يحذّرهم. وكان يفعل ذلك كلّه وهو جالس على طاولة السفرة، في المنزل، ومع ذلك يصيغ عبارات تُشعر من يقرأها بأنّ صاحبها يجلس وراء مكتبٍ في أحد مراكز صنع القرار في العالم.
 
إلا أنّ رئيس الحزب هذا، وغيره من أمثاله، يملكون فضيلةً لا تتوفّر لدى رؤساء الأحزاب "الكبيرة" والتي تملك قواعد شعبيّة واسعة. فهو يشكّل دليلاً على أنّ السياسة في لبنان لا تخلو من بعض الطرافة وتتيح لي ولزملائي أن نتسلّى في جلساتنا الخاصّة بأخبار هذا الرئيس وأقرانه، في حين يشغلنا القادة والزعماء بسجالاتهم التي لا تنتهي، والتي تدعو، على طريقة بان كي مون، الى الإعراب عن القلق.

داني حداد - MTV - 30\4\2015

إرسال تعليق

 
Top